الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيكولوجية الفاسد والمغتصب


الناظر لشخصية الفاسد والمغتصب فى عالمنا اليوم بل ومنذ القدم، سوف يجد أنهما وجهان لعمله مزيفة واحدة، فالفاسد يمارس السادية ويتلذذ باستجداء وترجى الناس له لتخليص مهمة أو مصلحة فتجده بكل كبرياء يأمر ويملى شروطه بتعالٍ ونظرة فوقية، ملامحه يبدو عليها القسوة والابتسامة المزيفة، نظراته بها شماتة يتركك بالساعات ليرسم لك الخطط والتدابير التى توقعك فريسة فى شراكه، يمارس عليك كل صنوف الضغط النفسي المعنوى حتى ترضخ لما يريد، يتلذذ بما أوتى من سلطة يمارسها عليك ينتشي لفوذه عليك من خلال اغتصاب ما تملك، متبلد المشاعر لا يرق ولا يتعاطف مع أحد، يتفنن فى إرهاق قواك الذهنية والبدنية حتى تقع ضحية لا حراك لها وهنا يشعر بانتصاره عليك وتحقيق مأربه منك.

لديه من المكر والدهاء، ما يمكنه من معرفة مفاتيح شخصيتك، والمدخل المناسب لكل شخص ليوقعه ضحية له، لديه القدرة على وزن قيمة كل شخص شكلاً ومضمونًا، يعرف نقاط ضعف ضحاياه، والأسلوب الأمثل لاستمالتهم إلى حيله الخبيثة، ضليع فى النواحى الإدارية والقانونية، لديه شهوة للمال والجنس، فهو إنسان يعتمد فى بقائه على الغرائز البدائية لاستمرار بقائه، مغرم بالطعام والتملك وجمع المال والبحث عن الشهوة.

يشعر الفاسد والمغتصب بقوته أمام الضعيف ، فتتجدد خلايا البقاء لديه ويشعر بالانتعاش والانتصار أمام أعتاب الضعفاء من ضحاياه، الدماء تضرب فى عروقه بعد حصاد غنائمه سواء كانت أموالاً أو أجساداً بشرية لا يفرق بين امرأة أو طفل أو مسن، الكل عنده سواء.

يصنف هؤلاء الأشخاص فى علم النفس والطب النفسي بمضطربى الشخصية السيكوباتية ذو العلل والأمراض الاجتماعية من رشوة وفساد واختلاس للأموال والاستيلاء على المال العام ومغتصبى النساء والأطفال الضعفاء، وهؤلاء الأشخاص من أخطر الشخصيات التى تدمر البناء الاجتماعى للمجتمعات، وهم بحق آفات المجتمعات والأخطر والأدهى أن هؤلاء معوقى الأخلاق لا يطلبون العلاج أو الإصلاح، لأنهم دائمى التبرير لأنفسهم بحجة الكل فاسد وغلاء المعيشة ونوع من الفهلوة وأن الضحية لها دور وأنا لم أضرب أحد على يده وأن الشهوة والحرمان هو ما دفعنى لارتكاب تلك الجريمة من اغتصاب أو تحرش وأن الناس تستاهل لأنهم لا يأخذون احتياطهم، وتتم كل هذه التبريرات إما شعورياً أو لا شعورياً.

ونحن فى حياتنا اليومية نقابل ونتعامل مع هؤلاء الفاسدين والمغتصبين للعرض والأرض، وأما يصادفنا حسن الحال ونكتشفهم ونتخذ حظرنا منهم أو فى الأغلب الأعم نقع ضحايا لهم من خلال الحاجة أو الطمع أو الإحباط أو الخوف أو كوننا ضحية للضعف كالمرأة الضعيفة أو الطفل الصغير بغرض الحصول على فرصة من خلال رشوة مالية أو عينية أو مركز فى مكان ما أو الترقية لدرجة أعلى.
 
وبقصد أو بدون قصد نجد أنفسنا أصبحنا مشاركين فى الفساد والاغتصاب مما يؤكد للفاسد والمغتصب أن ضحاياهم ليسوا بضحايا بل مشاركين معى فى الفساد والاغتصاب .

فأجد أننا حقًا كأفراد فى المجتمع نشارك فى إفساد المجتمع وتشجيع المفسدين من خلال عدم الإبلاغ عن موظفى الحكومه والإدارات المختلفة سواء فى الجامعات أو المرور أو الأحياء أو التراخيص أو التأمينات أو غيرها من الأماكن التى لا حصر لها ونتعامل معها يوميًا ونسير أمورنا بالمال حتى لا تتعطل مصالحنا وننتظر بالأيام بل حتى بالشهور بل علينا بالاستعانة بالجهات المسئولة عن مكافحة الفساد ولننظر هل حقًا البلد تغيرت هل حقًا هناك مكافحة للفساد والمفسدين أم هى شعارات فقط.

ولا تقف القضية عند هذا الحد بل علينا بتصوير وقائع الفساد والتعدى على أملاك الدولة وإهدار المال العام سواء فى المبانى الحكومية أو فى الطرق العامة أو وسائل المواصلات المملوكة للدولة أو أى مكان نجد به إهمال أو فساد داخل المستشفيات أو المدارس أو الجامعات أو إدارة المرور أو التأمينات وغيرها من الأماكن التى تقدم خدمات للجمهور.. علينا أن نصور الأحداث والوقائع صوتا وصورة وإرسالها للجهات الرقابية كما علينا متابعة ما توصلت إليه تلك الجهات فى القضايا التى أرسلت لهم، وعلى الدوةه ومؤسساتها الرقابية أيضاً أن ترسل بعض الإداريين فى هيئة مواطنين للتأكد من خلو الإدارات من شبهة الفساد والمفسدين، أيضاً نشر الوسائل وأرقام التليفونات ومواقع الوتساب لتواصل المواطنين والإبلاغ عن وقائع الفساد فى كل هيئة أو مصلحة حكومية.

كما علينا محاربة الاغتصاب من خلال الوعى والثقافة المجتمعية فعلينا أن نعى جميعاً أن للضحية دوراً فى الاغتصاب دون قصد وهذا من خلال عدم التسلح بالقوة المطلوبة فى مواجهة المغتصب، وأقصد هنا بالقوة ليست القوة البدنية أو العضلية فقط لا بل القوة من خلال الجماعة أى دائما نسير فى الأماكن العامرة بالسكان والبشر نسير فى وسط الناس خاصة لو كنا بمفردنا، فالمغتصبون يقعون بضحاياهم المنفردين المنعزلين عن الآخرين فدائمًا يوقعون بالأطفال المنعزلين عن بقية أصدقائهم أو بجوار الحدائق المهجوره أو الاماكن الفضاء أو المناطق السكنية المعزولة عن الأعين أيضًا يوقعون بالشخصيات التى يعلمون عنها أنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها أو المقاومة حتى ولو بالصوت لأن المغتصب شخصية ضعيفة يستمد قوته من ضعف ضحيته وإذا وجد الضحية قوية ولا تستسلم ولا تخافه يخشى الاقتراب منها، لذا يجب علينا أن نكون حذرين لا نورط أنفسنا كضحايا للمغتصبين من خلال نشر الوعى والثقافة والندوات والمحاضرات والدورات التدريبية لفهم شخصية المغتصب واتخاذ الاحتياط والحذر المطلوبين للتعامل معها بقدر الإمكان.

لابد من رفع حالة الوعى المجتمعى لمحاربة تلك الأمراض الاجتماعية بالمجتمع، ولتكن حملة للقضاء على الفساد والمغتصبين فى عام 2017، وطموحى وأملى ليس الخلاص نهائيًا من تلك الأمراض ولكن التقليل من نسبتها للحدود المتعارف عليها عالمياً.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط