الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الناس الشمال


مؤخرا شاهدت زميلا كان يرتدي طيلة حياته ثوب الاشتراكية وكان عضوا بحزب يساري ويعمل في جريدة يسارية اشتراكية تنادي بمبادئ اليسار وترفض الرأسمالية وتعادي رأس المال وسيطرته على أوجه الحياة المختلفة ..

زميلنا العزيز هذه المرة كان يختلف تماما عما شاهدته عليه منذ سنوات فقد خلع رداء اليسار وإن كان مازال يردد أنه ينتمي لليسار ولكنه أصبح الآن يعمل في جريدة ليبرالية معارضة تماما للفكر الاشتراكي واليساري بل هي تصل لحد العداء المباشر والصريح لليسار والاشتراكية !!

صديقنا هذا هو نموذج لحال اليسار المصري الآن الذي أصبح متاحا مباحا للجميع سواء للإخوان الذين امتطوا التيارات اليسارية في أحداث يناير أو حتى من الليبراليين الجدد الذين يحتلون الصحف الخاصة والفضائيات على اختلاف توجهاتها وورغم ذلك أصبح العنصر اليساري هو الغالب في كل هياكلها الصحفية والتحريرية وإن كانت كلها ضد توجهاتهم الفكرية اليسارية .. ولكن بالطبع للمال سحر آخر ولتذهب الاشتراكية للجحيم !

لا نتحدث هنا عن تاريخ اليسار المصري .. إنما نتحدث عن رموز اليسار في الالفية الثالثة وتحديدا عقب أحداث يناير حيث ارتكزت المجموعات الثورية على مقاهي وسط البلد لتمارس التنظير لمستقبل مصر عقب تنحي مبارك وتصدير الوهم للمجتمع المصري بدور اليسار في تثوير الجماهير، وسط حالة من عدم الحياء اليساري المعلن راحت هذه المجموعات تجاهر بحقها في التمركز ببعض مؤسسات الدولة بزعم قدرتها الفائقة على الادارة التي ستحقق العدالة الاجتماعية كاحد أهم شعارات الثورة.

وللأسف الشديد انخدع بقدرتهم على التنظير والتمحور حول الفراغ بعض المستجدين ممن فرض عليهم مواجهة المشهد السياسي ، فتمددت تلك المجموعات اليسارية من أصحاب الشمال ببعض المؤسسات الهامة واحتلت المشهد الاعلامي لتمارس خداعها على الجمهور الذي تبهره القدرة على الاسترسال في الحديث دون توقف واستخدام التراكيب اللغوية المقعرة واحتلال مواضع الخبراء والمحللين السياسيين دون أي رصيد من تراكم ثقافه أوتعليم أو خبرات حقيقية فلم يضبط أحدهم متلبسا بإدارة كشك بينما يرى في نفسه وتياره القدرة على إدارة الدولة !

وأهم مايشغلنا هنا هو خطورة هذا التنظيم على جسد الدولة المصرية بعدما أثبتت تجربة يناير إمكانية استخدامه كمطية يمكن استغلالها وركوبها تماما كما حدث في ميدان التحرير، في أحداث 25 يناير عندما ركب الإخوان في النهاية وأخرجوا اليسار من المشهد نهائيا !

وفعلها تنظيم الاخوان الارهابي الذي احترف امتطاء هذا التيار كوسيلة مواصلات سياسية للاستيلاء على الدولة المصرية عندما بدأت عملية " الركوب السياسي".

لهذا التنظيم من جماعة الإخوان تدريجيا باختراق حركة كفايه ثم 6 أبريل وبعدها الجمعية الوطنية للتغيير وصولا لعصر الليمون الذي أوصل المتخابر محمد مرسي لحكم البلاد سنه كاملة كلفت الدولة المصرية كثيرا .

نعود الى مجموعات يسارية أخرى أكثر خطورة تمكنت من التسلل لمؤسسات ووسائل الإعلام فأصبح تأثيرها أكثر خطورة ، تلك الجماعة التي فضلت الارتكاز على مقاهي الزمالك هربا من بعض الروائح الكريهة لنفس أبناء فصيتلهم. أحدهم كتب مقالا في جريدة يومية خاصة ممولة إخوانيا تشرق علينا كل صباح ادعى فيها أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حاول الاتصال عدة مرات برئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي دون استجابه منها ولما كشف الرئيس عن تلقيه أول اتصال من رئيسة وزراء بريطانيا بمبادرة منها راح هذا اليساري ليعتذر في الخفاء للمسئول الكبير عما بدر منه والغريب أنه استمد معلوماته الوهمية من يساري آخر كان سفيرا سابقا !!

يساري آخر مع الاسف تربع على عرش مؤسسه صحفية كبرى فدمرها تدميرا واعترف في وثيقة رسمية أن المؤسسة على وشك الانهيار ، وفي الوقت الذي يجاهر فيه بمشروعات وهميه حصل على قرض بنكي بضمان الجامعة التي تحمل نفس اسم مؤسسته ..

يساري ثالث تصدر المشهد الصحفي ممثلا للصحفيين وبعد رحيله كشفت وثيقة رسمية عن صرفه مايسمى إعانة اعتقال لاسر الإخوان المحبوسين في قضايا إرهاب وتخابر .. المدهش أنهم جميعا ومن مقهى الزمالك يجاهرون بمبادئهم الاشتراكية بينما يتواصلون مع رجال الأعمال الذين يلعنون تلك المبادئ سرا وعلانية إلا أن فعل المال يتجاوز تلك الشعارات ..

تلك الحالة اليسارية الوهمية التي خلعت برقع الحياء السياسي حاولت الاستيلاء على الذهنية العامة المحيطة بالرئيس إلا أن أكاذيبهم قد انكشفت بعدما تبين الفارق بين رجل الدولة ورجل المقهى ، إنها حالة من النصب السياسي التي يمكن أن تمنح الإخوان فرصة أخرى للتسلل لجسد الوطن ، إن مصر في حاجة إلى حملة شعبية وقومية لفضح "الناس الشمال" ، تحشموا يرحمكم الله!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط