الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دكتور عادل عامر يكتب: كوارث الطرق

صدى البلد

إن الفساد قد يكون سياسيًا أو إداريًا أو اقتصاديًا أو ماليًا أو اجتماعيًا وأخلاقيًا، ويتمثل الفساد السياسي في تزوير الانتخابات وتكوين المجالس النيابية بالبطلان، وهدر رغبات الشعب، ويتمثل الفساد الاقتصادي في الرشوة والاختلاس والابتزاز، ويتمثل الفساد الإداري في فساد البيانات والإحصاءات في تعيين الأقارب والمحاسيب.

يعد ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع دالا على تدني الرقابة الحكومية، وضعف القانون، وغياب التشريعات، وقد ينشط الفساد نتيجة لغياب المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وتطبيقها، وسيادة مبدأ الفردية بما يؤدي إلى استغلال الوظيفة العامة وموارد الدولة من أجل تحقيق مصالح فردية أو مجموعاتية على حساب الدور الأساسي للجهاز الحكومي بما يلغي مبدأ العدالة، وتكافؤ الفرص، والجدارة، والكفاءة، والنزاهة، في شغل الوظائف العامة.

إصلاح مظاهر الخلل في سوء وضع الطرق والشوارع داخل المدن، وفي المحافظات والمراكز والقرى وفيما بينها، والتي تمثلت في كثرة الحفر والتشققات والهبوط والنتوءات، وارتفاع أغطية الخدمات عن المستوى العام للشارع، وكثرة الهبوط والانكسارات بعد هطول الأمطار، وسوء أعمال الرصف، وعدم إعادة الشارع إلى وضعه الطبيعي بعد الحفريات، إضافة إلى ضعف الطبقة الإسفلتية.

إن الأسباب الرئيسية لذلك هي عدم تنفيذ الأعمال طبقًا للمواصفات المتعاقد عليها، إضافة إلى ضعف الإشراف والمتابعة والاستلام، وذلك في مجمله لا يخرج عن مفهوم الفساد والإهمال الذي يستوجب المساءلة.

يظل الفساد بشتى أطيافه أحد معاول الهدم التي تواجه عمليات التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ ولهذا فأحسن وسيلة لمحاربة الفساد هي أن تكون هنالك خطة استراتيجية شاملة لإعادة العدل بمختلف صوره في المجتمع من القمة إلى القاعدة، ومن القاعدة إلى القمة، وإنهاء الظلم وأشكال الاستغلال في كل المجتمعات من خلال ربط المسئولية بالمحاسبة.

المشكلة الحقيقية هنا لا تقتصر على ما يصيب المكان من قبح وعشوائية‏، وإنما مايصيب نفوس البشر من تحلل وتدهور إنساني‏.‏ أجيال من البشر العشوائية هي أسلوب حياتها بل وسيلة وآلية بقائها تخرج كل يوم إلى المجتمع الأوسع في الشارع وفي العمل وفي كل مكان لينتشر النمط ويتسرب إلى الآخرين وإلى المجتمع ككل‏.‏

وهو خزن مواد غذائيّة أساسيّة يحتاجها الناس وقت الاضطرار يتربّص ارتفاع سعرها أو إضرار الأفراد والدولة، وقد حرّمه الإسلام للقبح العقلي المستفاد من ترتّب الضرر على المسلمين، وكون منشئه الحرص المذموم عقلًا، ومنافاته للمروءة، ورقّة القلب المأمور بهما، فالاحتكار نوع من التلاعب الصريح بالأسعار واستغلال حاجة المجتمع لسلعة ما، فيتمّ حبس السلعة حتّى تقلّ بين الناس ويعانون من ندرتها، مّا يؤدّي بهم إلى دفع أيّ سعر مقابل الحصول عليها.

من مفاسد الاحتكار
الاحتكار يؤدّي إلى العديد من السلبيّات، لعلّ أهمّها قتل روح المنافسة الشريفة بين الأفراد والدول، والّتي هي السبيل إلى إتقان العمل وتحسين مستوى الإنتاج.

كما يدفع الاحتكار القائم به إلى تبديد جزء من الموارد والتخلّص منها إمّا حرقًا أو رميًا في البحر أو غير ذلك خوفًا من انخفاض الأسعار في السوق العالمية، وهذا ما كانت تقوم به أمريكا برميها أطنانًا من القمح في البحر للمحافظة على سعره، بدل أن ترسله إلى الجياع في العالم.

كما أنّ الاحتكار يكون سببًا في انتشار الحقد والكراهيّة بين الأفراد، ما يساعد على تفكّك المجتمع وانهيار العلاقات بين أفراده، سيادة العشوائية كنمط للحياة وسمة للشخصية يعني ببساطة تآكل ثم انهيار هذا النسق الأعلى من الدوافع والحاجات التي تحفظ ترابط النفس الإنسانية وتضبط حركتها وتحقق فعاليتها في الارتقاء بنفسها وبالمجتمع الذي تنتمي إليه‏,.

بتعبير آخر، فإن سيادة العشوائية تعكس نوعا من التدهور والارتداد إلي مراحل بدائية من التفكير والسلوك تعمل فيها الدوافع الأولية وإشكال التفكير البدائية ‏(‏أساليب تفكير لا يحكمها منطق أو ترابط وتشيع فيها الخرافة وتعجز عن التخطيط لأهداف وغايات بعيدة‏)‏ دون الضبط والانضباط والوعي بالهدف والمعني الذي تصنعه الدوافع الأعلى‏،‏ وما يرتبط بها من مراحل أرقى في التفكير والسلوك الإنساني هي قوام الحضارة والتقدم في المجتمعات الإنسانية‏.‏

إذا نحن انتقلنا بتساؤلاتنا إلى محاولة فهم الأسباب المحتملة وراء مثل هذه الظاهرة فإنها لابد ـ بمنطق العلم ـ من أن تكون متعددة ومركبة‏، أي أنها محصلة يسهم في صنعها وتصاعدها عوامل‏:‏ اقتصادية واجتماعية وسياسية وتاريخية ونفسية متشابكة ومعقدة‏ (‏ضغوط اقتصادية‏، زيادة سكانية‏،‏ أمية وقصور في التعليم‏، تغيرات اجتماعية وحراك اجتماعي واسع وما يصاحبه من تفسخ في منظومة القيم‏..‏ إلخ‏)،‏ القائمة باختصار يمكن أن تشمل كل أنواع الأسباب المقترنة بالتخلف عموما‏، إلا أنه من بين كل الأسباب والعوامل يبرز عامل له في تصوري أهمية محورية أو هو مفتاح شديد الأهمية في فهم وتفسير مثل هذه الظاهرة بالذات‏،‏ هذا العامل هو ببساطة‏:‏ غياب القدوة والنموذج‏..‏ غياب الفرد القدوة‏..‏ والمؤسسة القدوة‏، أو بتعبير آخر‏:‏ تدهور نماذج الكفاءة وانضباط السلوك والأخلاق في مختلف قطاعات ومستويات المجتمع‏، وهو واقع يمكن تقصي جانب مهم من أسبابه في تدني وانحراف معايير اختيار من يحمل المسئوليات ويمسك بمقاليد الأمور‏، وما ترتب عليه من انتشار طاغ للنماذج ذات الكفاءة المحدودة والأداء الركيك في مختلف المواقع والمستويات‏.‏

أسباب سياسية ملازمة لظاهرة الفساد
من الأسباب السياسية التي تؤدي إلى تفشي ظاهرة الفساد هو ضعف الممارسة الديمقراطية وشيوع حالة الاستبداد السياسي والدكتاتورية في العديد من البلدان يسهم بشكل مباشر في تنامي هذه الظاهرة، وفي النظم الديمقراطية تكون هناك جهة رقابية خارج سيطرة السلطة التنفيذية تستطيع المحاسبة على أي تجاوزات مالية وإدارية.

كما أن قلة الوعي السياسي وعدم معرفة الآليات والنظم الإدارية التي تتم من خلالها ممارسة السلطة، بالإضافة إلى عدم وجود عامل الخبرة والكفاءة لإدارة شئون الدولة يزيد من ظاهرة انتشار الفساد.

تأثير الفساد على المستهلك والاقتصاد القومي
تسبب آلة الفساد في الدولة برفع درجة عدم التيقن في الاقتصاد وتزيد من عدم فعاليته، حيث إنه يصيب بشكل مباشر النواحي الاقتصادية والسياسية لأي بلد، كما أن معدلات النمو الاقتصادي تتأثر بشكل كبير بدرجات الفساد، والبلدان التي يقل فيها الفساد يمكن أن يزيد دخلها القومي بنسبة 400%، وكذلك يزيد الاستثمار فيما لو قورن ببلدان أخرى ينتشر فيها الفساد.

والتعدي على الأراضي الزراعية بالبناء دون الحصول على ترخيص وتغاضي مسئولي الجمعيات الزراعية عن ذلك، وعدم تحرير مخالفات لهم مقابل رشاوى مالية.

والتغاضي عن تعلية العمارات بصورة مخالفة للقانون مقابل رشاوى مالية، وهو ما يهدد أرواح المواطنين، ولعل ما حدث مؤخرا في عمارة لوران بالإسكندرية لهو أكبر دليل وتحرير مخالفات للاستيلاء على أراضي الدولة بوضع اليد مقابل رشاوى مالية ضخمة واستغلال المنصب الوظيفي لإعطاء تسهيلات مقابل رشوة مالية وإهدار الأموال العامة سواء في الإنفاق على خدمات لا تستخدم أو التغاضي عن تحصيل رسوم مقابل خدمات قدمتها الدولة والتزوير في الدفاتر والتلاعب في كمية الأصناف الموجودة في العهدة واختلاس الأموال.

- تخفيض قيمة أراضي تابعة للدولة لصالح شركات استثمارية مقابل الحصول على رشوة.

- تزوير أوراق رسمية كجوازات السفر وأختام شعار الجمهورية ومصلحة الأحوال المدنية والشهر العقاري مقابل رشاوى مالية.

- ممارسات فساد في عمليات البيع والشراء والتورط في المؤامرات والرشاوى والإتاوة.

- الفساد في أنظمة الدفع.

- البناء بدون ترخيص والتعلية بدون ترخيص والتعدي على أملاك الدولة وتجاوز قيود الارتفاع والبناء على موانع التنظيم.

لذا فإن مكافحة ظاهرة الفساد تستلزم تكاتف واستنفار كل قوى المجتمع والدولة بمؤسساتها الرقابية والقضائية والإعلامية في متابعة تنفيذ القانون وكشف من ينتهكه ويتعين على منظمات المجتمع المدني القيام بدورها في بناء الرقابة الشعبية وتشجيع المواطنين للمشاركة في الانتخابات المحلية.