الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سعد الدين الهلالي .. إبراهيم عيسى .. وتكاتف الحصار ..!


حالة جديدة طفت على سطح الجدار المعرفي في مصر ربما تدفعنا لإعادة النظر بتموضع القيم في بيئة قاحلة تعرضت للتصحر الضميري والتصحر المعرفي فرأينا ولمحنا حول عقول الناس أثر مس الشيطان الذى أرسلته الرشاوي ليعمهم فقه البادية على أنه دين الله ... وشاهدنا في الإعلام مساحة النفاق على أنها وطنية تشدو لها مرفرفة أعلام البلاد ..!!

اليوم وسط الفوضى الإقليمية والتماسك المصري البطل الذى تُشرف عليه روح منبعثة من القيم الحضارية في وطن ضد السقوط ..

يتحرك المشهد الفكري خلف ساحة الأدوات والوسائل والوسائط الإعلامية الجديدة التي فكت الحصار عن العقل الجمعي بجعل المعرفة متاحة بشريا ومتاحا أفقيا ورأسيا .. فسقطت الوصاية ليتولى العقل الفردي فرز المشهد برمته بعدما توفرت له سبل الوصول إلى المعرفة من مصادرها بعد المقارنات والمقاربات لتجعل الضمير الشخصي ميزانا والعقل الإنساني وزانا ..!

ليفقد المهرة اليوم مكانتهم في التشريع بالتدليس ويفقد جمهور المنافقين سلطتهم في التأثير المطلق ...!

اليوم نحن حيال رؤية جديده قذف بها من الشاشة الدكتور سعد الدين الهلالي عندما تحول إلى وسيلة معرفه لا طاقة إلزام ليدفع الناس إلى المقدمة كي يُفعلوا قانون "أفتي قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك" .. فيفكك أحراز الدين السلفي الوهابي الذى تبشر به جماعات داعش السلفية وصبيانها في حواري القاهرة وشوارع المطرية ..

يضع الناس حيال الآيات والسنن ... ويضع العقل على المحك مع النقل ولا يسمح لأحدهما أن يبغي على الآخر...

فلا العقل يتجاوز النقل ويهجره فيغرد بعيدا .. ولا النقل يفرض على العقل سطوته ليندفع إلى مفارز التبرير العجيبة..

إذ بدون العقل يسقط الحكم ويتوقف التشريع كون العقل مناط التشريع ومُستَقبِل الأحكام ومنزل الحِكم .. والمتعامل الرئيسي مع منظومة القيم ..

انتهى زمن كان فيه الناس تروج اغمض عينيك واتبعني ... واترك أمرك وضعه على كتف شيخك ... فالخطاب الإلهي للناس فردي .. والحساب فردي والتكليف فردي .. ويبقى الفهم مسئولية فردية أيضا ألقى حجرها عبر توفر المعلومة الدكتور الهلالي ومضى عبر منظومة تجديد تكف وتمنع يد الوصاية باسم الدين والوصاية باسم التدين ليعود بالناس إلى حرياتهم من جديد وهو نفق نستطيع أن نفتحه على قضية تجديد الخطاب الديني والتعامل الحداثي مع النصوص الدينية وفقا لحاجة المجتمع وسيادة الأعراف بذائقتها الإنسانية التي جعلتها الشريعة أحد المصادر المعتبرة مالم تتعارض مع قيم أصيلة ...!!

هنا هاجمته جماعة المشايخ وحملة صناديق النذور خوفا على تجارتهم من أن تبور ...!!

مضى مشهد الهلالي بكل ما فيه من إثارة وهو يؤسس لواقع فكرى واجتماعي واخلاقي جديد وقد انتقل بنا من المربع المغلق لخارج أسواره خطوتين ليجعل الناس تتحرر من التقليد وتفك من يدها وقدمها ورقبتها حلقات الحديد إلى استشراف القيم المساندة في حياتها ومستقبلها ..!!

لننطلق إلى حيازة قيمية أخرى .. هدر بها إبراهيم عيسى من فوق المنصة بندوة تأثير وسائل الإعلام على الجماهير .. بمؤتمر الشباب في شرم الشيخ ..

حيال المنصة جلست الدولة المصرية برجالها يتقدمهم الرئيس السيسي في سابقة جديدة تحسب لهذا العهد الذى جلس ليستمع ويشارك ويرد ويجيب ويتساءل ويعلق ويتلقى ويثير بهذا الموقف العديد من التساؤلات التي تفتح الباب على المستقبل المأمول لوطن يستحق مكانا عليا ..!!

هكذا حامت حول المشهد حسن الظنون التي تبقت لنا في جعبة وطن يتألم بتضارب الرؤى والقرارات ..!!

فوق المنصة اصطف مجموعة من الإعلاميين المصريين بينهم إبراهيم عيسى ..

وبدأ الجميع في عزف أنشودة تعرف هويتها من لحنها وتفهم هدفها من سرعتها وتدرك مضامينها من تهافت أصحابها ... وظل إبراهيم عيسى وحيدا يعزف منفردا وحق له أن يكون فردا يمثل أمة من الإعلاميين شرفا ومنطقا ومنطلقا مع اختلافنا معه في بعض التصورات والرؤى ..!

لم يسع إبراهيم عيسى في حضرة الرئيس لأن تكون سطوره محل لرضا الدولة بقدر أن ترضى قناعته .. تصايح مشايخ الإعلام في القاعة وطلب كبيرهم أن يمنحوه صوتا لعله يجلد إبراهيم عيسى سوطا ... غير أنهم خرجوا جميعا والسياط على أكتافهم وخلفهم صمت إبراهيم عيسى الذى أصبح ضجيجا ... وضجيجه في حضرة الرئيس قد تحول في حلوق زملائه إلى لهيب ... ونراه اليوم يدفع ثمن بطولة عزيزة في زمن فقير ... عبر حصاره باستجوابات ربما تنتهي به إلى نفس المصير داخل غرفة بلا شبابيك قريبة من الأرض ..!!

لقد ظهر يومها إبراهيم عيسى رابط الجأش لا يخشى في الحق فيما اجتمع الأفاقون على نفاق لا يعبر عن رؤية وطن يريد أن يتحرر ولا يعمل على تكوين قائد رأي يريد أن يتفنن ويخرجنا من هوس الفتنة والمزايدات ..!

وطالب إبراهيم عيسى في هذا اللقاء بالإفراج عن السجناء وتنشيط قيم القانون والدستور التي ترعى الحرية وتعدد الآراء وإعادة النظر في القوانين السالبة للحريات ...

وفيما ذهب المنافقون خلف فعالياتهم أدراج الرياح تبنت منظومة الرئاسة جل ما جاء في حديث إبراهيم عيسى ..

فهل يحق لنا بعد هذا الأداء الجديد المثير الذى حرك الماء الراكد أن نغلق على الهلالي وعيسى القوس مع غيرهما من المفكرين والمخلصين وننطلق بهذا الوطن بعيدا عن درب الأشرار في لحظة نادرة تتعرض فيها مصر لمؤامرة إقليميه تمنع عنها الماء والطعام والوقود وتريد فتنتها بهزيمة الأمان ..

أعتقد اننا بدانا طريقا علينا حمايته بمثل هذه الأفكار وتلك التطلعات المشروعة لأمة طالما عاشت من الفكر والحريات محرومه بالرغم مما تمارسه بعض الضروس العتيقة في الدولة العميقة من طحن وقد ذهبت بعيدا لأخذنا لماض فارقناه بعدما ظهرت الشاشة وقد أوقفت بث برنامج إبراهيم عيسى لنعود مجددا لواقع كان يزعج الدولة فيه وحلفاءها صوت واحد فتظن بإخراسه أنها تنتصر لما تبثه من مُثل فيما فِعلها لن يكون إلا معولا جاهزا لإسقاط ما ظل حولنا منصوبا في دوائر الدولة من هوى يتقربون إليه تقرب الكهان للصنم .....!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط