الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أفريقيا.. بين لعنة الثروة وحلم التنمية


تعاني قارة أفريقيا من حالة متناقضة ما بين أحلام حقبة ما بعد الاستقلال، والواقع الذي عليه القارة منذ تحقيق الاستقلال من الاستعمار التقليدي حصيلة هذا التناقض، هو استمرار وضع القارة علي حالة التبعية، وكأن القارة لم تحصل علي استقلالها بعد، والقصد هنا دول القارة وليس كيانها كوحدة واحدة.

وكانت الصورة الإعلامية الدولية السائدة عن القارة في القرن الماضي، ومازالت مستمرة في القرن الحالي فيما يشبه توريث هذه الصورة حديث مستمر حول النهوض بالقارة ووعود بالتنمية والرخاء، وكأننا كشعوب لا نفهم ولا نعي أن هذا الخطاب استمر كثيرًا، ولا يعدو الأمر في النهاية إلا وعودًا زائفة من جانب الرجل الأبيض بدأها منذ حقبة الكشوف الجغرافية وبداية الاسترقاق ثم الحقبة الاستعمارية، وما بعدها خطاب يعتمد علي وعود التنمية ونشر الرفاهية والثقافة والحضارة والمدنية.

الأمر غير ذلك تمامًا فالحقيقة تؤكد أن النزعة الاستعمارية وقيم الهيمنة والتوسع والانتهازية المفرطة أضف إلي ذلك العنصرية والتعالي حتي إذا نظرنا لنتائج هذه الوعود فواقع القارة يشهد علي معاناة الشعوب الأفريقية، وعدم تحقيق التنمية بمفهومها الشامل، صحيح أن ذلك ليس فقط سببه الرجل الأبيض ولكن في تصوري أن ذلك يمثل أحد أهم أسباب تبعية القارة للغرب حتي الآن.

والدول الأفريقية في معظمها، إن لم يكن كلها مازالت تعاني من أمراض ممتدة كلها شاهدة علي انتكاسات التنمية واستمرار مظاهر ماقبل الاستقلال وما بعده مثل الصراعات والحروب الأهلية والفقر وعدم العدالة في توزيع الثروة والسلطة كان المستعمر سببًا رئيسيًا لهذه المظاهر، والموضوعية تقتضي أن نقول إن خطايا التوجهات للنخب الحاكمة التي مارست الحكم، وأمسكت بزمام السلطة لعقود طويلة بعد الاستقلال ببشرة سوداء وعقول بيضاء لذلك لم يكن مستغربًا استمرار الفقر واستدعاء النزعات القبلية التي زادت من الصراعات والحروب الأهلية صحيح أن هذه الصراعات في تناقص في ظل رغبة داخلية ودعم إقليمي ومحاولة القضاء علي تلك الظاهرة البغيضة.

ولكن تداعيات عدم العدالة في توزيع الثروة والسلطة أدت إلي عدم الاستقرار بمعناه الواسع في جميع النواحي وفقدان الشرعية السياسية مع تعاظم الإنفاق علي السلاح وترسيخ صور سلبية عن الإنسان الأفريقي ووصفه بالهمجي والدموي ومنعدم الحضارة لذلك كانت هذه المشاهد هي المشهد الأهم والأبرز في شتي وسائل الإعلام الدولي، أدي هذا المشهد بطبيعة الحال إلي انعدام أو تقليص فرص التنمية فيما يشبه توريث للصورة الذهنية القديمة عن القارة.

إلي هنا لدي رسالة لمن لا يعرف قدر القارة، فالقارة الأفريقية مصابة بلعنة الوفرة في الثروات والموارد الطبيعية التي جعلت القارة هدفا وعنوانا دائما للتنافس والتكالب الدولي عليها منذ قرون ولكن سوء إدارة هذه الموارد مع التربص الدولي جعل القارة علي حالها، والقصد انتكاس برامج التنمية التي مازلنا ننتظرها منذ أمد بعيد.

كذلك أقول إن ما يتم تكريسه في الإعلام علي بؤس القارة ومشاهد الصراعات وإن كانت بها بعض الحقيقة إلا أن هذه المشاهد وعلي الرغم من بشاعتها قد تكون بداية حقيقية لاستنفار الهمم والبحث عن حلول داخلية واستقلال الرأي الأفريقي بعيدا عن رؤي الغرب التي أدت إلي ما نحن عليه الآن وما زالت الشعوب الأفريقية في انتظار التنمية التي طال انتظارها فهل حان موعد الانطلاق لتحقيقها؟؟؟

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط