الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أعياد الأم .. وذكريات تهيجها أيام عظيمة


ليس إلا يوما أو بعض يوم فصل بين الصدمات التي تسيل على أرض الوطن بجناية التيار السلفي في حق شهداء الوطن المتساقطين على ترابه الطاهر في خط ممتد من العريش إلى عمق الوادي وبين يوم 21 مارس حيث أعياد الأم التي يُحمل فيها الوفاء لقلوب تمنح الدنيا العطاء وتمنع عن العالم بحنانها نوبات الانزلاق ..

العجيب في الأمر .. وكأنه من ترتيب القدر أن يأتي يوم 21 مارس كمناسبة أخرى عظيمة الشأن لشاعر الحب والوطن .. شاعر الثنائيات التي لا تعيش الحياة بدونها عندما تبدأ من الأنثى والذكر ولا تنتهي عند الديانة والتدين ...!

فتأتي أيضا ذكرى ميلاد نزار قباني الذى ملأ الدنيا وشغل الحياة وصنع من الكلمة قاموسا جديدا شطر به المعاني وحولها في حياة الشعوب إلى لغة للنضال وأخرى للحب وثالثة للتفاني ..!

ليصبح نزار المولود في 21 مارس 1923م شريكا في عطائه للأمومة التي انحازت في كفاحها للوفاء - للتضحية والقيم التي سجلها نزار في دواوينه ..

وكلاهما لم يرحمه الإرهاب السلفي الذي نال من بلادنا وبطولة جنودنا في غفلة من الوعي العام ليسقط كل يوم بفعل جناياته وفتاويه شهداء في عمر الزهور ليسيل دمهم الطاهر بطول وعرض محافظات الوطن ... دما يَخرج صوته وكأنه يقول لسيناء أما ارتويت .. أما اكتفيت .. ويقول للإرهاب وسدنته أما شبعت مكرا وما اكتفيت قهرا ؟

حتى يخرج إلى بعض شوارعها من لا ينتمي إلى مصر وتاريخها من عيال القبائل الرحل فيحملون علم الإرهاب السلفي ويواجهون به جسارة الجيش المصري وبطولته بعدما غفلت الدولة وأزهرها وأوقافها عن المساجد والزوايا فاستولى عليها غلاة الحنابلة الذين يقذفون المجتمع اليوم بفتاوى تزعم أن الاحتفال بعيد الأمومة بدعة وأن الاحتفاء بشعر نزار قباني كفر بواح يخرج من الملة ..!!

لقد اجتمع المشهد ليكون علينا شاهدا يوم الاحتفال المصري بعيد الأم مجددا ولقطات الكاميرات التي اصطدمت بالمشهد وهي تقدم بعض المنتقبات في حفل سابق كأمهات مثاليات وليس بينهن في الوطن الكبير أم مسيحية واحدة ... !!!

ليصدع بيننا التساؤل هل كان احتفالا دينيا لطائفة أم احتفالا وطنيا بقيمة غالية ..؟

وكيف تصدر المشهد صور تنتهي بنا إلى تدعيم خطاب التشدد الديني الذى يقاتلنا في سيناء وينال من مصر بخيانة لم يصنعها من قبل أخبث الأعداء ..!!

وفي وقت ننادي فيه بضرورة تجديد الخطاب الديني ليكون بجوار المستقبل ومستقيما مع قول الله لا تفاسير خاصة بأجيال مضت لا تملك شمولية الرؤية ولا الإحاطة بالحكمة المتجددة للخطاب الإلهي لأهل الأرض ..!!

المناسبة لم يغفل عنها جوجل عندما غير شعاره ليحتفل معنا بميلاد نزار قباني الذى ختم حياته من فوق سرير مرضه وقد كتب آخر قصيدة له على أوراق العلاج يقول فيها :
تعب الكلام من الكلام
لم يبقَ عندي ما أقول
لم يبقَ عندي ما أقول
تعب الكلام من الكلام

وحق له أن يتعب بعدما ملأت دواوينه أركان الحدث وتقدمت السياسات وغاصت في الكوارث حتى منعتها بعض الأنظمة من التنقل حين أرادت المضي من وطن إلى وطن وحرمت حروفه من أن تعانق قوافيها على الأفواه وظل واقعنا يسجل بطريقته مراثيه في أوراق حديثة.. فنقول مالا نؤمن به .. وندعو إلى مالا نفعله .. ونمارس عكس ما نظهره .. وتضطرب حولنا الجغرافيا ليطعننا الإرهاب ولا نحرمه .. وينال من قلوب الأمهات ما يشاء في شهداء الوطن من غير أن نخرج هذا الفكر الإرهابي من رواق الجامع والجامعة وكتاب المدرسة ..!!

فهل نود وطنا يبنيه الخيال لا تتحرك لإنجازه الأيادي الصامدة ..؟
إذا خسرنا الحرب لا غرابة‏
لأننا ندخلها..‏
بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة‏
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة‏
لأننا ندخلها..‏
بمنطق الطبلة والربابة‏
السرُّ في مأساتنا‏
صراخُنا أضخمُ من أصواتنا‏
وسيفنا أطولُ من قاماتنا‏
خلاصةُ القضية‏
توجَزُ في عبارة
لقد لبسنا قشرةَ الحضارة‏
والروحُ جاهلية...‏

هكذا قال نزار وبعده قد تعب الكلام ولم يجد ما يقوله بعد الذى رآه ممن يحاربون الإرهاب بينما مناهجه تملأ مدارسنا وكتبه تحتل مساجدنا .. وأصواته تنبعث من فضائياتنا ... ومراسيمنا لا زالت في أصلها سلفية ..!!

وعليه فلن يكون ما كسر قلوب الأمهات في عيدهن آخر أيامنا إذا ظلت تدور حول أوراقنا الأماني ... دون التصدي المنهجي القادر على حسم قضية الإرهاب المتعددة الشُعب .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط