الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الملتصقون بالوزراء


مع حركة المحافظين الجديدة والتعديل الوزارى الجديد أود الحديث عن سبب من أسباب فشل بعض المسئولين فى أداء مهامهم الوظيفية، وهو السماح لمجموعة من الانتهازيين بالاستئثار بهم، وعزلهم عن الواقع المحيط بهم، وهم طائفة الملتصقين بالمسئولين فى مصر، وهم غير طائفة المرتزقة المحيطين ببعض المسئولين فى شتى بقاع الارض، فهناك فرق بين الملتصقة وبين المرتزقة من حيث حجم الضرر أو النفع، ومن حيث طبيعة تركيبة شخصياتهم.

فالملتصقه هم مجموعة من البشر اللذين يلتصقون بأى صاحب سلطة أو جاه، بغض النظر عن كون هذه السلطة هى سلطة دينية أو دنيوية، فتجدهم ملازمين لرجل الدين ورجل السياسة، وهؤلاء أسوأ من المرتزقة، لأن المرتزقة سهل التخلص منهم بعزل المسئول الذى يستخدمهم، فالمرتزقة فى الأصل يتم استخدامهم بواسطة المسئول فى مقابل منحهم منافع شخصية، مصالح متبادلة، فهم مقربون بواسطة المسئول الفاشل أو المخادع، أما الملتصقه فهم يلتصقون بالمسئول سواء برغبته أو بعدم رغبت، فهم مرتزقة بالإجبار وليس بالاختيار، وعندما يرحل عن المنصب من يلتصقون به، يلتصقون بمن يأتى بعده .

والملتصقه أنواع.. أبرزهم من يلتصق بالمسئول بهدف الشهرة، وهؤلاء قد لا يشكلون ضررًا كثيرًا، لأنهم فى النهاية أناس سطحيون يرغبون فى الظهور فقط لا غير، والتصاقهم بالمسئول يحقق لهم الشهرة التى يصبون اليها، وهو ربما يكون أقصى أمانيهم، ولكن المشكلة الكبرى فيمن يلتصق بالوزير أو المحافظ بهدف الحصول على السطوة أو الحظوة، وتتحول سطوتهم وحظوتهم الى مركز قوة يستخدمها الملتصق لتحقيق مصالحه الشخصية.

والنوع الأخير هو من أهم أسباب قطع أواصر التواصل بين المسئول وبين المجتمع الذى يخدمه، لأنهم يصنعون حاجبًا بين المسئول وبين الناس، لأن المُلتصق هو شخص أنانى بطبعه، ولذا لا يتورع فى الكذب أو الخداع أو النفاق أو عمل اى شيء فى مقابل الدفاع عن مدى التصاقه بالمسئول، وان كانت النميمة والوقيعة بين الناس هى أهم سمة تميز الملتصقة عن المرتزقة.

وتجد ذلك النموذج من البشر بوضوح عندما يكون المُلتصق هو أحد الموظفين لدى المسئول، وهو ما يطلق عليه عامة الناس لقب (العصفورة) اذا كان الهدف من الالتصاق بالمسئول هو نقل أخبار الزملاء فقط لا غير، وان كان ضرر ذلك الشخص يتوقف على العاملين تحت رئاسة المسئول فقط لا غير، وأقصى ما يطمح اليه الموظف الملتصق هو حظوة تكون طريقه الى مكافأة مادية أو ترقية معنوية فقط لا غير، ونادرًا ما يتعرض الملتصق لغير زملاؤه.

لذا أعتقد أن من حق اى وزير او محافظ جديد مراجعة طاقم العمل المباشر معه، فهؤلاء يجب ان يكونوا من أختياره الشخصى , فهو مسئولًا مسئولية مباشرة عن أختيارهم , وهو شئ معمول به فى معظم النظم الادارية الناجحة حول العالم , فحتى فى البيت الابيض يتم تغيير كل الموظفين المرتبط عملهم بالرئيس السابق , فبعض مديرى مكاتب الوزراء وأطقم العمل معهم يعتبرون الوزير مجرد موظف منتدب لقضاء فترة معينة وسيرحل , ويعتبرون أنفسهم اصحاب السلطة الحقيقية , وللأسف فى أحيان كثيرة يكون ذلك هو الواقع الفعلى.

وهؤلاء مكمن خطورتهم نابع من كون بعضهم قد يشكلون مراكز قوى معطلة للعمل والتواصل بين الوزير وبين قطاعات الوزارة، وبخاصة فى الوزارات الكبيرة، فتجد رئيس قطاع مكتب الوزير هو الآمر الناهى فى كل ما اتعلق بعمل الوزير مع باقى القطاعات الآخرى، فلا مكاتبات ولا مراسلات ولا تصعيد شكوى سواء كانت كبيرة أو صغيرة أو عرض مقترح إلا عن طريقهم، وبعض الوزراء قد ينتظرون توصية رؤساء قطاع مكاتبهم قبل ان يضعوا توقيعهم على أى طلب أو قرار، بحكم كون رئيس قطاع مكتب الوزير خبيرًا عمل مع عدة وزراء سابقين.

أما التعامل مع الملتصقة من خارج العاملين بديوان الوزارة أو المحافظة، فيكون بفتح قنوات اتصال مباشرة بين الوزير أو المحافظ وبين الناس، فالملتصقة ينشطون حول الوزير أو المحافظ الذى يعزل نفسه عن الناس، مما يؤدى الى بحث الناس عن واسطة للدخول اليهم، وفتح باب الوساطة فى قضاء حوائج الناس هو عبارة عن فتح باب واسع يدخل منه الملتصقه بكافة انواعهم واشكالهم ودرجاتهم، فيلتصقون به تحت دعاوى ومسميات مختلفة.

وهؤلاء الملتصقة من السهل على أى وزير أو محافظ التعرف عليهم بسهولة، فسوف يجدهم فى ألبوم صور الوزراء أو المحافظين السابقين له، وفى قرارتهم، وزياراتهم، وفى مؤتمراتهم وندواتهم، وحتى فى قصصهم وحكاويهم السابقة، وإن أمعن المسئول التفكر سيجدهم فى أهم سبب من أسباب فشل كل من سبقوه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط