الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التواصل والشعب


تحدثت فى المقال السابق عن حالة الفراغ القائمة ( سياسيا واجتماعيا ) نتيجة ضعف الاحزاب السياسية والجمعيات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدنى وانها تبنت افكارا " مستوردة " بعيده كل البعد عن الهوية المصرية الوسطية المعتدلة وكذلك بحثها الدائم عن مصالحها الشخصية.

وكانت النتيجة الطبيعية انها فقدت ثقة المواطن المصرى، فأدار لها الشعب المصرى ظهره ولكن بالتأكيد تبقى هناك عوامل اخرى ومتعددة ساعدت على وجود حالة الفراغ والبعد بين الشارع المصرى والمؤسسات المدنية منها على سبيل المثال لا الحصر، مع عدم وجود رؤية واضحة لهذه الكيانات والبحث عن مكاسب مؤقتة وكذلك عدم قدرتها على التواصل مع الشارع المصري فى قضايا تمس مصالح المواطن البسيط .

ولضمان نجاح اى دولة فى تحقيق التقدم والازدهار والرفاهية لشعوبها فلابد من وجود حالة من " التكامل والتفاعل "
بين المؤسسات المدنية والمؤسسات الحكومية تقوم من خلالها المؤسسات المدنية بملء " حالة الفراغ " نتيجة قصور المؤسسات الحكومية فى التواصل مع بعض القطاعات او الافراد او نقص الامدادات و الخدمات .

وهى نقطة مفصلية ادركتها ووعيتها جيدا " جماعة الاخوان " " الارهابية " منذ سنوات بعيدة فعملت على مساعدة المواطن البسيط فى كافة المجالات " الاجتماعية والاقتصادية والثقافية " بل واستخدمت هذه الميزة " ميزة التواصل " فى المجال السياسي خاصة خلال العملية الانتخابية وكونت قواعد شعبية داخل المناطق الاكثر احتياجا والاقل تعليما وثقافة .

ومما لاشك فيه ان حالة " الفراغ "هذه مازالت قائمة.. بل وحاضرة بقوة خاصة مع اداء باهت من قبل الحكومة وعلامات استفهام كثيرة حول اداء المجموعة الاقتصادية فى ظل قرارات الاصلاح الاقتصادى الاخيرة وما نتج عنها من زيادة معدل التضخم والذى تبعه ارتفاع شديد فى الاسعار وموجة من الغلاء بل ونقص فى بعض السلع الاساسية ( مثل السكر والزيت وبعض الادوية ) .

ومع اعترافنا بالوضع الاقتصادى الصعب للدولة المصرية و بضرورة اجراء هذه الاصلاحات الا ان عدم وجود آلية فاعلة من قبل الحكومة لمراقبة الاسعار والحد من الاحتكار وجشع التجار بل انها تركت المواطن البسيط يواجه مصيره مع هؤلاء بدون دعم فعلى وحقيقى وكذلك بدون حساب رادع ... وكان أقصى ما فعلته الحكومة هى برامج الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعى والتى لايشعر بها الكثير من أبناء الشعب المصرى .

وعلى اى حال فلست هنا بصدد الحديث عن الحكومة ومؤسسات الدولة فقط ... ولكن يبقى علينا جميعا ان نعترف بان اى دولة ( الدولة هى ارض وشعب وسيادة ) لا يمكنها ان تنجح وتحقق التقدم الا بالوحدة و التكاتف والتعاون بين مكونات هذه الدولة (الشعب والحكومة ) حيث تؤدى الحكومة دورها ،،، كذلك يجب على المؤسسات والكيانات المدنية ان تقوم هى الاخرى بتأدية دورها فى عملية التواصل بين الشعب والشعب ( من خلال الجمعيات والمؤسسات الاهلية ) وبين الشعب والحكومة (من خلال الاحزاب السياسية ) .

ويبقى السؤال كيف يتواصل الشعب ... مع ... الشعب او الحكومة؟

والاجابة ببساطة نجدها فى الفترة مابين هزيمة يونيه 67 ونصر اكتوبر 73 ..... فبعد نكسة يونيه 67 اعادت الدولة المصرية ( شعبا وحكومة ) بناء جيشها سريعا وبدأت قيادات الجيش المصرى فى وضع البدائل والخطط العسكرية لمعركة العبور و تحرير ارض سيناء وبعد ان قام " الكيان الصهيونى " ببناء الساتر الترابى المعروف باسم " خط بارليف " على الضفة الشرقية للقناة كانت البدائل المطروحة فى الخطة العسكرية محصورة فقط فى ضرب خط بارليف بالديناميت او النابلم او استخدام المدفعية ولكن بقيت مشكلة وهى النسبة العالية المتوقعة للخسائر البشرية .

وعنما تم طرح هذه المشكلة من المستوى الاعلى الى الصفوف الثانية والثالثة فى الجيش المصرى .
طرح الضابط المصرى " باقى زكى " فكرة بسيطة وعبقرية فى نفس الوقت وهى تجريف الساتر الترابى وفتح ممرات فى خط بارليف عن استخدام ضخ المياه بل وتحويل العائق الاول " المجرى الملاحى " الى ميزة وذلك عن طريق استخدام مياه المجرى الملاحى فى تجريف الساتر الترابى .

ولان المؤسسة العسكرية المصرية هى مؤسسة منضبطة وهناك "مسار و ألية "واضحة محددة فى عملية التواصل بين درجاتة المختلفة فقد تم رفع هذه الفكرة الى القيادة العليا وتم تجربتها على ساتر ترابى مماثل وبعد نجاها تم اعتمادها فى الخطة العسكرية للعبور .
وهنا بيت القصيد .......
فحتى يتواصل الشعب ... مع... نفسه او مع الحكومة فاننا بدون شك نحتاج الى ألية واضحة ومحددة وكذلك كيان وطنى مدنى قوى قادر على التعامل مع مشاكل وهموم الوطن بشكل حيوى ومنظم ..... بعيد كل البعد عن بيروقراطية مؤسسات الدولة وبعيد عن الفساد الذى عشش فى الجهاز الادارى للدولة وبعيد عن المحسوبية والرشوة
كيان او مؤسسة مدنية تستطيع ان تستقبل الافكار والحلول المبتكرة والغير تقليدية من الشعب المصرى فى كافة المجالات سواء كانت ( صناعية او زراعية او تكنولوجية اوطبية أو ....... ) لتحقيق طفرة ونمو فى كافة المجالات يعود بالنفع على الدولة المصرية ( شعبا وحكومة ).

فالشعب المصرى بدون شك يمتلك الكثير والكثير من العقول المبدعة والمبتكرة والتى للأسف تقدم للعالم الخارجى كل يوم حلول وابتكارات واختراعات تستفيد منها المؤسسات والشركات العالمية لتجنى من ورائها المليارات ..... فقط لان " الكثير " من هذه العقول المصرية المبدعة لم تجد داخل وطنها من يتواصل معها ويقدم لها يد العون والمساعدة والدعم الكافى لتطبيق هذه الافكار والحلول .
نحتاج الى كيان مدنى يستطيع ان يتواصل ويتفاعل مع الشعب المصرى فى حل مشاكله اليومية ومشاكلة الاجتماعية التى تتزايد يوما بعد يوم ....دون الإنتظار لحلول بيروقراطية قد نختلف عليها
نحتاج الى كيان يرسخ لقيم وعادات وتقاليد وهوية الشعب المصرى الوسطية المعتدلة والبعيدة كل البعد
عن " التطرف الفكرى " او" التسيب الاخلاقى ".

نحتاج الى كيان يملأ " الفراغ القائم " حتى لا تعود " خفافيش الظلام " فى المستقبل لدورها فى ملئ هذا الفراغ
نحتاج ان نساعد انفسنا ... وان نتواصل مع انفسنا .... وان نثق فى انفسنا .
ويبقى السؤال .... قائما
هل سيتواصل الشعب ... مع ... الشعب
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط