الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

آثار النوبة تستغيث.. فضلات الطيور على جدران المعابد.. ونقص الحراسة وإهمال بأعمال الترميم.. وفد من ثقافة البرلمان يتفقد المنطقة.. والعمال: «العقارب تلدغنا ومحدش سأل فينا».. صور وفيديو

صدى البلد

  • مدير المعابد الصخرية:
  • معظم التماثيل والنقوش مغطاة بالعنكبوت والأبراص
  • سرقة الكابلات الكهربائية تمنع إضاءة المعابد
  • نعانى نقص الحراسة بالمنطقة وعدم تسليحها
  • أماكن الإعاشة للعاملين بالمنطقة منتهية الصلاحية
  • عامل:
  • راتبنا لا يتعدى 1500 جنيه
  • "عايشين وسط العقارب والثعابين ومحدش سأل فينا"
  • نقطع مئات الكيلو مترات لأداء عملنا دون تقدير من المسئولين

كشفت الزيارة التي قام بها وفد من لجنة الثقافة والآثار بمجلس النواب، عن الحالة السيئة والإهمال الشديد الذي تعانيه المنطقة الأثرية بالنوبة، خاصة مناطق المعابد الصخرية والسبوع وعمدا.

جاءت الزيارة بعد طلب الإحاطة الذي تقدم به النائب ياسين عبد الصبور، للجنة، حيث ضم الوفد كلا من نشوى الديب، وتامر عبد القادر، ونادر مصطفى، واستمع الأعضاء لشرح أحمد حسن عبد الماجد، مدير المعابد الصخرية بصندوق إنقاذ آثار النوبة، عن أوضاع الإهمال، مؤكدا أنه تم إرسال العديد من المكاتبات والتقارير للمسئولين والتي تبين مظاهر التدهور في المنطقة منذ أواخر التسعينات، ولا يوجد أي اهتمام من قبل المسئولين لإنقاذ هذه المنطقة التاريخية من الضياع.

وقال عبد الماجد إن المشكلات التي تواجهها المنطقة الأثرية والتي تلخصت في عدة نقاط مهمة تتمثل فى زحف الرمال حول جدران المعابد وفوق الأسقف وأمام المدخل، وذلك نظرا لطبيعة المناطق الصحراوية نتيجة عدم وجود مصدات من الرمال، حيث تكاد المعابد تدفن تحت الرمال التي وصل ارتفاعها فوق قدس الأقداس بمعبد السبوع والغرف المجاورة له لأكثر من 3 أمتار، بالإضافة إلى تراكمها في فناء المعبد وحول جدرانه وأسواره، والذي من شأنه إعاقة الزيارات له وسلامة المعبد من الأساس.

وأضاف: "المشكلات تتضمن أيضا إهمال أعمال الترميم وصيانة المعابد منذ فترة طويلة، حيث إن معظم التماثيل والنقوش مغطاة بفضلات الطيور وأعشاش الدبابير والعنكبوت والأبراص تغطي معظم الجدران بصورة مبالغ فيها، يتعذر معها رؤية المناظر والنقوش، وكذلك أرضيات المعابد مغطاة بفضلات الطيور والرمال، وبعد إلحاح شديد صدر الأمر الإداري رقم 364 في أواخر العام الماضي لترميم مجموعة المعابد الصخرية وقام بالعمل في منطقة عمدا، ومكثت المأمورية لمدة شهر، وقاموا حسب الإمكانيات المتوفرة بإزالة فضلات الطيور، وقد عانى فريق الترميم من الإقامة وتكلفة الإعاشة المرتفعة والتعرض لخطر الزواحف والحشرات السامة، ما جعلهم جميعا يعتذرون عن عدم استكمال منطقة الترميم في منطقة عمدا والسبوع والتي صدر لها الأمر الإداري الجديد رقم 55 في فبراير الماضي واعتذروا جميعا ولم تستكمل المأمورية".

وواصل حديثه قائلا: "توقف مصدر الإضاءة للمعابد بعد سرقة جميع الكابلات الكهربائية، حيث تعرضت المنطقة في فترة الانفلات الأمني إلى العديد من السرقات نتجت عنها سرقة جميع الكابلات الموصلة للكهرباء في منطقة السبوع وبعض الكابلات واللوحات الكهربائية في المنطقة عمدا، ما يجعل المعابد من الداخل في حالة معتمة والمنطقة تقبع في ظلام دامس بعد غروب الشمس".

فى السياق ذاته، قال عبد الماجد: "نعانى من نقص الحراسة بالمنطقة وعدم تسليحه، حيث إنه رغم وعورة المنطقة وتعرضها للسرقة أكثر من مره يقوم على حراستها 2 حراس غير مسلحين أحدهما بديل للآخر"، وأكد عدم وجود سُوَر يحيط بالمنطقة وتعرضها الدائم للتعديات، حيث إن المنطقة مفتوحة ذات طبيعة جبلية غير محددة المداخل والمخارج، ما يعرضها للتعديات من قبل المزارعين والصيادين، وبالتالي لابد من تحديد حرم المنطقة وفقا لعلامات وزارة الآثار وإحاطتها بسور لحمايتها وتحديد مداخلها ومخارجها.

وتحدث أيضا عن تدهور حالة الاستراحات وأماكن الإعاشة للعاملين بالمنطقة، حيث إن أماكن الإعاشة بالنسبة للمفتشين والعاملين لا تصلح للاستخدام الآدمي لما بها من شقوق وشروخ وهبوط بالسقف المكون من جريد وطمي، بالإضافة إلى عائمة منتهية الصلاحية لم يتم عمل صيانه لها منذ إنقاذ المعابد وأصبحت مرتعا للثعابين والعقارب، وعليه فإن الإقامة بها تمثل معاناة حقيقية للعاملين والمفتشين، وتوقف محطات تحلية المياه بالكامل وتعطل وحدات الطاقة الشمسية، حيث لا يوجد مصدر للطاقة بعد تعطل وحدات الطاقة الشمسية، بالإضافة لعطل محطة التحلية والاعتماد على الشرب من مياه البحيرة الراكدة نسبيا، ما يصيب العاملين بالأمراض.

وأكد عدم وجود أي وسيلة نقل أو عربات إسعاف حيث تعطلت جميع السيارات الخاصة بالمنطقة وصعوبة الوصول للمنطقة لوقوعها في مناطق نائية في ظل عدم وجود خط سير مواصلات، وشدد على ضرورة إصلاح سيارتي إسعاف معطلتين بمتحف النوبة، كما اكد عدم تمييز العاملين في هذه المعابد على زملائهم في منطقة آثار أسوان رغم الظروف الصعبة التي يعملون بها والبعد المكاني، وقد كانت هناك موافقة من مدير الصندوق السابق على صرف بدل انتقال للعاملين، إلا أن المدير الحالي رفض الصرف.

وأشار عبد الماجد إلى أن الصندوق الرئيسى لإنقاذ آثار النوبة مقره بالقاهرة ولا يهتم بأوضاعها متسائلا: "كيف تكون آثار النوبة فى أسوان وصندوق إنقاذها فى القاهرة"، ولفت إلى أن صندوق الإنقاذ الذى يوجد بالقاهرة، له ميزانية خاصة من وضع 2 دولار على كل تأشيرة أجنبية تدخل مصر، بالإضافة إلى تبرعات الأجانب، والمصريين، ولكن لم يتدخل لمواجهة الإهمال القائم فى هذه الآثار، مطالبا بضرورة نقل الصندوق إلى أسوان وتكون له جميع الصلاحيات فى مواجهة الأوضاع السيئة فى آثار النوبة.

وقد تفقد أعضاء اللجنة معبدي عمدا والسبوع، حيث قام مدير عام آثار أسوان نصر سلامة بعرض أهم المشكلات التي تواجه المعابد أيضا، مؤكدا أن الوصول إليها صعب للغاية لعدم وجود وسائل نقل أو مواصلات وطرق مناسبة، بالإضافة إلى التعرض الدائم لأعمال السرقة وهجوم اللصوص، خاصة أن التواجد الشرطي منعدم ولا توجد أي خدمات أمنية للقيام بالدور المنوط بها.

كما أكد "عبد الماجد" في حديثه لأعضاء اللجنة، عدم توافر خدمات الكهرباء والإعاشة المناسبة للعمال والموظفين، وسيارات لنقلهم من هذه المنطقة النائية إلى أسوان، فضلا عن عدم وجود سيارات إسعاف لنقل الحالات الحرجة، خاصة أن بعضهم يتعرض للدغات العقارب والثعابين.

وقال إنه على الرغم من بعد المسافة بين منطقة المعابد الصخرية بالنوبة عن مدينة أسوان، إلا أن بعض السائحين يحرصون على زيارتها عن طريق البواخر النيلية على الرغم من عدم وجود مرسى للبواخر، مطالبا أعضاء اللجنة بأن ينسقوا مع مسئولي الدولة لإطلاق حملة واسعة لإنقاذ آثار النوبة، مثلما فعل الزعيم جمال عبد الناصر عقب بناء السد العالي وشاركت فيها العديد من الدول العربية والأجنبية إيمانا منهم بأهمية هذه الآثار، خاصة أنها مسجلة في قائمة التراث العالمي.

وأضاف أنه حدثت من قبل واقعة سرقة لرأس تمثال ونجحت الشرطة في ضبط العصابة في محافظة سوهاج، وتمت إعادتها مرة أخرى.

وفِي إطار تفقد اللجنة للآثار والمعابد، عبر الموظفون والعمال عن استيائهم وغضبهم للإهمال الذي يتعرضون له أثناء أداء مهمتهم سواء على المستوى الصحي أو الرواتب التي يتقاضونها، خاصة أن بعضهم من محافظات بعيدة، ويقطعون مئات الكيلومترات للوصول إليها، بالإضافة إلى عدم تميزهم عن باقي زملائهم الذين يؤدون نفس وظيفتهم ولكن في المدن.

وقال إبراهيم سعد الليثي، أحد العاملين بمعبد السبوع، إن الأوضاع التي يؤدون من خلالها وظيفتهم مهينة للغاية، حيث إنه لا اهتمام من وزارة الآثار أو السياحة أو الداخلية لتوفير مناخ مناسب للعمل، ويعانون من عدم وجود عناصر رجال الشرطة، ما يعرضهم لمحاولات سرقة الآثار، فضلا عن تعرضهم الدائم للدغات العقارب والثعابين ولا توجد سيارة إسعاف لنقلهم، خاصة أنهم يبعدون أكثر من 240 كيلو مترا عن أقرب مستشفى.

وأكد الليثي في شكواه لأعضاء اللجنة، أن المشكلة الأكبر له ولعدد كبير من زملائه العاملين أنهم معينون في هذا المكان منذ أكثر من 20 عاما، ورغم أنه من محافظة المنوفيه فإن راتبه لا يتعدى 1500 جنيه.

واتفق معه في شكواه سعيد سعد عبد الدايم، عامل بمعبد عمدا، قائلا: "عايشين وسط العقارب والثعابين ومحدش سأل فينا بكهرباء، والمياه نشربها من البحيرة، والعيشة غير آدمية"، مؤكدا أنه كموظف في هذا المعبد يحصل على 1400 جنيه وهو مغترب من محافظة المنوفية، وإضافة إلى ذلك "جايب قرض على راتبي ولا يكفينى"، مشيرا إلى أن "منطقة آثار النوبة لا توجد بها أي مأكولات ونضطر لشراء الطعام من محافظة أسوان التي تبعد أكثر من 200 كيلو متر.