إسرائيل.. نصف صفحة من تاريخ المؤامرة

إسرائيل لماذا؟ سؤال حيرني كثيرا، وفي معلومات وشروحات متفرقة كنت أجد تفسيرا، أنها أداة استعمار لتفريق وخلخلة المنطقة العربية، استعدادا لما بعد مرحلة الاستعمار العسكري التقليدي الذي انتشر في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، حيث إن المنطقة محمية طبيعية بحدود تمتد بين الخليج العربي، شرقا، إلى المحيط الهادئ غربا، والبحر المتوسط شمالا، إلى المحيط الهندي، والصحراء الكبرى جنوبا، وبما أنها منطقة تتحكم في مدخل قارتين وغنية بالموارد البشرية والمواد والثروات الطبيعية، بالإضافة لوحدة الثقافة مثل الدين واللغة والتاريخ، فهي تمتلك كل مقومات القوة وبناء إمبراطورية.

في كتاب الصهيونية في التاريخ، بقلم صابر عبد الرحمن طعيمة، ملتزم الطبع والنشر مكتبة القاهرة الحديثة، لا يحمل تاريخ سنة الطبع والنشر، ولكنه ذو أوراق وغلاف قديم وأحدث مرجع له يشار إلى تاريخه في سنة 1967 وهو ما يعني أنه طبع في العام 1968 على الأرجح، ويرصد صاحب الكتاب تحليلا موضوعيا لتاريخ الصهيونية منذ هروب اليهود وطردهم من مصر بسبب شرورهم وهو ما حدث معهم على مر التاريخ ومع كل الشعوب التي حاولت العيش معهم.

ما يعنيني هو التركيز على نقطة فاصلة، إذ يثبت الكتاب أن الأطماع الصهيونية المبنية على حجج كاذبة تلاقت مع مصلحة الاستعمار، وفي الصفحة الثانية عشرة، يقول الكاتب صابر عبد الرحمن طعيمة، في هامش الصفحة: "صاغ الاستعمار في العصر الحديث أطماع خدام الاستعمار -اليهود- في العصر القديم والحديث صياغة عصرية، فيما كتبه "كاميل بترومان" رئيس وزراء بريطانيا إلى اللجنة التي تشكلت من دول الاستعمار: بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، هولندا، البرتغال، إسبانيا، وإيطاليا، في الفترة من 1904 حتى 1907م لتتولى دراسة أطماع الاستعمار في العالم.

كتب إلى اللجنة -بترومان- يقول "إن الإمبراطوريات تتكون وتتسع وتقوى ثم تستقر إلى حد ما، ثم تنحل ثم تزول. والتاريخ مليء بمثل هذه التطورات، وهو لا يتغير بالنسبة لكل نهضة ولكل أمة. فهناك إمبراطوريات روما وأثينا والهند والصين وقبلها بابل وآشور والفراعنة وغيرها فهل لديكم أسباب أو وسائل يمكن أن تحول دون السقوط والانهيار أو تؤخر مصير الاستعمار الأوروبي وقد بلغ الآن الذروة وأصبحت أوروبا قارة قديمة استنفدت مواردها وشاخت معالمها بينما العالم الآخر لا يزال في شبابه يتطلع إلى مزيد من العلم والتنظيمات والرفاهية؟ هذه مهمتكم أيها السادة وعلى نجاحها يتوقف رخاؤنا وسيطرتها".

ولم تتفق اللجنة الاستعمارية على شيء قدر لقائها جميعا على شيء واحد: هو ضرورة العمل على تجنب خطر نزعة التحرر في منطقة البحر المتوسط وأن يفصل الجزء الإفريقي في منطقة البحر المتوسط عن الجزء الآسيوي بحاجز بشري قوى وغريب، وكان هذا التفكير لقاءً مباشرا بأطماع رأس المال الصهيوني في أن يصنع له قاعد تكون نقطة توثب له إلى قلب إفريقيا المليئة بالخير وآسيا الواسعة.