الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عقلاء في مجتمع المجانين


تبا لعقلاء ما هم عقلاء فى مجتمعنا.. يحكمون بظواهر الامور.. يضعون عادات خربة عفا عليها الزمن نصب أعينهم.. وتناسوا أساسيات ديننا الحنيف ووجوبية الاستقامة والسير على نهجه..لا ينظرون بعين الرحمة لأقرانهم من البشر..ويتعاملون بقشور التقاليد البالية.. ليدوسوا بأقدامهم على أبجديات الرحمة والإنسانية.

تلك مقدمة اعتصر قلبى لدى صياغتها عبر حروف غلفها الحزن.. وهالنى ما قرأته من أحد التقارير شبه الرسمية من وجود 1200 مريض داخل مستشفى الامراض العقلية والنفسية فى العباسية يتم علاجهم كل على حده وفقا لحالتهم الصحية..

ما جعل القلب قبل العقل أن يتمرد على ما سمعه من الكلمات سالفة الذكر وجود 500 حالة من بين الـ 1200 مريض بمختلف النوعيات ذكرا كان أو أنثى تم شفاؤهم بشكل كامل من المرض النفسي والعصبى وأصبحوا مؤهلين بشكل كامل للتعايش مع فصائل المجتمع بمختلف أطيافه.

الأغرب الذى قرأته فى التقرير أن الـ 500 حالة التى تم شفاؤها يرفض ذويهم وأسرهم مجرد الاعتراف بشفائهم ويتمسكون بعدم التوجه الى مستشفى العباسية للتوقيع على استلامهم والعودة الى الديار كى يتسنى لهم الاندماج فى مجتمع أبعد ما يكون عن العقلانية.

أهالى العقلاء الذين تعافوا من الامراض النفسية والعصبية يتذرعون بأن المريض جلب العار الى ذويه وسوف يقال عنه أنه مجنون فى العائلة وتجرى معايرتهم به وبمرضه ضاربين عرض الحائط بأبجديات الدين الحنيف الذى دعا الى التراحم والاحتواء والترابط وعدم القطيعة لصلة الرحم.. وسلموا برايات العادات والتقاليد التى هى فى الأصل تراجعت فى ظل تراجع الاخلاقيات والنهم والشبق المالى الذى طغى على الناموس الدنيوى والإلهى أيضا.

مجتمع أصبح لا يبالى بأن المرض النفسي والعصبى مثله مثل أى مرض يصاب به البشر ولا يحق لأى كان من البشر أن يحكم على قريبه أو تابع له بالموت الإكلينيكى فى الحياة الدنيا.. فكيف يأتى له قلب أن يترك ممن دمه لمجرد أنه تم علاجه فى مستشفى العباسية يصارع الحياة ونظرات الآخرين تلاحقه ويصطدم بعادات لا تبالى بأساسيات الرحمة والإنسانية.

أيا كانت الدواعى والأسباب التى تجعل أهالى المريض الذى تعافى من مرضه بمستشفى العباسية لا يحق لهم التخلى عنه فمن الوارد ان تحدث له انتكاسة قاسية تجعله يعود الى الاسوأ فى حالته الصحية والنفسية.

وسؤالى الى الاهل وذوى المريض هل دوركم يقتصر على سداد وتحمل نفقات العلاج فقط وتسلم جثة المريض فى حالة وفاته فلماذا هنا لا تتبرأ من الجثة بعد مماته وتتمسك بالحصول عليها لدفنها بمقابر الأسرة تماشيا مع التقاليد طالما انك لا تعترف به فى حياته.

لا يسعنى القول سوى أن إنسانية البعض أصبحت الى زوال لا تهتم سوى بالشكليات فى دنيانا ولا تحسب أنهم على موعد مع الآخرة يتم حسابهم خلالها على ما قدمت أيديهم من أفعال اتجاه ذويهم أيا كانت علاقتهم به.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط