الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوريا تفضح أكذوبة الوحدة العربية


أتذكر أنني كتبت مقالا ً على موقع " صدى البلد " العام الماضي وطالبت فيه بإصلاح وتطوير جذري في جامعة الدول العربية التي لم تعُد في الحقيقة معبرًا عن الأمة العربية وتطلعاتها ، ولم تكن داعما ً حقيقيا لوحدتها ، برغم القِمَم العربية الكثيرة التي تنعقد وتنفض دون تأثير حقيقي على وحدة الشعوب العربية، لدرجة أنها باتت تمثل عبئًا ثقيلا على العالم العربي بعد أن اقتصر دورها على بيانات الشجب والاستنكار على استحياء مؤخرًا ، والصمت احيانًا أخرى على قضايا مصيرية.

 وعلى الرغم من الكم الهائل من التوصيات والقرارات التي تصدر عن كل قمة منذ تأسيسها حتى هذه اللحظة فإن الغالبية الكاسحة منها كانت هي والعدام سواء بسواء ، ولقد كانت صدمتي كبيرة عندما قرأت منذ عدة أيام تصريحًا صحفيًا قال فيه ًوزير الخارجية الأردني " أيمن الصفدي" " بأن النظام السوري غير مدعو لحضور القمة العربية الــ 28 المقرر عقدها في الأردن بناء على قرار الجامعة العربية السيد أحمد أبو الغيط أن التدخلات الإيرانية في شئون عدة دول عربية مرفوضة وأن هناك قرارات صادرة عن جامعة الدول العربية فيما يتعلق بتدخلات إيران في المنطقة العربية والجزر الإماراتية مؤكدًا أن هناك قرارات عربية متعلقة بالإرهاب والرؤية العربية لمكافحته.

والسؤال هنا : عن أي وحدة يتكلمون ؟ والتصريحات تحمل في طياتها استهدافا ً لوحدة دولة عربية مستقلة وهي سوريا بإقصاء ومنع رئيسها " بشار الأسد " من حضور القمة العربية .. خاصة وأن سوريا الشقيقة كانت من أهم الدول التي قامت على اكتافها جامعة الدول العربية بعد مصر والأردن.

ومن الغريب أن بل ومن المفجع أن يتكلم الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط عن التدخلات الإيرانية في الشئون العربية وفي ذات الوقت يتم معاقبة سوريا بسبب صمودها وصمود جيشها وشعبها ضد الإرهاب والتقسيم .. فبدلا ً من أن تحتض الجامعة سوريا الجريحة وتضمد جراحها وتعمل على لم شملها نجدها تكشر عن أنيابها ضد بشار الأسد الذي وقف صامدا ً مع شعبه ضد سقوط سوريا وجيشها الوطني المستهدف من إسرائيل وحلفائها في المنطقة.

غريب أمر هذه الجامعة العربية التي قامت على مبدأ سيادة الدول ووحدتها لنراها اليوم مختطفة وتبيع قراراها واستقلاليتها للملكة العربية السعودية الشقيقة التي لم يعلق الأمين العام للجامعة العربية ولو مرة عن التدخل السعودي في الشأن السوري والدعم المهول بالمال والسلاح لجماعات مسلحة لاسقاط نظام بشار الأسد ، خاصة بعد تصريحات موثقة من وزير الخارجية السعودي " عادل الجبير " بأنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا ، وأن أمام الأسد التنحي أو الهزيمة ! والدعوة لمجلس انتقالي يهيئ سوريا لمستقبل أفضل بدون بشار الأسد .. أليس هذا هو التدخل بعينه في الشأن السوري من قبل المملكة العربية السعودية ؟!.

أليس هذه هي الحرب المذهبية المُخطط لها من قِبَل الكيان الصهيوني وحلفاؤه لإسقاط المنطقة واشعالها بالحروب المذهبية والطائفية والصراعات الدينية للتفرغ إسرائيل في جرائمها وتوسعاتها الاستيطانية في فلسطين ، وللعلم لو ناقشت الجامعة العربية الناتو العربية الإسرائيلي لمحاربة إيران ووافقت عليه فإن الجامعة العربية ستقضي على البقية الباقية من الدول العربية تحت زعم ومبرر الحرب على إيران وستشتعل المنطقة وسيمتد الدمار ليطول الدول المشاركة في هذا الناتو ويستهدف جيوشها.

فإياكم من الوقوع في هذا الفخ والمصيدة ، والمستنقع لأن الثمن الذي ستدفعه الدول العربية وأولها السعودية سيكون باهظا جدا وقد يشعل المملكة من الداخل ويهدد مشروعية نظامها وبقاؤه في السلطة ، هل من حكماء في هذه الجامعة المسماة بــ " الجامعة العربية " يوقظون الامة العربية من نومها العميق ، وينبهون حكامها ليستيقظوا من سباتهم قبل فوات الآوان ؟ .

ومن هنا فإنني أطالب بدعوة بشار الأسد كرمز لسوريا الصامدة للمشاركة في قمة عمان بالأردن ، ومحاولة إيجاد حلول سياسية توافقية لمشكلات الدول العربية بعيدا عن الحروب والمذهبية والقتل ، فإن كانت الجامعة العربية غير قادرة على إدارة الاختلاف بين العرب بالشكل الذي يحفظ للعالم العربي وحدته وأمنه واستقراراه فكيف تقدر هذه الجامعة على مواجهة التحديات الدولية التي تسهتدف العالم العربي ؟

ولذا فمن الضروري في قمة عمان مناقشة كيفية ايجاد وسائل للحوار بين العرب وإيران بعيدا عن الحرب بل ومحاولة اتخاذ خطوة تاريخية وجريئة ربما تغفر للجامعة العربية اخطائها وخطاياها السابقة والحالية في حق العرب وهي تقديم مبادرة لمصالحة تاريخية بين إيران والمملكة العربية السعودية والترفع عن أخطاء الماضي وايجاد حلول دبلوماسية بين البلدين تخدم مصالح البلدين والدول العربية قاطبة.

 وهذه المبادرة كنت اول من طرحها في عدة مقالات ، فهي تتطلب جرأة وشجاعة ولو تمت ستفوت على إسرائيل وحلفائها فرصة اشعال المنطقة العربية بالصراع السني الشيعي ، كما يجب أن تدعم القمة احترام خيارات الشعب السوري واستقلال وسيادة سوريا ، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واصدار بيان شديد اللهجة يدين جرائم الكيان الصهيوني الغاشم في فلسطين واستباحة حرمة المسجد الأقصى والمضي قدما في بناء المستوطنات.

 كما يجب أن ترفض القمة وخاصة مصر الدعوات المطالبة بتأسيس التاتو العربي الإسرائيلي في مواجهة إيران لأنه فخ ومستنقع سيستنزف جيوش وموارد الدول العربية تحت مبرر الحرب على إيران ، وهي في الحقيقة حرب مستترة على العرب لو تمت سيقضي العرب على أنفسهم بنيران صديقة.

فهل آن الآوان للأمة العربية أن تستفيق وتصحوا من نومها ؟ هل آن الآوان لحكامها أن يراعوا الله في شعوبهم ؟ هل سيستيقظ الضمير العربي شبه الميت بعد أن أصبح العرب أعداء لانفسهم بل وخطرهم على أنفسهم أشد ضراوة من خطر ألد أعداء الامة العربية والإسلامية ؟ هل تستيقظ الأمة العربية النائمة كما وصفتها جولدا مائير عندما قالت " عندما أحرقنا القدس لم أنم طيلة الليلة وتوقعت أن العرب سيأتون نازحين من كل حدب وصوب نحو إسرائيل ، فعندما بزغ الصباح علمت وأيقنت إننا أمام أمة نائمة " ، هل من صوت وضمير حي في الجامعة العربية يوقف قتل وفتك العرب بانفسهم في اليمن والعراق سوريا وليبيا إن كان ذلك ممكنا ؟... فإن لم تقم الجامعة العربية بهذا الدور فانها لم ولن تكون جامعة ولا عربية !.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط