الأطفال المفقودون والـ DNA
فى الماضى البعيد كان المنادى فى الشوارع هو وسيلة البحث عن المفقودين , وكان الناس يتعاونون فيما بينهم على البحث عن أى طفل تاه عن أمه أو أبيه , كثر الناس وكثُرت متطلبات العيش , وتاه الجميع فى زحمة الحياة , وبات الجار لا يعرف اسم جاره , وان عرف اسمه لم يعرف صور أبنائه .
واليوم زادت جرائم خطف الاطفال , حتى باتت ظاهرة تقلق جميع المواطنين على شتى مستوياتهم وطبقاتهم الاجتماعية , فلم يستثن الجناة أحدا , البعض يتم خطفهم للتسول بهم , والبعض يتم خطفهم لبيعهم , والبعض الآخر خطفهم لبيع أعضائهم , حتى صار الاسعد حظًا هو من يتم خطفه لطلب فدية .
ولكل جريمة من تلك الجرائم الشنعاء أساليب حديثة لمواجهتها , والحمد لله ان العلماء قد عرفوا الخريطة الجينية للبشر , والحمد لله ان لكل إنسان خريطته الجينية المميزة له , ولكل عائلة ولكل أسرة صغيرة كانت أو كبيرة رابط جينى مشترك بين أفرادها , ومن هنا أصبح من السهل استخدام الخرائط الجينية وتحليل الـDNA لفك لغز الكثير من الجرائم , ومنع حدوث بعضها .
ومن هذه الجرائم التى يمكن فك طلاسمها بسهولة هى جرائم خطف الاطفال واستخدامهم فى عمليات التسول , فإذا قمنا بعمل تحليل جينى واخذ بصمة وراثية من كل طفل متسول فى أى شارع فى مصر, وعمل بنك معلومات خاص بهم , وبصمة جينية لكل أسرة فقدت طفلا وعمل بنك معلومات مقابل , واستخدمنا قواعد البيانات هذه , فسوف نكشف الكثير من الاسرار, ونعيد الكثير من الاطفال المفقودين الى ذويهم .
ونفس الحال فى زراعة الاعضاء , فيتم أخذ مسحة جينية من أى عضو بشرى يتم نقله الى أى شخص , ويتم إضافتها الى قاعدة بيانات البصمات الجينية والوراثية , ويكون ذلك شرطا أساسيا قبل أى عملية زرع أعضاء فى مصر , وبعدها نطالب بتعميم ذلك على مستوى العالم، وعندئذ سنقطع الطريق على أى استخدام غير قانونى لعمليات زراعة الاعضاء بصفة عامة .
قد يكون ذلك مكلفًا من الناحية المادية , ولكن حياة أى طفل مفقود لا تقدر بمال , وتكاليف إنشاء قاعدة البيانات هذه ستوفر تكاليف البحث والانقاذ التى تقوم بها الشرطة , وستؤدى الى تراجع معدلات هذه النوعية من الجرائم بطريقة كبيرة فى مصر , وربما فى شتى بقاع الارض اذا حذت الدول الاخرى حذونا فى هذا المضمار .
ثم يتبقى لنا جرائم الخطف لطلب الفدية , وهذه أيضًا من السهل مكافحتها اذا أستخدمنا التقنيات العلمية الحديثة الخاصة بالبصمة الجينية أو الوراثية فى التعرف على الجناة , قد يكون ذلك أكثر صعوبة من حالات خطف الاطفال للتسول بهم أو لبيعهم , لكون الطفل المخطوف لطلب فدية يفضل أهله دفع الفدية على المخاطرة بحياته , ولكن ذلك سيقلل بدون شك من عدد هذه الجرائم , لكون الجناة سيتم القبض على معظمهم بسهولة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط