الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سارة إسلام تكتب: تعليم أم تضليل

صدى البلد

منذ طفولتي؛ دائما ما كنت أتساءل عن سبب هجرة أصحاب المواهب من هذا البلد. كنت أنظر إلى النماذج الناجحة من بلاد أخرى وأتساءل عن سبب عدم هجرتهم من بلادهم الغربية كما يفعل الموهوبون في بلاد الشرق. لكن بمجرد دخولي مرحلة الثانوية العامة وجدت الإجابة واضحة أمامي من دون أي شيء يمكن أن يضللني عن تلك الإجابة.

كلما تذكرت العشرة الأشهر التي قضيتها في الثانوية العامة أتمنى أن أمحيهم من ذاكرتي. كلما تذكرت الأشياء التي تعلمتها ولم أجنِ منها سوى القليل من الفائدة أشعر بالأسى تجاه كل جيل سيمر بتلك المرحلة التي تسمى "مرحلة تحديد المصير". وكأن حفظ المعلومات العقيمة هو الشيء الذي سيكون سر نجاحي في حياتي المستقبلية.

أتذكر بكائي يوم نتيجة الثانوية العامة على الرغم أن مجموعي تعدى 95% فقد كنت أعلم جيدا أن مجموعي لم يكن يعتبر من أفضل المجاميع. ولكن, كان لصديقتي الألمانية و صديقتي الأمريكية رأيا مختلفا, فقد كانا يعتقدان أن مجموعي يؤهلني لأي كلية أريد الالتحاق بها بل سألوني عن عدد المنح التي قدمت لي. فاجئني كلامهن لدرجة أنني استقبلته بالضحكات و لكنها لم تكن لتدل على السخرية بل كانت بديلة للبكاء. جلست بمفردي أتسائل عن كيف سيكون وضعي إذا كنت أعيش في بلد أوروبي.

لا أعرف ما الفرق بين الطالب الذي حصل على95% و الطالب الذي حصل على 99% و خصوصا أن مناهجنا تقيس قدرة الطالب على الحفظ و ليس الفهم. فمن حق كلا الطالبين أن يختار الكلية التي يريدها أو يتم وضع نظام امتحانات القدرات بالكليات ليكون الحكم في تلك المعركة. و عندما نلتحق بأي كلية نسمع تلك المقولة الشهيرة " انسوا كل اللي اتعلمتوا في المدرسة" ثم تتردد مع اختلاف كلمة المدرسة لتصبح " انسوا كل اللي اتعلمتوا في الكلية" و هنا يحدث الاصطدام بالواقع.
دائما ما استمتع بالقراءة عن النماذج التي استطاعت أن تنتقل من القاع إلى القمة مثل: أوبرا وينفري و مجدي يعقوب و ألبرت أينشتاين و الكثير من تلك الشخصيات الناجحة. بعد قراءتي عن تلك النماذج الناجحة أشعر بتدفق الطاقة الايجابية في جسدي و لكن, بمجرد أصطدامي بالواقع و كل الأفكار الروتينية والمبررات الوهمية أشعر بالاحباط و أبدأ في التفكير عن وسائل أخرى لتحقيق أحلامي بعيدا عن مَن مِن المفترض أن يقدموا لى يد المساعدة .
إنني لا أتحدث عن نفسي بشكل خاص و لكن ما أكتبه يضم مشكلات من يشتركون معي بنفس الجيل. ففي عصرنا هذا, عصرالسرعة مازال بعض الناس يفضلون الطرائق الروتينية في العمل و بالتالي يصبح الشباب يفكرون بطريقة و أصحاب المناصب مشغولون بانتقاض الشباب, فهم لا يفركون حتى بشرح ما يدور بعقولهم للشباب.
لن يتقدم هذا البلد خطوة واحدة إذا لم يتقدم بها التعليم و لن يتقدم أبدا إذا استمر أصحاب المناصب بتلقي أفكار الشباب بالسخرية. قدموا للشباب ما يحتاجه حتى ننهض ببلدنا.