الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صحيفة دولية: قطر تواجه فضيحة دفعها فدية لميليشيا عراقية لتحرير رهائنها

أمير قطر تميم بن
أمير قطر تميم بن حمد

نشرت صحيفة "العرب اللندنية" تقريرا حول قيام قطر بمواجهة صعوبات في تطويق الفضيحة المترتّبة على كشف السلطات العراقية لمحاولة الدوحة تسليم ميليشيا شيعية كانت تحتجز رهائن قطريين مبالغ كبيرة من المال تقدّر بالملايين من الدولارات، في نطاق صفقة سرّية يبدو أن السلطات القطرية قد عقدتها مع الجهة الخاطفة لتسهيل استعادة رهائنها ومن بينهم شيوخ من الأسرة الحاكمة.

واضطرّت الدوحة، الخميس، إلى الخروج عن صمتها محاولة التملّص من القضية التي أثارها رئيس الوزراء حيدر العبادي بكشفه عن مصادرة سلطات بلاده لمقدار كبير من المال جلبته البعثة القطرية التي حلّت بمطار بغداد لتسلّم الرهائن المحرّرين.

وبدا الحرج كبيرا على الحكومة القطرية وهي تكلّف وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بتبرير وجود ذلك الكم الكبير من المال لدى البعثة.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، الخميس، عن الوزير قوله إن حكومته “احتاطت في وقت سابق بإدخال أموال إلى العراق بشكل رسمي وواضح وعلني لدعم جهود السلطات العراقية في إطلاق سراح المختطفين القطريين”.

وأضاف “هذه الأموال كانت ستكون تحت تصرف السلطات العراقية” مؤكدا أن “قطر لم تتعامل مع المجموعات المسلحة الخارجة عن سلطات الدولة”.

ويأتى الحرج القطري أنّ الأموال التي تدفع للخاطفين تعتبر تمويلا مباشرا للتشدّد والإرهاب.

وحسب خبراء الشؤون الأمنية لم تكن حادثة مطار بغداد سوى تأكيد لسلوك دأبت عليه قطر منذ سنوات، مستغلّة عاملين، هما من جهة أولى صلاتها الوثيقة بالجماعات المتشدّدة دينيا من مختلف المذاهب والتيارات، ومن جهة ثانية ثراؤها المادي الذي يتيح لها تلبية مطالب تلك الجماعات لقاء إطلاقها سراح من تختطفهم.

وفي أوقات سابقة استغلت قطر هذين العاملين ونجحت في إبرام صفقات سرية لتحرير رهائن لدى الجماعات المتشدّدة في عدّة أماكن من بينها اليمن.

ويسمّي الإعلام القطري تدخّل الدوحة في تحرير الرهائن “وساطات”، وهو ما يعني في رأي أغلب المراقبين “صفقات مالية”، كون الخاطفين ليسوا “جمعيات خيرية” ولا يمكن أن يطلقوا رهينة إذا لم يحققوا المكسب المادي المنشود.

وينبّه المراقبون إلى أن عملية دفع الأموال لتحرير الرهائن لا تخلو من ارتدادات على دافع الفدية ذاته، حيث تثير شكوكا في أن له صلة ما بالخاطفين. وينطبق هذا على قطر التي كثيرا ما تساءل المراقبون عما يجعلها مؤهلة دون غيرها للتقرب من الخاطفين ومحاورتهم.

ويعدّ دفع أموال الفديات لإرهابيين جريمة بحد ذاته لأن ذات الأموال ستستعمل في خطف رهائن آخرين، كما أنها تعتبر تشجيعا للخاطفين على التمادي في عمليات الخطف ما دامت مجزية ماليا.

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد قال، الثلاثاء، إن السلطات صادرت حقائب تحوي مئات الملايين من الدولارات كانت على طائرة قطرية خاصة هبطت في بغداد هذا الشهر. ولمّح إلى أن هذه الأموال جزء من صفقة لتحرير الرهائن دون إذن من الحكومة العراقية.

وخيم الغموض على الدوافع التي جعلت رئيس الوزراء يفضح الصفقة التي كانت تستفيد منها ميليشيا شيعية.

لكن مطّلعين على الشأن العراقي توقّعوا أن الميليشيا المعنية هي حزب الله العراق، المعروفة بتمرّدها، وبصراع قادتها مع الحكومة التي يقودها حيدر العبادي، وأنّ الأخير يخشى المزيد من تغوّلها بالأموال القطرية.

ومن جهته اعتبر المحلّل السياسي باتريك كوبرن أنّ افتضاح أمر الحقائب المليئة بالأموال في مطار بغداد ناجم عن سوء تقدير حيث توقّعت البعثة القطرية، التي ضمّت السفير القطري في العراق ومبعوثا خاصا من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أنّ للخاطفين عملاء في المطار سيستلمون الأموال.

وخطف المسلحون القطريين الستة والعشرين، وبينهم أفراد من العائلة الحاكمة، أثناء رحلة صيد في جنوب العراق عام 2015. وأطلقوا سراحهم الجمعة الماضية.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن خطف القطريين في الواقعة التي حدثت على مقربة من الحدود السعودية في منطقة تهيمن عليها فصائل شيعية موالية لإيران.

وكانت قطر قد حثت العراق على قيادة جهود الإفراج عن القطريين الذين كانوا قد حصلوا على تصاريح من بغداد بالصيد في المنطقة. وقالت وزارة الداخلية العراقية إنهم لم يلتزموا بتعليمات الحكومة بالبقاء داخل مناطق جرى تأمينها.

وانتقد العبادي قرار قطر إرسال أموال بطريقة غير مشروعة إلى بلاده. وقال في إفادة صحافية “إدخال المال بهذا الشكل خطأ.. قانونيا هو خطأ.. تصوروا ماذا سيحصل عندما تسلّم مئات الملايين من الدولارات لجماعات مسلحة”، متسائلا “هل هذا مقبول؟”.

ويحذّر مراقبون من أنّ تراكم الحقائق والمعطيات بشأن علاقات قطر بالمتشدّدين، خصوصا في الساحات المضطربة مثل سوريا والعراق، من شأنه أن يجعل الدوحة تحت مجهر الرقابة من قبل أقرب الحلفاء الذين يعلنون انخراطهم في جهود محاربة الإرهاب وشنّ الحرب عليه، فيما تبدو قطر أشبه بمن يحاول أن يلعب لعبة مزدوجة، لكن تكون مأمونة العواقب دائما.