الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدسوقي : «وصايا هيكل» لـ «أنور عبد اللطيف» خارطة طريق للنجاح فى الصحافة والإعلام

صدى البلد

أكد الكاتب الصحفي «محمد إبراهيم الدسوقي» مدير تحرير الأهرام، فى تحليله لكتاب «هيكل .. الوصايا الأخيرة» للكاتب الصحفي ومدير تحرير الأهرام «أنور عبد اللطيف» الذي صدر مؤخرا أنه خلطة جمعت بين هيكل الإنسان والمهني ببراعة، وأشاد باللغة الراقية الموزونة بميزان ذهبي للكاتب والتي أبعد ما تكون عن التقعر والفذلكة اللفظية الجوفاء التي يدمنها بعض الكتاب الذين يبدون وكأنهم فى مهمة مقدسة لإثبات تفوقهم واستعلائهم على القارىء باختيارهم تعبيرات وألفاظا مغرقة فى الغرابة وغير متداولة فى حياتنا اليومية .

وأستكمل « محمد إبراهيم الدسوقي» مدير تحرير الأهرام عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعي «فيسبوك» تحت عنوان «وصايا هيكل .. وحلم أنور عبد اللطيف» أن الكاتب استخدم التصوير البصري فى لغته وقدم المشاهد وكأنها صورة متحركة على شاشة أمام القارىء فيها كل تفصيلة مهما كانت صغيرة .

وأوضح «الدسوقي» أن «أنور عبد اللطيف» اختار وصف الوصايا لدي تناوله نصائح هيكل المهنية والتي لخصها فى عشر يتفرع منها عشرات بل مئات النصائح لمن يود النجاح والتفوق فى مهنة الصحافة والإعلام عموما، وشخصيا آراها خريطة طريق مكتملة الأركان والزوايا لمن يقرأ ويعي من الأجيال الشابة للصحفيين .. وإلي نص المقال .

وصايا هيكل .. وحلم أنور عبد اللطيف

فى حياته ومماته، تظل الكتابة عن الأستاذ محمد حسنين هيكل، محفوفة بالمخاطر والاسلاك الشائكة، مخاطر الانزلاق إلى الدوران فى فلك هالته وأمجاده الاسطورية – وما أكثرها- دون تبصر واعمال للموضوعية والنقد البناء لأفكاره ومواقفه حيال قضايا مهنية وسياسية واجتماعية متشعبة، أو الوقوع فى فخ الناقمين والحاسدين باهالة التراب على تراثه وتاريخه الصحفى والسياسى الثرى والمتفرد، الذى يحسده عليه أقرانه فى بلاط صاحبة الجلالة والعمل العام. وتبقى مساحة ضيقة وعرة بين البديلين اللغمين لا يجرؤ على سلكها والمضى فيها قدما سوى قلة قليلة من المهرة القادرين على وضع أيديهم علي جوانب غنية ومتجددة فى سيرة ومسيرة الأستاذ هيكل الطويلة التى لم تتوقف عن التدفق الغزير والممتع الذى لم يباره فيه احد حتى وافته المنية قبل عام، ويخرج باضاءات تصلح لزمننا، ومغايرة عن المألوف والمتداول عن الراحل المثير دائما أبدا للجدل والاختلاف.

وشهادة حق فقد كان الأستاذ هيكل يمتلك قدرة فائقة على جذب المريدين والعاشقين لعالمه الفريد، ولسحر بيانه عند تحليله المتميز والمبهر لدقائق وخلفيات الأحداث الداخلية والاقليمية والدولية سواء كتابة، أو من خلال اطلالاته التليفزيونية التى ركز عليها فى سنواته الأخيرة لايصال ما يرغب فيه من رسائل وتقديرات.

الاطالة فى المقدمة كانت واجبة قبل أن ندلف إلى لب حديثنا وهو كتاب الزميل والصديق الدؤوب أنور عبد اللطيف، المعنون " هيكل .. الوصايا الأخيرة"الصادر قبل أيام، فالكتاب فى مجمله محاولة للسير فى الحيز الضيق المشار إليه آنفا، لأنه عبارة عن خلطة ذكية جمعت بين الانسانى والمهنى ببراعة ومن قبل البراعة الصدق وعدم المبالغة، فالمؤلف عبر عن أحلامه، منذ أن كان صغيرا، ورغبته فى أن يثبت لوالدته رحمها الله استحقاقه لافتخارها به، وربطه أحلامه تلك كسكرتير تحرير كتب له القدر دخول عالم هيكل لبعض من الوقت، لاتمام مهمته فى اخراج صفحات استئذان الأستاذ فى الانصراف، التى نشرها فى الأهرام على أربع حلقات.

اقتراب أنور عبد اللطيف من هيكل لم يمر مرور الكرام، وكان حصيفا بتسجيله لوقائع اللقاءات التى جمعته بالأستاذ فى منزله ببرقاش فى حينها، وتناولها لاحقا بشكل يخلو من الافراط والتفريط، وساعده ذلك على استحضارها فى اللحظة المناسبة لتخرج فى كتاب قيم يستحق القراءة والتأمل المتعمق، وعبر صفحاته تلمس حرص المؤلف على اظهار الجانب الانسانى فى شخصية هيكل، وعشقه للجمال من حوله، وفى تنسيق غرف بيته الريفى ودور زوجته وفضلها عليه، وحبه لتدخين السيجار واستنشاق دخانه، وشرب القهوة ليس حبا فيها، وإنما تأثرا بأستاذه محمد التابعى الذى ارتبطت عنده الكتابة و الابداع فيها بفنجان القهوة الموضوع الى جانبه، وهى تفاصيل حياتية ربما يراها بعضنا غير ذات قيمة ومغزى، لكنها دالة ومعبرة عن مكنونات وابعاد بطل الكتاب واعتداده الشديد بنفسه، وعلاقته بأبنائه وكيفية تنشئتهم تنشئة صحيحة يعتمدون فيها على أنفسهم وليس على اسم والدهم وشهرته المتجاوزة حدود المحلية للعالمية .

وقد توقفت مليا عند أمرين لافتين، أولهما اللغة الراقية الموزونة بميزان ذهبى وابعد ما تكون عن التقعر والفذلكة اللفظية الجوفاء التى يدمنها بعض الكتاب الذين يبدون وكأنهم فى مهمة مقدسة لاثبات تفوقهم واستعلائهم على القارئ باختيارهم تعبيرات والفاظا مغرقة في الغرابة وغير متداولة فى حياتنا اليومية، ويلزمها مذكرة تفسيرية لإيضاحها للعوام، اضافة للتصوير البصرى، فالمؤلف فى لغته كان يقدم المشاهد وكأنها صورة متحركة أمامك على شاشة تتابع فيها كل تفصيلة مهما كانت صغيرة، وترى ذلك حينما كان يصف حديقة برقاش، واللوحات المعلقة عند حمام السباحة، وشرح الأستاذ لها بما يعكس ثقافته الفنية الرفيعة المبنية على معرفة وسعة اطلاع. كما استوقفنى اعلاء المؤلف قيمة الوفاء، وهى عملة نادرة فى وقتنا هذا، الوفاء لهيكل الذى تعلم واستفاد منه، ولزملاء كانوا عونا وسندا له فى مراحل اعداد كتابه بمن فيهم أشخاص كان يستوضح منهم صحة معلومة معينة، ولعمرك فإن توجهه ذلك مما يحمد له ولغيره من الغيورين على انقاذ الوفاء من الاندثار.

الأمر الثانى أن أنور عبد اللطيف اختار وصف الوصايا لدى تناوله نصائح هيكل المهنية والتى لخصها فى عشر يتفرع منها عشرات بل مئات النصائح لمن يود النجاح والتفوق فى مهنة الصحافة والإعلام عموما، وشخصيا آراها خريطة طريق مكتملة الأركان والزوايا لمن يقرأ ويعى من الأجيال الشابة للصحفيين، فالقراءة بكل أسف وحسرة أصبحت شحيحة ومهدرة المكانة، فالكل يستقى معلوماته وتقييماته مما تتناقله مواقع التواصل الاجتماعى بما فيها من تشوش ومغالطات وتلوين. وكم كان هيكل عظيما وهو يقول للمؤلف انه لا بديل عن صحافة عصرية بأصول وقواعد، وان التجارب مرهونة بسياق تاريخى، وانه مطلوب من الاجيال الجديدة قيادة ثورة على ما فعله جيل الآباء والاجداد، وان صحافة " ملو المقطف" لا تبنى أمة ولا تشكل وجدان قارئ ولا تعيش، وانطلاقا من ذلك أقول إن أنور عبد اللطيف خط كتابا ليعيش ويبقى، فتحية له ولجهده