الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«سوق العنبريين» سجن أثرى عمره 900 عام يبحث عن منقذ.. الأهالى يستغيثون لمنع هدمه.. والعجاتي: «الآثار بتقول مفيش ميزانية».. فيديو وصور

صدى البلد

  • "سوق العنبريين" سجن أثرى عمره 900 عام يبحث عن منقذ
  • الأهالى يستغيثون لمنع هدمه
  • المبنى يضم 102 محل ومصدر رزق أكثر من 500 عامل
  • محامى الأهالى: نمتلك أكثر من حكم قضائى بتنكيس المبنى والمحليات تصر على الهدم
  • العجاتي: الآثار بتقول "مفيش ميزانية".. والنيابة الإدارية أوصت بضمه للآثار وترميمه

منذ أكثر من 900 عام تم وضع اللبنة الأولى لمبنى سوق العنبريين، هذا المبنى القديم الشاهد على تاريخ الدولة المصرية في مدخل شارع المعز لدين الله الفاطمى من جهة شارع الأزهر بمصر القديمة، فمن حبس نظامى تفوح منه رائحة كريهة إلى سوق لبيع العطور، خاصة المسك والعنبر، ثم عقار متنازع عليه، هكذا تطور تاريخ العقار، وفي النهاية يقرر الملاك الجدد ومسئولو حي الجمالية التعامل مع هذا المبنى باعتباره مبنى آيلا للسقوط ويجب هدمه وتسويته بالأرض.

كاميرا "صدى البلد" رصدت عن قرب المبنى الذي يأوي أكثر من 102 محلًا يبيع أغلبهم "العطور والمفروشات" ويعمل بها أكثر من 500 عامل، بعد أن هدمت أجزاء كثيرة منه بفضل التعديات من بعض الملاك الجدد للمكان، والحريق الضخم الذى حدث فى محلين من محلات الوكالة فى عام 2005 واستمر لثلاثة أيام كاملة، وتم إطفاؤه باستخدام خراطيم المياه حتى أن حوائط كاملة فى الوكالة سقطت أثناء الإطفاء.

فى البداية، يحكى شريف العجاتى، المحامي المسئول عن ملف العقار، تاريخ العقار فيقول: "إن هذا العقار انقسم حينما تم شق شارع الأزهر إلى جزءين أحدهما التربيعة القبلية وتقع أسفل مسجد الغورى، والتربيعة البحرية وتساوى ثلاثة أرباع المساحة وتبدأ من بداية شارع المعز حتى جامع الأشرف برسباى، ومساحته تبلغ حوالى 1045 مترا. وكان - كما تذكر كتب التاريخ- شنيع المنظر، يشم من يمر بجواره رائحة كريهة، وكان قلاوون يمر بجواره فى طريقه من بيته إلى قلعة الجبل فى زمن دولة الظاهر بيبرس عام 658 هــ / 1277م، فحسن له أن جعل الله له من الأمر شيئًا أن يبنى مكان هذا الحبس سوقًا، فلما تولَّى السلطنة هدم حبس المعونة وبنى سوقًا لبائعى العنبر".

وعن قصة الهدم قال العجاتى: "بدأت عندما التهم الحريق عام 2005 عددا من المحال التجارية، وإذ بعمال المطافئ يتعمدون هدم جدران المبنى أثناء عملية الإطفاء التي استمرت لأكثر من ثلاثة أيام كاملة، وذلك بناءً على تعليمات من المسئولين وقتها وعلى رأسهم وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى، وما أكد هذا الكلام أنه بعد الحريق مباشرة صدر قرار بهدم المكان كاملا حتى سطح الأرض، وهو ما وقفنا جميعا ضده".

وأضاف: "سعينا لتنكيس الوكالة للحفاظ عليها، ونحن نعرف تماما قيمتها التاريخية، كما نعرف أهمية الحفاظ على التراث المعماري لشارع المعز، ونجحنا بالفعل فى عام 2005، نفس سنة صدور القرار، ولكن الحى لم يعتد بالحكم لذلك تقدمنا بشكوى لهيئة النيابة الإدارية رقم قضية 786 لسنة 2015 نيابة الإدارة المحلية القسم الأول، ضد رئيس حى وسط القاهرة لإصداره قرار بإزالة العقار حتى سطح الأرض رقم 14 لسنة 2005 ومحاولة المختصين بالحى تنفيذ القرار رغم صدور حكم قضائى بأن تكون الإزالة للأدوار العليا فقط على أن يتم تنكيس الدور الأرضى".

وبحسب البيان الصادر عن رئاسة هيئة النيابة الإدارية فى القضية رقم 1 لسنة 2016 رئاسة الهيئة، والمتعلقة بتضرر شاغلى العقار من عدم اتخاذ المختصين بحى وسط القاهرة بالإجراءات المقررة قانونًا حيال ما يقوم أحد ملاك العقار المذكور من أعمال هدم للعقار رغم وجود منازعات قضائية منظورة أمام القضاء بشأن ذلك العقار، فإن رئيس هيئة النيابة الإدارية طالب بتسجيل العقار محل التحقيق كأثر واتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة عليه وفقًا لأحكام القانون وترميم الأجزاء المعمارية التى تتطلب ذلك مع الاستعانة بالوثائق الخاصة بالعقار، وتنكيس الأجزاء المعمارية التى بها خطورة على المبنى والمارة، والتى تحتوى على شروخ وتصدعات ناتجة عن آثار الحريق الذى تعرض له العقار عام 2005.

وانتهت النيابة الإدارية بإخطار وزير الآثار ومحافظ القاهرة، بصورة من مذكرة النيابة مع توصية محافظة القاهرة باتخاذ الإجراءات المقررة قانونًا لحماية الأفراد والممتلكات لشاغلى العقار، إلا أن وزارة الآثار ردت بعدم وجود ميزانية كافية لترميم المكان.

ويؤكد الحاج علي، أحد أصحاب المحلات سوق العنبريين، أن شارع المعز مكان لابد من تسجيله بالكامل كأثر، وأن سوق العنبريين مكان له قيمته التاريخية، بالإضافة إلى أنه يعد مصدر رزق أكثر من 500 منزل على الأقل، حيث إن المكان يحتوي على عدد كبير من المحال التجارية التى تتعدى 100 محل.

وتساءل: "كيف لدولة أثرية مثل مصر ألا تحافظ على هذا المبنى من دمار مافيا رجال الأعمال الذين يريدون تدمير كل ما هو جميل من أجل المال؟".

وقال عم مصطفى، الذى يمتلك أحد المحال التجارية داخل المبنى منذ 50 عامًا: "المكان مليء بالقطع الأثرية النادرة والحكاية مش حكاية محلات دى سرقة وضياع تراث وآثار".

وأضاف: "القصة بدأت منذ حريق 2005، وكلنا نعلم أن هناك عددا من المسئولين فى الحى يريدون إخلاء المكان بأى طريقة، وهو ما نرفضه تمامًا"، مشيرًا إلى أن الفساد الموجود بالمحليات هو سبب هدم أجزاء من المكان الأثري.

أما عم إبراهيم فقال: "عرضنا استعدادنا للمساهمة بشكل أساسى فى الترميم وإعادة بناء ما تهدم من الوكالة لتعود لرونقها القديم وليكتمل نسيج شارع المعز، أحد أهم آثار القاهرة التاريخية، ولكن وزارة الآثار ردت: مفيش ميزانية".

وأضاف أن "سوق العنبريين هو الواجهة الجميلة لشارع المعز، فلماذا كل هذا الإهمال فى آثار بلدنا؟"، مشيرا إلى أن هناك عددا من رجال الحى متواطئون مع رجل الأعمال الذى امتلك عددا من المحال ويريد هدم المكان.