الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيدي الرئيس .. لماذا تنسى؟


لم يمنحنا القدر الوقت والزمن لنمتع نواظرنا بمشاهدة الأسود، ولكن متعنا التاريخ بحكاياتهم التي تثلج الصدور، وتشعرنا بالفخر والهيبة والعزة، إنها حكايات لا يجب أن تُنسى، فهناك عشرات الأبطال، ضحوا بأنفسهم كي نحيا بكرامة، جاهدوا وثابروا وصبروا وضغطوا، بكل سواعدهم وقواهم، وقوتهم، وإمكانياتهم التي تنأى عن حملها الجبال، وحملوا أمانة الوطن وترابه على أكتافه، حتى عادوا لنا بنصر مبين ثمين ثقيل على قلوب أعدائهم.

لم يتح الحظ لأجيالنا التعرف عليهم عن قرب، لكن ثمة سيرة صارت تلوكها الألسن، تأبى أن تتوه في معالم الزمن، وصورة ستظل محفورة داخل القلوب، ومبهرة للعقول، وتدمع العيون كلما سمعت سيرتهم وكيفما ضحوا أي تضحية.

لك أن تتخيل أنهم تركوا أبناءهم وعائلاتهم وذهبوا إلى هناك، حيث قلب مواقع العدو، للتفاوض تارة، ولجس النبض تارة أخرة، صولات وجولات، تركوا خلالها أسرهم وذويهم من أجل تراب الوطن والأرض.

إحدى تلك الحكايات، قصة البطل المصري العظيم الرائد محمد كامل الحويج ضابط المخابرات الحربية بإدارة الاتصال، الذي تم اختياره ضمن الوفد العسكري المصري للتفاوض مع الإسرائيليين على علامات الحدود، خاصة العلامة 91 الشهيرة في قضية طابا.

تخرج "الحويج" من الكلية الحربية عام 1975 وعمل ضابطًا بسلاح النقل قبل انتدابه لإدارة المخابرات الحربية، بجهاز الاتصال بالمنظمات الدولية.. سافر "الحويج" مع الوفد العسكري المصري لتل أبيب عام 1986 لعمل مسح لتسجيل علامات الحدود المتنازع عليها، بجانب الوفد الدبلوماسي والذي كان يضم الدكتور نبيل العربي والدكتور مفيد شهاب.

في يوم 13 أغسطس عام 1986وأثناء الاجتماع الأخير، لقى الرائد محمد كامل الحويج ربه أثناء جلوسه على مائدة التفاوض مع الإسرائليين داخل تل أبيب، وعاد البطل المصري شهيدًا محمولًا على الأعناق، ومجهوده فوق رؤوس الجميع.

توفي "الحويج" إثر ازمة قلبية مفاجئة نتيجة الإرهاق الشديد، وهو جالس على منضدة المفاوضات بتل أبيب، وكان عمره 34 عامًا، وكان لديه طفلان، هما "إسلام" وكان عمره وقتها عامين ونصف العام، و"أحمد" 16 يومًا فقط، وكان ذلك صبيحة وقفة عيد الأضحى المبارك.

الحويج كغيره، بطل مصري لا يعرفه الكثيرون، لكنه شارك في انتزاع الحق، ورد الكرامة، وإعادة الأرض لبلاده، فالتاريخ مليء بالنماذج التي سنظل نفخر بها، هؤلاء الأبطال الذين نالوا الشهادة في ميادين القتال المختلفة للذود عن أرض مصر، في سبيل تحقيق النصر لوطننا الغالي.. ولكن ليست كل ميادين القتال رصاصا ودماء.. هناك من نالوا الشهادة أثناء الذود عن تراب مصر، ولكن على مائدة التفاوض على استرداد جزء عزيز من أرض سيناء .

سنظل نطالب بالوفاء بحق هؤلاء وحقهم في التكريم الذي يليق بهم، سيدي الرئيس أعلم أنك تقدر وتعمل، لكنك سيدي قد تكون أغفلت سهوًا، أو تناسيت بغير قصدٍ، تكريم البطل الحويج، ومنحه ما يستحق كي يظل ابناؤه وذويه يرفعون رؤوسهم عالية كأقل تعويض لبطل مصري دفع حياته من أجل تراب هذا البلد.

سيدي الرئيس.. أصدر الأوامر فورًا، لأن مرؤوسيك لن يفعلوا دون إذنك، مرتعشون، وخائفون، ولا يأتمرون سوى بأمرك، أعط إشارة البدء لعمل نصب تذكاري بمحافظة سوهاج لذلك البطل، كرمه حق التكريم فهو يستحق ذلك وأكثر.

ولك أن تعلم سيدي الرئيس أنه بمجرد إذاعة خبر وفاة البطل الحويج قالت إذاعة لندن الناطقة باللغة العربية:" توفى أصغر أعضاء البعثة المصرية سنًا وأكثرهم تشددًا للقضية".

وكان الحويج ضمن وفد عسكري متعدد الجنسيات الذي كان يفصل بين مصر واسرائيل عقب معاهدة السلام وتم اختياره للتفاوض على علامات الحدود (91) وسافر مع الوفد المصري الذي ضم كلًا من اللواء فاروق لبيب رئيس جهاز الاتصال والدكتور مفيد شهاب بقيادة الدكتور نبيل العربي، إلى تل أبيب وبذل كل الجهد لكنه توفى أثناء المحادثات، إثر أزمة قلبية بسبب العناء.

أعلم أنك ستفعل، لذلك وجب الشكر قبلما التنفيذ، فلربما أكتب هنا مرة أخرى في هذه الزاوية، إذا لزم الأمر للتنويه والتذكير..

فبالأصالة عن نفسي والنيابة عن أهلي أوجه التحية وعظيم التقدير لكل أسد مصري ورد اسمه في ميادين البطولة والفداء.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط