الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهيئات الإعلامية .. وأزمة الصحافة المصرية


رغم إقرار قانون التنظيم المؤسسي 92 لسنة 2016 والذى بموجبه تم تشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث ، وهى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، والهيئة الوطنية للصحافة ، والهيئة الوطنية للإعلام ، لاتزال الصحافة وأبناء المهنة فى بلادى مصر، تواجه أزمة حقيقية وتحديات خطيرة ، بلغت ذروتها خلال السنوات القليلة الماضية، وتحديدا التالية على أحداث يناير من العام 2011 ، الأمر الذى انعكس سلبا على الواقع الصحفى والإعلامى عموما ، والذى امتد بدوره إلى المجتمع المصرى ، الذى ساهمت الصحافة والإعلام عموما ، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فى تأزمه ، وخلق معاناة معرفية له ، بجانب المعاناة فى مجالات أخرى كالسياسية والاقتصادية.

وعندى أن الأزمة مرشحة للتصاعد ، خاصة فى ظل انتظار تشريعات صحفية جديدة ، يحملها مشروع قانون الصحافة والإعلام ، والذى وبحسب تصريحات برلمانية تم إرساله إلى الهيئات الإعلامية الثلاث الجديدة وهى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام ، لإبداء الرأى فيه ، وهو الجزء الثانى من مشروع الصحافة والإعلام الموحد ، الذى سبق وأن تم تقديمه للبرلمان ، غير أنه تم تقسيمه ليصدر قانون التنظيم المؤسسى الخاص بتشكيل الهيئات ، وهو ما تم بالفعل ، ليبقى قانون الصحافة والإعلام ، والذى يراه فريق ممن ساهم فى إعداده بأنه كفيل بضبط الأداء الإعلامى والحد من أزمات الصحفيين ، فى وقت يرى فيه كثيرون – وأنا منهم – أنه وحده غير كفيل بضبط الأداء الإعلامى.

يأتى ذلك كله فى وقت يعانى فيه الصحفيون غياب ضروريات البقاء سواء المادية أو المهنية ، ويفرض عليهم الواقع السياسى الذى تمر به الدولة ، أن يكون لهم دورهم فى دعم الحكومة ، وهو الأمر الذى خلق حالة من الانقسام غير المحمود فى الوسط الصحفى والإعلامى ، حيث اتجه فريق لدعم الدولة وبشكل مبالغ فيه، جعلهم يدخلون فى دائرة نفاق السلطة من ناحية ، وفريق آخر ينتهج نهج معارضة النظام ، الأمر الذى أدى فى النهاية الى خروج الأداء الإعلامى عن الطريق القويم، ودخل إما فى طريق نفاق السلطة ، أو المساعدة على هدم الدولة وخدمة أغراض وأهداف المتربصين بها.

والواقع الذي يعيشه الصحفيون فى بلادى مصر يتسم بالمرارة ، خاصة أن كثيرا منهم وأغلبهم من المنتمين إلى الصحف الحزبية والخاصة ، يعانون البطالة وعدم صرف رواتبهم منذ سنوات طوال ، فضلا عن قيام أصحاب الصحف الخاصة بتسريح العديد منهم بحجج الخسارة المادية، الأمر الذى انعكس فى النهاية بالسلب على أوضاع الصحفيين عموما، بعد أن فقد أغلبهم مورد رزقه الأساسى نتيجة إغلاق الصحف وتشريد الصحفيين بها من ناحية، وبسبب عدم قدرة الدولة على تسوية ملفاتهم التأمينية من ناحية أخرى، مما يهدد مستقبل أسرهم نظرا لارتباط ذلك الأمر بمعاش الضمان الاجتماعي المفروض على الدولة ، هذا بخلاف حالة البطالة التى يعيشونها ، والتى تعد مجالا للاستثمار الخصب من مجال المتربصين بالدولة المصرية ممن يملكون آلات دعاية إعلامية ذات تمويل مادى سخى.

ومع تلك التحديات وخاصة المادية تأثر أداء الصحفيين ، مما دفع بالكثيرين منهم إلى تحويل دفة الأداء المهنى والحياد عن المصداقية، وذلك إما لخدمة الحكومة والتسبيح بحمدها، وإما للدفاع عن رجال الأعمال سواء فى الصحف الخاصة أو الفضائيات التى يمتلكونها لتكون المهنة والصحفيون الخاسر الأكبر فى عملية التحول السلبى فى الأداء المهني.

تبقى المسئولية عن هذا التراجع فى الأداء والتحديات التى تواجه الصحفيين والمهنة عموما على كاهل الحكومة بالدرجة الأولى ، التى تملك زمام القدرة على تقنين الأوضاع ، وعلى الجهات المعنية الجديدة ، وفى مقدمتها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، والهيئة الوطنية للصحافة ، ومعهما نقابة الصحفيين ، التى أصبحت وبعد قانون التنظيم المؤسسى فى الدرجة الثالثة ، بعد أن كانت درجة ثانية فيما سبق بعد المجلس الأعلى للصحافة، وذلك على اعتبار أن تلك الجهات هى المسئولة عن الصحف والصحفيين عموما ، وهو ما يفرض عليها أعباء جديدة لضبط الأداء الصحفى والإعلامى عموما.

غير أن تحديات مازالت موجودة تواجه تلك الجهات فى سبيل تنفيذ خطة لضبط الأداء الصحفى والإعلامى وإنهاء أزمة الصحافة المصرية ، تتمثل تلك التحديات فى استمرار أزمة الموازنة بين ضروريات المهنة وحق المجتمع من ناحية، وبين ومطالب دعم الحكومة وتلميع أصحاب رؤوس الأموال الخاصة من ناحية أخرى ، وهى المعضلة التى تواجه الصحافة والصحفيين فى بلادى مصر قديما وحديثا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط