الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معضلة عداوة العقل ومناهضة التطور !


درج الأغبياء على عدم التعرض للسير الذاتية لجماهير النابغين ... وكذلك فقصار القامة يكرهون جدا مصادقة من يملك بنية جسدية فارعة تظهر اقترابهم من الأرض وتعلن عن قصرهم على الملأ ...!!

كنت أراقب عن كثب الاستغراق السلفي في إعادة إنتاج نفسه عندما يصر على معاداة النظريات العلمية في الطب الحديث فيلجأ للحشائش والوصفات البدوية ويرفع عليها عنوانا بدويا يريد منه قهر مراكز الأبحاث وبيوت العلم التي أفنى فيها العلماء أعمارهم وهم يخترعون للبشرية مثلا مواد المضادات الحيوية وحقن البنسلين التي حاصرت الأمراض الوبائية التي أزالت من على وجه الأرض أممًا من قبل....

كنت أراقب محاولات الدكتور زغلول النجار الذي يتزين بلحيته وهو في حالة استعداء مستمر لكل منتج علمي فيحاول بجهد تلفيقي أن ينزل النظريات العلمية على آيات قرآنية أو أحاديث أو سطور تراثية ليظهر للعالم ويقنع نفسه ومريديه أننا الأمة التي اكتشفت كل هذه العلوم قبل أن يصل إليها الغرب ...!! دون أن يقدم لنا بحثا عن الكيفية التي كنا نخبئ بها هذه العلوم والنظريات ونمنع عن أنفسنا وعالمنا جمال الاستفادة منها ..؟

هذا المسلك التلفيقي الذي حاول أن ينتعش بجوار تجارة الأعشاب وأبخرة الجن والعفاريت ومشايخ الشفاء بالقرآن واستخراج الأرواح الشريرة من الإنسان لا تجد لها سوقا بجوار أمة تحترم العقل وتدين لفضله في المعرفة وبحوثه المنهجية في التأطير المنضبط الخادم بحق للبشرية ...

ويكفي أن تطلع على حدود الكارثة وأنت تقرأ ما كشف عنه الدكتور عادل عامر أستاذ القانون العام ، عن وجود 250 ألف دجال يمارسون أنشطة الشعوذة ، بعضهم من النخبة السياسية التي كانت تحكم البلاد وهم جماعة الاخوان المحظورة .

وأشار عامر إلى أن العرب ينفقون زهاء 5 مليارات دولار سنويا على الدجل والشعوذة، وأن نصف نساء العرب يعتقدن بفعل الخرافات والخزعبلات ويترددن على المشعوذين سرًا وعلانية أن المصريين وحدهم ينفقون نحو 15 مليارات جنيه سنويا على الدجالين والمشعوذين والنصابين الذين يدعون قدرتهم على تسخير الجان وعلاج الأمراض والمشاكل الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

وأن 50% من النساء المصريات يعتقدن بقدرة الدجالين على حل مشاكلهن ، وأن 63% من المصريين يؤمنون بالخرافات والخزعبلات، ويمثل الفنانون والسياسيون والمثقفون والرياضيون منهم نسبة 11%...."

إنها الكارثة بكل حدودها الطبيعية التي جعلتنا نخاصم العقل بعدما فتح العلم عيوننا على العالم ... وفتح العقل مساراتنا على العلم ومناهجه البحثية .... لتظهر في عالمنا العربي حركات رده عجيبة تستخف بالعقل وتمنع عنه حقوقه في النظر والرؤية وتسعى بكل جهد لنصرة بول البعير على حقن البنسلين ... وجعل التداوي بالأعشاب بديلا نافعا يلقي صاحبة مع العلاج الأجر والثواب ..!!

بل جاهر فساقنا من الكفار بالعقل إلى ضرورة هزيمة الغرب وكسر آنيته وتشريد مدنه واحتلال أرضه من أجل العود الحميد إلى أسواق النخاسة من جديد بعدما رأوا أن حضارة حقوق الإنسان والمواطنة وقيم التعايش ليست إلا مبادئ ضد تصورهم وعقائدهم ..!!

ليصبح التساؤل من يقف خلف هذا التدمير الممنهج لعقول الشرق التي ذهبت في رحلة سبي الأوطان فهدمت العراق والشام ولا زالت تحاصر غيرها من الأقطار ...؟

من المسئول عن دمار البنية التحتية للوعي البشري لسكان الشرق ومنع عنهم نور البصيرة حتى نصل لمشارف القرن الواحد والعشرين كي تعيد محاكمنا النظر في التفتيش عن العقائد وحبس المفكرين على الآراء ووجهات النظر...؟

ما هو اللغز الكامن خلف عداوة العقل ومناهضة التطور الذى يسكن هذه الأمة الشرقية التاريخية العتيقة ...!

ما السر في سيطرة نمط ثقافي عشوائي تلفيقي كذوب يظن نفسه حقا دون أن ينظر لمظاهر تواجده في مجتمعاتنا التي لم تجلب أو تنجب إلا كل منكر وقبيح ..؟

السر ... يكاد يسكن سرا آخر يحاول أن يتخفى عن الأنظار ..

هو العجز الذي أنجبه القهر حين طال به العمر فجعل الأغبياء يحتقرون الأذكياء ... والمهزومون لا يجدون تشفيهم إلا بإسقاط وتسقيط كل منتصر في حلبه الصراع ... والمشوه الضائع لا يريد أن تسقط عينه على ناجح لامع في كوكبنا .. وعلى هذا قس باقي موجات الاحقاد والصراع ..

معضلة العقل الذي نعاديه ... أننا لم نعد نملك عقلا نفكر به ... ومعضلة التطور الذي نضطهده أننا عجزنا عن إنتاج قيمه وأدواته التي تسايره وتصنعه ..!!

وبدأنا في الدوران من جديد حول فشل لا ينتج إلا فشلا جديدا .. !!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط