الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماذا لو شرب ميسي من نيلها


فور وصوله الى مصر وانبهاره بالأهرامات وعدم فهمه لما رآه فى الحفل والاحتفال وبعد أن أنهى حوارا غريبا مع مذيع أغرب طلب منه أن يأكل الملوخية ويعتزل لعب الكرة وبعد أن اعترف بينه وبين نفسه أن بلد الفراعنة عندما احتفلت به كان على الطريقة اللبنانية وبعد أن أوشك أن يحلف بالطلاق أنه ليس لبنانيا ولا ينتمى لبيروت بصلة من هنا أو من هناك وبعد أن أوشك أن يعلن كفره بدينه ويدخل الاسلام ليقنع الكل بأنه لا يتحدث الإسبانية ولا يعرفها وأنه يتكلم البرتغالية وينطقها ويعشقها ويعيشها وطنا وعمرا وانتماء وولاء.

بعد كل هذا طلب من القائم على أعماله طلبا واحدا وهو زجاجة مياه من الحنفية وبالتحديد من نيل مصر ولما سأله عن السبب ضحك وقال بلغة عربية ركيكة..عايز أغنيلها...ولأول وهلة حسبه يضحك أو على طريقة الغرب Joking إلا أن ميسى أصر أن يشرب من نيلها وايضا أن يمشى فى شوارعها واستقبل الاخر كلامه بترقب وحيرة وعرضه على رجال الأمن المكلفين بجعل منطقة الهرم كلها على كيف ومزاج ميسى ومريديه.

فى بادئ الامر رفضوا ومع إصرار ميسى أبدوا موافقة مشروطة لم يرفضها وكان الشرط ان يكون هذا الاجراء فى فجر اليوم .. وبالفعل لم ينم ميسى وأعد نفسه للحظة فارقة فى حياته كلها وجمع زجاجات فارغة لكى يملأها من النيل العظيم بنفسه وحاولوا سدى أن ينهوه عن ذلك الا انه حلف برأس أبوه الشيخ أبو ميسى الكبير لأن ينفذ مطلبه وتحرك ميسى وهو مرتديا جلبابا على الطريقة المصرية وعمامة على الطريقة الصعيدية وخطى أولى خطواته يسبقها الحرس والامن حتى يشعروه بالأمان.

فى أول خطوة له زلت قدمه من طريق غير معبّد الا أنه كان سعيدا واعتبرها طريقة مصرية فى تقوية سمانة ابنائها وسجل انبهاره لمن معه ،خطوتان وثلاث خطوات والحال على ماهو عليه فى الرابعة والخامسة والسادسة اعتاد على طريقة مشى جديدة تمثلت فى أن ينظر قبل أن يخطو ويبعد عن الحفر والمطبات ،الا انه استوقفته كلمة (خوازيق)التى رسخت فى أذنه والتى كان يقولها المصرى المرافق له ضمن رجال الامن وهو يقول لأصحابه ضاحكا .. المترجم بيقوله مطبات ميعرفش أنها خوازيق..وحينها أصر ميسى ان يشرحوا له معناها ويبدو ان وقعها فى اذنه كان جميلا لأنه صار يرددها ومع انهم لم يقولوا له ما تعنيه بالضبط الا انه استمر يكررها.

خطوات أخرى. ويجد كشك سجاير وغيرها من الحلويات والبسكوتات فيجرى إليه مسرعا ويطلب من البائع ان يتصور معه صورة للذكرى .. فينظر اليه صاحب الكشك شزراً ويشير إليه بيده ان يذهب بعيدا ويلعن ابوه وابو اللى جابوه قائلا ابعد عن وشى الساعه ديه كفايه مبعناش بقرش عشان اللى ميتسمى ميسى جه المخروبة وقطعوا الطرق وقفلوا علينا باب الرزق ربنا ينتقم منهم.

ويتوقف ميسى على اسمه الذى نطقه البائع ويحسب أنه يبادله كلمات الإعجاب فيخرج من جيبه ورقة بمية دولار ويعطيها اياه الا ان الاخير يرفض ظنا منه بأنها مزورة ويتدخل الامن ويأمروا صاحب الكشك بأن يتصور مع ميسى ويأخذوا المية دولار ويعطوه ورقة بمدنة..

ويسلم ميسى على الرجل بحرارة ويترك له كارت فيه اسمه ورقمه ويوجه له دعوة بزيارته فى بلده البرتغال ويبتسم صاحب الكشك مرغما وخائفا من سطوة رجال الأمن الذين استكملوا مع ميسى طريقه الى النيل وبعد الطريق زاد إعجاب ميسى لكل مايراه من حجر وبشر وفى طريقه الى حيث ينزل الى النيل ليملأ زجاجاته نظرت اليه فتاة ليل لتوها خارجة من أداء عملها كراقصة فى ملهى من ملاهى المنطقة وتقترب منه ويحاول رجال الامن إبعادها الا ان ميسى يمنعهم ويستمع إليها عن طريق مترجمه الذى يشرح له عرضها ويطلب منه ميسى الاعتذار لها لانه يحب زوجته ولم يخنها ولن يفعل ذلك الا أنه معجب بصراحة هذه السيدة واعطاها مبلغاً اخفته بسرعة فى غياهب جسدها حتى لا يأخذوه منها وهى تدعو له بالغنا والستر لأنه عوضها عن كساد يوم بسبب زيارة اللى ميتسمى ميسى والاجراءات الامنية المصاحبة لها..

ينزل ميسى الى النيل ويملأ زجاجته عن اخرها ويعود الى فندقه مع اول نسمات فجر مصرى جديد يجد فيه عربة فول لعم محمد فيذهل مما رأى ويطلب ان يأكل على العربة وبنفس طريقة من يصطفون حول العربة وتكتمل سعادة ميسى بإفراغ زجاجة من زجاجاته فى بطنه المليئة بالفول والبصل والباذنجان المخلل.

يعود الى سريره ويغط فى نوم عميق يستيقظ بعده عائدا الى بلاده وطوال وجوده فى الطائرة يكرر..خوازيق.. اغنيلها..شربت من نيلها ..وعندما يصل بلده يشرب ما حمله من نيل المحروسة ليصبح بعدها اكثر قدرة ويوصف بأنه ظاهرة غريبة تواجه كل الميكروبات والفيروسات وبأنه لم يمرض وأصبح اكثر سعادة وعندما يكون فى خلوته يقول لنفسه لأننى فى مصر تدربت فى شوارع الخوازيق وشربت من النيل العميق وغنيت لها ومشيت فى شوارعها وأشعر بأننى باحنلها وسأعود لها وأظل هناك حتى أرتوى من نيلها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط