الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أقباط العريش


(الرحمة والخلود لمايكل ومحمد اللذين سقطا برصاص الإرهابيين في سيناء).

مخطط جديد باشر الإرهابيون تنفيذه في منطقة العريش وتحديدا في مدينة العريش نفسها، وهذه المرة من خلال استهداف المدنيين الأقباط، حيث أعلنت ولاية سيناء مسئوليتها عن عمليات الاغتيال التي تم تنفيذها بحق أكثر من شخص، وقد يبدو الأمر أنه حلقة من حلقات مسلسل الإعمال الإرهابية، إلا أن هذه الحلقة خطرة وقد يكون لها تبعات كبيرة إن لم يتم التصدي لها بحكمة وهدوء.

ومن دون شك، فإن أدوات مواجهة الهجمات الإرهابية هذه كثيرة، ومن بينها الإعلام، والذي للأسف فشل حتى الآن في التعاطي مع هذا الامتحان، حيث غاب الخبر عن صدارة الاهتمام لدى معظم الوسائل الإعلامية المصرية، وحضر على صفحات وشاشات قلة قليلة منها، إلا أن المعالجة كانت خاطئة للأسف، حيث تم تناقل الأخبار المتعلقة بعمليات الاغتيال هذه بشكل مضخم جدا مع التركيز على مسألة حالات نزوح كبيرة من العريش من قبل الأقباط إلى مناطق أخرى طلبا للأمن، هذا دون ذكر طريقة التهويل التي عالجت الموضوع بشكل يطرح تساؤلات كثيرة.

وربما أفضل الإجابات تلك التي وصلتني من مدينة العريش نفسها، من قبل مسيحيين ومسلمين على حد سواء، فالمسلمون لا يرون في الأمر جديدا ويرون أنه اعتداء على مصريين أولا ومسيحيين ثانيا، ويعلمون تماما أن ولاية سيناء الذراع المصرية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو داعش، تهدف إلى تشتيت الصف المصري وإحداث ثغرة طائفية بين أهالي سيناء لتستطيع التوغل أكثر.

أما المسلمون فلا يرون في ما يجري إلا متابعة للمخطط الذي يستهدف مصر، والرد الأكثر انتشارا كان أن التنظيم الإرهابي قتل من مسلمي العريش أضعاف مضاعفة من المسيحيين، لذا فإن الأمر لا يحتاج لهذا التهويل، بل يحتاج إلى الهدوء والحكمة لمواجهة الإرهابيين مع الكثير من الضبط الأمني ومساندة القوى الأمنية المتمثلة بالجيش المصري والشرطة المصرية في ملاحقتها للإرهابيين في المنطقة، علما أن العديد من العائلات المسيحية لاذت (خصوصا الأطفال والنساء) في منازل مسلمي المنطقة درءا لأخطر قد يتعرضون له.

أهالي العريش لهم خصوصية في التعاطي الاجتماعي، فلهم همومهم الخاصة، وطقوسهم الحياتية التي لا تفرق بينهم، لهم هواجسهم وتطلعاتهم وآمالهم، وحاليا يدفعون فاتورة الانتماء الحقيقي للوطن.

كل من نشر أخبارا تتعلق بهجرة المسيحيين من العريش لم يقدم دليلا مؤكدا واحدا فقط عن هذه الهجرة المزعومة، لم يظهر أحد من النازحين من خلال صور أو فيديوهات، علما أن الأمر لو حصل وبهذا الشكل الذي يحاول البعض تصويره لكان انتشرت صوره ولقطاته على الأقل في صفحات التواصل الاجتماعي.

ما يجري مخطط واضح جرى وضعه من قبل دول راعية للإرهاب، هدفه ضرب الميزة المصرية عن المحيط العربي، أي ضرب حالة التعايش الطائفي والديني التي تعيشها مصر، مع محاولة تشويه هذه الصورة عبر الإيحاء بأن المسيحيين أقلية يتركون بيوتهم وأملاكهم ولا يجدون الحماية الحكومية، في ظل موجة من الشائعات الرديفة التي تنتشر، مصدرها الداخل المصري وخارجه.

المخطط تم وأده في مهده، وتم إفشال مخطط الفتنة الرامي إلى دفع المسيحيين للنزوح إلى مناطق يتجمعون بها طلبا للحماية ليتشكل بالتالي كانتونات مسيحية صرفة تكون مقدمة لتوترات أوسع بين مناطق مسلمة وأخرى مسيحية، على غرار ما حصل في لبنان، حيث دفع اللبنانيون ثمنا باهظا بسبب الانجراف وراء المخططات الخارجية التي تم تنفيذها على الأرض.

من سقط في العريش هم مصريون أولا وأخيرا، ومن استشهد اليوم أو أمس على يد الإرهابيين وعلى يده اليمنى وشم الصليب، لا فرق بينه وبين الذي استشهد على يد الإرهابيين وهو خارج من المسجد، ولا بينهم وبين شيوخ الطريقة الصوفية وغيرهم الكثير، فجميعهم شهداء مصر وجميعهم دفعوا ضريبة المواطنة.

وقد تصل الوقاحة بالبعض لتوجيه أصابع الاتهام بالتقصير الأمني للجنود الذين يدفعون ضريبة الدم اليومية في تلك الأرض المقدسة، إلا أن ما غاب عن بالهم أن الإرهابيين وبعد اشتداد الحصار عليهم في المناطق الصحراوية التي كانوا يتحصنون بها باتوا بلا مأوى، وتسلل الكثير منهم إلى المناطق الآمنة لينفذوا المحاولة الأخيرة لليقاء، وهذا ما يفسر تمشيط المناطق السكنية داخل مدينة العريش بشكل صارم بحثا عنهم، علما أنه لولا التعاون بين الأهالي والجنود لما نجحت الملاحقات هذه.

مصر أصبحت في المخاض الأخير في حربها على الإرهاب، واستطاع أبناء مصر العسكريون والمدنيون تجاوز كل المحن السابقة، فما جرى ويجري حرب حقيقية شرسة، والشهداء هم قربان هذه الحرب.


الرحمة والخلود لشهداء مصر مسلمين ومسيحيين
الرحمة والخلود لشهداء الجيش المصري
الرحمة والخلود لشهداء الشرطة المصرية
الرحمة والخلود لجميع الشهداء الذين سقطوا بسبب انتشار سرطان الإرهاب الخبيث.

وللحديث تتمة..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط