الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الفلاح المصري بين الوعود وغلاء الأسعار


الفلاح المصري ملحمة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معان ومصلحات , فهو الحقيقة المصرية القديمة والحديثة الوحيدة الشاهدة على تاريخ الإنسان المصرى على أرض مصر , فالفلاح المصرى تحديدا دون باقى فلاحى العالم حالة مرتبطة بكل الحالات فهو جزء من العدل والظلم والأصالة والوعى والثقافة والعمل والمعاناة ,حينما يرتبط وجود وبقاء الآخرين بوجوده .

ومع ذلك لا تجد على وجه الفلاح المسكين إلا علامات الشقاء , ولن تجد على وجه البسيطة أشقى من هذا الرجل الذى يذهب مبكرا الى " الغيط " ولا يبرحه حتى تغرب الشمس وهو مقوس الظهر يتصبب عرقا والشمس تلفحه والطين يملأ جسده ومع ذلك تجده راضيا مطمئنا وسعيدا بما هو فيه .. ويعود الى منزله يداعب منَ حوله بابتسامة من القلب ويرمى الإفيهات والنكات يمينا ويسارا فيمتلك خفة ظل و"دما خفيفا " أكثر من غيره , ذلك لأنه يريد الحياة والعمل والجد والاجتهاد والعرق الذى يتصبب من جبينه وسائل للوصول الى غايته التى تتلخص فى حياة آمنة مطمئة بعيدة عن المشاكل الحياتية والسياسية , فلا يريد أن يتحدث أو يتعمق فى السياسة بقدر الحصول على قوت يومه .

وللأسف الشديد استطاعت الأنظمة البائدة قتل شخصية الفلاح الحقيقية , فعملت على تهميشه على اعتبار أن وجوده لا يؤثر فى المجتمع فكانت رسالتهم مفادها : أن الفلاح " وجوده زى عدمه " كما يقول المثل المصرى .. لدرجة أن إحساس الفلاح تجاه أرضه تغير وتبدل ففى الماضى كانت الأرض "عرض" يحافظ عليها بأشجارها وثمارها وطينها , لا يستطيع أن يقترب منها أحد ولا يستطيع أحد أن يطلع على أسرارها , أما الان فاستباح الفلاح أرضه مضطرا حينما قام بتجريفها وتبويرها والبناء عليها لتتقلص مساحة الأرض الزراعية ويتقلص عدد الفلاحين الذين يهاجرون الى المدينة بحثا عن ما هو أفضل من مهنة الفلاحة فى الوقت الحالى .

وحينما تتقلص الأرض يتقلص عدد الفلاحين حينها تتراجع الإنتاجية مما يؤثر على النمو الاقتصادى بشكل عام, وتتجدد الإشكالية فى الصراع مابين المتاح والمطلوب , فالمتاح للفلاحين لم يعد يرضى طموحاتهم ولا يقبله عاقل فكيف يكلف الفلاح أضعاف ما يبيع به الإنتاجية , وليس معقولا أو منطقيا أن يتباهى الفلاح بكينونته الان كما كان يتباهى بها فى الماضى , لأنه لم يعد يستطيع الحصول على قوت يومه ... وما تجهله الحكومة فى هذا الوقت أن هجر الفلاح أرضه سيتسبب فى كوارث لا يمكن حلها إلا بإعادة هيكلة منظومة الزراعة من جديد ولكن بعد فوات الأوان , لأن الزراعة هى المدخل الرئيسى للنهضة فى مصر .

ولذلك يجب على الحكومة النهوض بكل المقومات الزراعية وتنمية القرية المصرية على اعتبار أن من فيها بشرا لهم نفس حقوق من يعيشون فى المدينة لأن البعد النفسى عند الفلاح هو ما يشكل وجدانه , فلا يمكن أن يكون ناقما ونافعا لمجتمعه فى نفس الوقت , وإذا رضى وارتضى عمله الشاق المجهد سيكون من أكثر المبدعين, ولكن الرضا لن يأتى إلا حينما يشعر أنه مواطن من الدرجة الأولى وخاصة فى ظل الأزمات الاقتصادية التى انهالت عليه وما زال يأخذها على رأسه باعتبار أن الفلاح المصرى يمثل الطبقة الكادحة ومحدودة الدخل بل معدومة الدخل .

يا سادة ... إن التنمية الزراعية والارتقاء بالفلاح المصري ستكون البداية الحقيقية لبناء مصر المستقبل , ويجب البدء فى إعادة الحقوق المهدرة للفلاح التى سائت حالته ويجب إصلاحها فى أقرب وقت ,كما يجب استغلال اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بالفلاح المصرى فى النهوض به.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط