الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دبلوماسي: كوريا الشمالية تربح مئات الملايين باستغلال شركات التأمين العالمية.. ومطالبات مشبوهة توفر السيولة النقدية من العملة الصعبة لبيونج يانج

البدلوماسي الكوري
البدلوماسي الكوري الهارب

نائب سفير كوريا الشمالية السابق في لندن:
  •  الشركات الغربية تضطر إلى قبول التسوية مع بيونج يانج ولا أمل لكسبها للقضايا 
  •  يصعب إثبات تزييف الوثائق في كوريا الشمالية
  •  النظام يحصل على ملايين الدولارات من مطالبات التعويض عن حوادث وكوارث مزعومة
  •  الاتحاد الأوروبي وضع شركة التأمين الكورية الشمالية على القائمة السوداء وأغلق فرعها في لندن 

كشف "تاي يونج هو" نائب سفير كوريا الشمالية السابق في العاصمة البريطانية لندن والهارب حديثا إلى كوريا الجنوبية، عن تقديم شركة التأمين الوطنية في بيونج يانج هدية ثمينة للغاية لنظام "آل كيم"، وذلك عبر توفير ملايين الدولارات، خاصة من شركات التأمين في بريطانيا خلال ثلاثين عاما منذ عام 1980، عن طريق اختلاق العديد من الحوادث الوهمية في كوريا الشمالية والتي يتم تزوير تقارير الظروف المحيطة بها ووثائق التحقيقات القضائية حولها لخداع شركات التأمين العالمية والتي تلجأ إليها الشركة المحلية للتأمين الدولي أو إعادة التأمين خاصة على البنية التحتية للدولة.

وقال "يونج هو" لوسائل الإعلام الكورية الجنوبية هذا الأسبوع، إن هذه المبالغ تساهم في توفير العملة الصعبة للقيادة الشيوعية الحاكمة في بيونج يانج لأنه من الصعب إثبات تزييف الوثائق في كوريا الشمالية، المجتمع الأكثر عزلة وانغلاقا في العالم، كما أن شركة التأمين الوحيدة مملوكة للدولة.

من جانبهم كشف عدد من مديري شركات التأمين الغربية، والمسئولين الأمريكيين وكثير من المنشقين عن نظام بيونج يانج عبر حوارات صحفية أجريت معهم، وكذلك من خلال إفادتهم في المحاضر القضائية، أن حكومة كوريا الشمالية الفقيرة المعزولة، حصلت على مئات الملايين من الدولارات من عدد من كبريات شركات التأمين العالمية، من خلال مطالبات كبيرة ومثيرة للشبهة، شملت مطالبات تعويض عن حوادث نقل وحريق مصانع والدمار الناجم عن الفيضانات وغيرها من الكوارث المزعومة.

وأضاف نائب السفير الكوري الشمالي السابق، أن آخر المحاولات التي قامت بها بعض شركات التأمين العالمية لنقض مطالبات بيونج يانج هذه باءت بالفشل في المحاكم البريطانية، وعلى امتداد عدة سنوات، واصلت وحدات تنفيذ القانون التابعة للحكومة الأمريكية في مختلف أنحاء العالم، توثيقها لما تسميه برعاية حكومة كوريا الشمالية للنشاط الإجرامي، وربطت تلك الوحدات بيونج يانج بصناعة وترويج الهيروين والمنشطات، إضافة إلى تزوير الأوراق المالية بقيمة 100 دولار، وكذلك تزوير عينات فاخرة من السجائر.

وتابع الدبلوماسي السابق أنه وإذا كان لم يكشف حتى الآن سوى النزر اليسير جدًا من مطالبات بيونج التأمينية الدولية، فإن السبب وراء ذلك يعود إلى إخفاء النظام الكوري الشمالي لمطالباته التأمينية هذه في ستار من التسويات القانونية مع شركات لا تريد الكشف عن خسائرها المالية الناجمة عن هذه «التسويات»، غير أن بعض تفاصيل الاحتيال التأميني الذي تمارسه بيونج يانج تكشفت في لندن العام الماضي، عندما خاض محامون موكلون عن شركة «أليانز جلوبال إنفستورز» الألمانية العملاقة، وكذلك شركة «لوليدز» البريطانية وغيرها من كبريات المؤسسات العاملة في مجال التأمينات، نزاعًا قانونيًا مع بيونج يانج بشأن مطالب إعادة تأمين تقدمت بها على خلفية تحطم طائرة هليكوبتر في مستودع مملوك للحكومة في العاصمة بيونج يانج.
 ووفقًا لمحاضر المحكمة، فقد دفع المحامون بأن تحطم الطائرة نفسها كان مدبرًا ومقصودًا، وأن قرار المحكمة الكورية الشمالية القاضي بتأييد تلك المطالبة كان مزورًا، إضافة إلى دفعهم بتعود كوريا الشمالية باستمرار على رفع المطالبات التأمينية هذه، حرصًا منها على ملء جيوب «الزعيم المحبوب».

يذكر أن المحكمة البريطانية التي عرضت عليها القضية سمحت باستمرار النظر في الدعوى، لكن وما أن نظر في القضية في شهر ديسمبر الماضي، حتى كانت النتيجة انتصارًا قانونيًا كاملًا لبيونج يانج، بسبب موافقة الشركات المعنية بدفع تسوية مالية للقضية إلى كوريا الشمالية، فقد تراجعت الشركات تلك عن كافة مزاعم التزوير التي نسبتها إلى الشركة الوطنية الكورية الشمالية للتأمين، ودفعت لها حوالى 58 مليون دولار أو ما يعادل نسبة 95 في المئة من مطالباتها التأمينية تسوية للقضية، من ناحيته قال محامي الشركة الكورية الشمالية إن الشركات الغربية اضطرت إلى دفع التسوية لأنه لا أمل لكسبها للقضية، «فلم تكن هناك ذرة حقيقة واحدة تثبت مزاعم التزوير والاحتيال المنسوبة للشركة الكورية الشمالية» ذلك ما قاله «تيم أكرويد» المحامي عن شركة «إلبورن ميتشل» في لندن.

واستطرد قائلًا: فإن أي زعم بتزوير كوريا الشمالية لمطالبها التأمينية يظل بعيدًا كل البعد عن الحقيقة والإنصاف، كما تشكك «أكرويد» في صدقية إفادات المنشقين ضد كوريا الشمالية في النزاع القانوني الذي خاضته معها شركات إعادة التأمين بشأن تحطم طائرة الهليكوبتر المذكور آنفًا.

وقال «أكرويد» إن الدرس الذي يجب أن تتعلمه شركات التأمين وإعادة التأمين العالمية هو ألا تقبل مطلقًا بالترافع في أي قضية لها صلة بالتأمين في محاكم كوريا الشمالية.

وتعتبر شهادة الدبلوماسي الكوري الشمالي تأكيدا رسميا على الخداع الذي تمارسه بيونج يانج على شركات التأمين العالمية.
وفي عام 2009 نشرت الــ "واشنطن بوست" أن كوريا الشمالية تتلقى عشرات الملايين من الدولارات من شركات التأمين الأجنبية-على الرغم من وجودها على القائمة السوداء- عن طريق المبالغة في أعداد حوادث السيارات وحرائق المصانع والكوارث الطبيعية.

"كيم كوانج جين" هارب آخر من نظام بيونج يانج وكان يعمل مديرا تنفيذيا لشركة التأمين الوطنية في كوريا الشمالية أكد قيام مديري شركات التأمين الوطنية في كوريا الشمالية بتقديم هدية ثمينة للغاية لنظام بيونج يانج، فقد عبأ بعض هؤلاء في سنغافورة حقيبتين بملايين الدولارات، ثم أرسلوهما إلى بيونج يانج عبر بكين وأرسل إليهم النظام خطابات شكر.

وقال «كوانج» لـــ "الواشنطن بوست" إنه كان طرفًا مساعدًا في تنسيق إرسال الشحنة، إضافة إلى إشرافه على تعبئتها بالنقود، وإن المبلغ ساهم في توفير العملة الصعبة للقيادة الشيوعية الحاكمة في بيونج يانج.
 يذكر أن «كوانج» أمضى خمس سنوات من العمل في كوريا الشمالية مديرًا تنفيذيًا لشركة التأمين الوطنية المملوكة للدولة، إضافة إلى عمله لمدة عام إضافي في فرعها المصرفي التابع لها في سنغافورة قبل انشقاقه على النظام ولجوئه إلى كوريا الجنوبية.

في نهاية الأمر اضطر الاتحاد الأوروبي إلى وضع شركة التأمين الكورية الشمالية على القائمة السوداء وفرعها في لندن بعد أن وسع دائرة العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية بسبب تجاربها الصاروخية والنووية، وذلك بعد أن أدركت الحكومة البريطانية خديعة شركة التأمين الكورية الشمالية مما اضطرها لطرد الشركة في نهاية عام 2016.