الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشاعر تشاور


الإنسان بوتقة للمشاعر.. أحيانًا يستطيع تمييزها عن بعضها البعض، وكثيرًا ما تتداخل في بعضها البعض.. ويصعب التفريق بين الشعور العربي والشعور الأعجمي حتى لو حاولت أن تتحلي بالتقوى.. الإنسان استطاع حل أعقد المعادلات الكيمائية لكن ما زال يختلط عليه إحساسه بالجوع والعطش فكثيرًا ما يأكل ليسد عطشه!، وصل الإنسان للفضاء ووضع عليه مركبته المحملة بآماله وأحلامه ولكن آي آمال وأحلام! قد تكون آمال ضاقت بها الأرض طولًا وأحلام لم تتسع لها السماء عرضًا!

نجح الإنسان بجدارة في صنع كل الوساءل المتكلمة من راديو وتلفزيون وتليفون إلا إنه لم يستطع إيجاد الكلمات اللتي تكفي حاجتهم فأصبح أي حوار ماهو إلا تكرار لما قد قيل وما سيقال.. بالغ في صنع وسائل الراحة لكنها ما زادته إلا شقاءً.. لم يترك بابًا للتقارب إلا وطرقه من "الحمام الزاجل" حتى "الإيمو العاجل" وَلَكِن النتيجة أنه ظل حبيس خلف كل باب لا يخرج منه إلا ليسجن نفسه خلف باب آخر يزيد من بِعاده.. نشَد الهدوء فصنَعْ الصخب.. دمّر الطبيعة ثم عاد يبكيها.. نجح في إيجاد علاجات لأوبئة أبادت شعوب ولكنه فشل في إيجاد علاج فعال للإنفلونزا أو حَب الشباب.. روّض الأسود وفشل في ترويض نفسه الأمارة بالسوء والحروب.. رُزق الجنة فزهدها وأفني عمره بحثًا عنها... شقَ البحر وغرِق عندما لامست قدماه الشط.

يد تنزع الأشواك ويد تزرع الألغام.. وما ذلك إلا "مشاعر" تلازمنا في اليوم علي مدى الأربعة وعشرين ساعة، وتغرقنا في الساعة ملء الستين دقيقة، والدقيقة ما هي إلا ستون ثانية (دقيقة) في مشاعرها، فتلك تحمل ضحكة وبعدها تحمل دمعة لتتبعها من تخفي الأمل قبل أن تغتالها من تخبئ اليأس فتفضي إلى خذلان يليه استسلام قد يعقبه لحظة رضا تنفي بها عن نفسك أمام نفسك أنك كنود فما هذا إلا "مشاعر".. عنيد سعيد، ربما بسمَتِك متوضأة بدمعتِك، احتمال.. أفراح عشناها وخيبات اعتدناها وشعارات رددناها بأن أحلي يوم لِسَّه ماجاش، فتصفق لنفسك عندما تصل لتلك القناعة وتحييها وتقولها بملئ "المشاعر" (عاش).

انتصارات افترشناها على بساط هزائمنا، كي لا ننسي تلك "المشاعر".. عادات أمست عبادات، يتبعها لحظات من التطهر وساعات من الجنون فكلها "مشاعر".. فرح وحزن، رضا وخذلان، يأس وأمل، تلك هِي المشاعر عندما غنت شيرين "مشاعر تشاور تودع مسافر"... لا أدري هل كان هذا المسافر هو من تبتلعه أرصفة الوداع... أم هو كل حلم لم ندركه وكل قلب كسرناه وكل حب خذلنا وكل زهرة سحقناها، وكل طريق هزمناه، وجوه نلتقيها فتلتقينا وننساها فتتذكرنا ونحن غافلين بذكرى من نسونا وكلها "مشاعر" ربي رحماك من تلك المشاعر التي تموت وتحيى وتلك هي أعتى "المشاعر".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط