صراعات اليمين الإسرائيلي تضرب في كل مكان

ذهب نتنياهو الى ترامب .. هربًا من موقف سياسي متأزم .. واتهامات بقضايا فساد تنذر باقتراب نهايته السياسية.. خرج الرجل من لقائه مع ترامب .. محاولًا تعزيز حضوره في الساحة السياسية الإسرائيلية .. ومحافظًا على بقائه في سدة السلطة بضمان اطلاق مبادرات إقليمية ودولية لعملية السلام .. تحافظ على بقائه مدة المفاوضات على الأقل .

اختار نتنياهو مركب اليمين الذى يميل اليه سياسيًا .. وأفشل فكرة حكومة تجمع الليكود وحزب العمل .. ويبدو ان نتنياهو اختار نهايته من داخل تياره .. وبالرغم من تشابه اليمين واليسار فى إسرائيل دمويًا فلا خلاف بين اهداف يائير لابيد (رئيس حزب «هناك مستقبل» اليسارى) وإسحاق هيرتسوج (زعيم المعارضة، ورئيس حزب العمل) وبين كل المتطرفين في اليمين الإسرائيلي ... إلا أن تشكيل حكومة يمينية في تل أبيب أثر بشكل كبير على قدرة رئيس الحكومة الإسرائيلية على خوض مناوراته المعتادة اقليميًا ودوليًا .

بدأ اليمين الإسرائيلي عملية تحجيم نتنياهو واستنزافه .. فأقطاب اليمين يشعرون بأن لديهم فرصة حاسمة لتحقيق اكبر قدر من المكاسب في ظل إدارة ترامب .. ووجدوا أن تحقيق ذلك يتطلب رفض فكرة التفاوض ونسفها من الأساس .. وفى القلب منها التفاهمات الإقليمية الجارية لإطلاق عملية السلام .. بين إسرائيل ومصر والأردن حول اتفاق سلام على أساس حل الدولتين على حدود ما قبل 5 يونيو 67.

من هذا المنطلق .. يمكن فهم المصدر وراء الشائعات اليمينية حول تهجير الفلسطينيين الى سيناء .. على اعتباره أنه توجه يهدم فكرة التفاوض الأساسية والتفاهمات بين مصر وإسرائيل والاردن .. بالتزامن مع التصريحات الصادرة من حزب "إسرائيل بيتنا" التي قالت لا يوجد دولة فلسطينية هناك جزءان الأول في غزة والثانى في الأردن.. ناهيك عن الحديث الاسرائيلي عن لقاء غير معلن جمع الرئيس السيسي وملك الاردن ونتنياهو في العقبة.

المؤكد أن اليمين يخشى حل الدولة الواحدة .. لكن المراهقة السياسية تتجسد في ممارسات اليمين الإسرائيلي حاليًا.. إذ بدأوا يهللون بطفولية بالغة لحل الدولة الواحدة .. تحت مزاعم انهم لا يريدون الان حل الدولتين .. هم يريدون الحل الأسطوري .. دولة إسرائيلية يهودية من البحر الى النهر .. وعلى الفلسطينيين تسوية أوضاعهم بأنفسهم أو على حساب دول أخرى .

يصطنع اليمين الاسرائيلي فرحته الهيستيرية بفكرة الدولة الواحدة .. هم يرقصون رقصة سياسية تخفى أكثر مما تُظهر .. يعلمون جيدًا ان حل الدولة الواحدة سينهى دورهم السياسي .. وسيؤسس لنخبة علمانية جديدة في إسرائيل.. كما أنها ستقضى على يهودية الدولة.
 
اليمين يشعر بأزمته أمام الضغوط الدولية .. ويسعى الى صيغة سياسية تجمع اليمين الإسرائيلي في حزب واحد.. وأكثر المتحمسين لذلك هو نفتالى بينيت زعيم حزب البيت اليهودى .. الذى يرى نفسه مستقبل اليمين بعد نتنياهو.

تهليل اليمين الاسرائيلي للدولة الواحدة .. كان هدفه الأساسي قلب الطاولة على رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي.. والهدف كان واضحًا .. اضعاف فرصة بقائه بحجة التفاوض على أساس الدولتين .. بالرغم من أن الاسرائيليين يمينًا ويسارًا يخشون الى حد الرعب من حل الدولة الواحدة.