الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زيارة لأشقاء الوطن والمصير


تأخرت كثيرا في الحديث عن هذه الزيارة الخاصة لاعتبارات عديدة أهمها أن الزيارة كانت شخصية وكانت لتقديم واجب العزاء وليس للنشر أو للدعاية الانتخابية .. فلم أتعود أن أخلط الخاص بالعام خاصة لو كان الأمر يخص إخوة وأشقاء في الوطن والمصير .. وأن الأمر يصل إلى حد الكارثة التي نعاني منها جميعا مسلمين ومسيحيين .. نعاني كمصريين من كارثة الإرهاب الذي حل علينا بدعاوى كاذبة واعتبارات لا وجود لها إلا في عقل من يروجها ويرددها .

قررت هذا العام أن تكون زيارتي للكنيسة زيارة منفردة دون صحبة أو رفقة من الأصدقاء .. قررت أن تكون زيارة شخصية وليست زيارة عمل أو زيارة سياسية أو انتخابية .. فتوجهت منفردا لزيارة إخواني وأصدقائي في كنيسة مدينة 15 مايو بعد انتهاء الوقت الرسمي المحدد لتقديم واجب العزاء بعد إلغاء الاحتفالات الرسمية والاكتفاء بالصلوات فقط في أيام الاحتفالات .. ولذا فقد قررت أن يكون عزائي منفردا دون رفقة .. عزاء شخصيا وليس سياسيا كما هو متبع..

توجهت إلى الكنيسة بعد أن خلت الساحة من المعزين والوفود الرسمية والشعبية .. وكان الأب صموئيل راعي الكنيسة قد توجه لغرفته الشخصية ومعه مجموعة من المرافقين .. الأب شنودة الذي تم ترسيمه هو وشقيقه مؤخرا بعد وفاة الأب داوود وهبة .. والصديقة العزيزة المهندسة تريزا .. وبعض الأصدقاء .. استقبلني الصديق ثروت جرجس والتقينا الأب صموئيل ورفقته الطيبة في مقر إقامته الذي طالما استقبلنا فيه ولكنه صمم أن يتم فتح القاعة الرسمية المخصصة لاستقبال الضيوف وأن يكون اللقاء رسميا رغم أني كنت بمفردي .. وصمم أن يعود معي للقاعة في لفتة طيبة منه تعبر عن مدى محبة الرجل وتواصله مع محبيه بشكل غير مسبوق ..

في القاعة الكبرى جلسنا جميعا ودار الحديث عن الحالة الأمنية والتفجيرات الأخيرة وكيف كانت مصر وكيف أصبحت .. كيف كنا شعبا واحدا لا تفرقه شعارات ولا مصالح ..

تحدثنا في هذا اللقاء عن صديقي الراحل رأفت بطرس نائب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة والذي توفاه الله منذ أكثر من عشر سنوات وعن شعوري بعد وفاته بفقد الصديق المقرب .. وحدثني الأب صموئيل عن طفولته وشبابه الذي قضاه كاملا عند جيرانه المسلمين وعن صداقته التي استمرت طويلا معهم جميعا وكيف عاش المصريون جميعا هذا الشعور الذي يربط بين المسلم والمسيحي بشكل لا إرادي .. ذلك الرباط غير المبرر.. رباط يربط بين المسلم والمسيحي في السلم والحرب .. وفي السراء والضراء .. في أفراحنا وفي عزائهم .. وفي الحياة اليومية .. لم نفكر ولم يفكر أحد في تفسير تلك العلاقة القديمة بين المصريين مسلمين ومسيحيين..

الحديث عن العلاقة الأبدية بين المسلمين والمسيحيين كان حديثا ذا شجون فلم يكن فيه ما يعكر الصفو إلا ما طرأ على مصر مؤخرا من عناصر مغرضة هدفها الوحيد هو ضرب العلاقة التاريخية والأبدية بين الطرفين أو على الأصح بين المصريين وبعضهم البعض .. فالهدف ليس تفجير كنيسة أو قتل مسيحي بقدر ما هو بغرض إشعال الفتنة والحرب والاقتتال بين المصريين حتى يسقط آخر حصن في المنطقة العربية .. وحتى تسقط مصر في أتون الحرب الأهلية التي فشلوا في تحقيقها حتى الآن .. وحتى تكون مصر لقمة سائغة في أيدي الأعداء ليتم تقسيمها دويلات صغيرة تكون بالطبع خارج المنافسة وتكون السيطرة والغلبة لأعداء مصر التاريخيين .. لمن يقتل المصريين مسلمين ومسيحيين .. لمن يدبر التفجيرات بليل ثم يخرج لنشر الفتنة بعدها وهو يرتدي ثياب الواعظين ..

ورغم حديث الود الذي لا تشوبه شائبة والذي اتسم بالصدق والشفافية .. إلا أني شعرت بمرارة في حديث الأشقاء .. بسبب تكرار تلك التفجيرات رغم كل ما تتخذه الدولة من إجراءات لمنعها ولحماية المسيحيين وكنائسهم .. وتحاورنا كثيرا حول صعوبة الظرف الذي تمر به مصر .. مصر التي تعيش حالة حرب حقيقية وليست مجازية وبدون مبالغة هي أخطر حرب تخوضها مصر في الوقت الحالي .. ذلك الوقت الذي تتعرض فيه لأخطر وأكبر مؤامرة في تاريخها الحديث والقديم على السواء ..

تلك المؤامرة التي تستهدف المسلم والمسيحي على السواء .. وتستهدف جيش مصر بشكل مباشر .. ذلك الجيش الذي نجح حتى الآن في إفشال مخطط إسقاط مصر .. وإنهاء فكرة الشرق الأوسط الجديد الذي تسيطر فيه إسرائيل دلوعة ماما أمريكا .. ذلك المخطط الذي تموله دول وأجهزة مخابرات معادية لا تيأس من تكرار المحاولات واختراع المؤامرات وترتيب الصدامات بين عناصر الدولة الواحدة ومحاولات شق الصف المصري وخاصة تلك المحاولات الدؤوبة التي لا تنقطع لضرب الوحدة الوطنية بين المصريين..

الخلاصة أن اللقاء كان يعبر عن الحالة المصرية بكل ما فيها من ود وتواصل وأيضا بكل ما فيها من ترقب وقلق .. ولكن يبقى أن إخوتنا المسيحيين هم جزء من الوطن .. نفرح لفرح ونألم لألمهم .. الخلاصة يا سادة .. وطن واحد وشعب واحد ومصير واحد .. وستتحطم كل المؤامرات على صخرة وحدتنا المصرية .. هذا اعتقادي .. وهذه قناعتي.. وهذه مصر .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط