الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد زكى .. موهبة ضد الفساد


لا يمكن أن يسد فراغ فنان رحل فنان آخر..ولا يمكن أن تصنع الموهبة بـ"شوية فلوس"،حتى ولو أنتج لهذا الفنان ألف فيلم.

ومن ثم لا يمكن أن يأتى فى مسيرتنا السينمائية أحمد زكى آخر،هناك موهوبون فى كل المجالات ، وفى التمثيل ،العشرات ، لكن يظل ممثل كأحمد زكى حالة خاصة ، لأنه عاش من أجل فنه فقط ، ضحى بكل شىء ليمثل ، ويستمتع بأدائه وبفنه فقط.

ومنذ رحيله فى عام 2005 ونحن نحتفل بذكراه الـــ 12 ولم تمنحنا السينما موهبة بنفس مقاييس موهبته وقدرته على التقمص ..فأذكر أننى فى عام 1992 كان الراحل عاطف الطيب يجلس فى دار القضاء العالى ليصور مشهدا أظنه من أهم واصعب مشاهد فيلم " ضد الحكومة" وذهبت بحكم صلتي الطيبة به لأتابع التصوير ..وكانت بطلة الفيلم لبلبة تجلس مع الفنان فايق عزب فى جانب ما من القاعة ، بينما يرتدى احمد زكى "روب" المحاماة ، وكان فى حالة أشبه بمن يستعد لمعركة ملاكمة أو مصارعة ، يهرول فى "طرقة" قاعة المحكمة يمينا وشمالا ، يردد عبارات لم نفهمها.

أقول الحق ..خشيت أن أقترب منه ..فقد نصحتى عاطف الطيب بعدم سؤاله عن شىء لأن المشهد القادم صعب .. وهنا أدركت كم أن المهمة التى على عاتقه ثقيلة جدا ، فقررت الجلوس مع الفنانة لبلبة ، لمعرفة الحكاية ..

وكان المشهد الشهير الذى سيظل أحد أهم مشاهد السينما ، بل وأفلام احمد زكى ، فإذا كنا نقول أن مشهد شادية وهى تفتح الهويس فى فيلم " شىء من الخوف" أو محمود المليجى وهو يُسحل ، أو يردد عبارة "كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة " أو عبد الرحمن أبو زهرة مع احمد زكى ايضا فى فيلم " أرض الخوف" أو غيرها من المشاهد الصعبة مشاهد تخلد فى ذاكرة السينما ، اقول أن هذا المشهد الذى وقف يلقى دفاعه فى قضية أتوبيس راح ضحيته أطفال أبرياء ..فى فترة انتشار مافيا التعويضات والذى قال فيه الخطبة الشهيرة "أدركت قانون السبعينيات ولعبت عليه وتفوقت
تاجرت فى كل شيء فى القانون والاخلاق والشرف انا لا أنكر شيئا ومستعد للحساب وتحمل المسئولية
بل أكثر من ذلك اعترف امامكم أننى دخلت هذه القضية طامعا فى مبلغ تعويض ضخم لكنى اصطدمت بحالة خاصة شديدة الخصوصية جعلتنى أراجع نفسي أراجع موقفى كله أراجع حياتى وحياتنا اصطدمت بالمستقبل..
نعم صبي من الذين حكم عليهم كان ضمن ركاب أتوبيس الموت رأيت فيه المستقبل الذى يحمل لنا طوق نجاة حقيقيا رأيتنا نسحقه دون ان يهتز لنا جفن نقتله ونحن متصورون أن هذه هى طبائع الامور كان لابد لى أن أقف..
وأقول أن هذه جريمة جريمة كبرى لابد ان يحاسب من تسبب فيها إنى لا اطلب سوى محاسبة المسئولين الحقيقيين
عن قتل عشرين تلميذا لم يجنوا شيئا سوى انهم ابناؤنا ابناء العجز والإهمال والتردى كلنا فاسدون .. كلنا فاسدون
لا أستثنى احدا .. حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة ..

وهى خطبة طويلة ،لكنها معبرة ، فإذا ما تأملناها حاليا سنكتشف أن ما حدث من تسمم للأطفال بسبب الوجبات المدرسية ، أو ما يحدث من قتلى على الطرق بسبب الإهمال وعدم الإهتمام بالطرق كالدائرى والطرق السريعة ، وغيرها من الأزمات التى نعيشها ينطبق عليها مشهد فيلم " ضد الحكومة" الذى قدمه أحمد زكى عن قصة لوجيه أبو ذكرى عام 1992 ، رحم الله فنانا لن يتكرر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط