الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاد «جمال الغيطاني».. «صدى البلد» ينشر آخر حواراته.. ماذا قال الراحل عن «عبد الناصر والسادات ومبارك»؟

صدى البلد

الغيطاني في آخر حواراته:
  • لدينا أزمة في تعويض الرموز.. والـ"العالمي" الوحيد في مصر "نجيب محفوظ"
  • "عبد الناصر" اعتقلني.. و"السادات" أجهض حرب أكتوبر.. و"مبارك" لم يكن مؤذيا
  • نجيب محفوظ توفى بين يدي.. وأعرف عنه أسرارا ستموت معي
  • جيلي نشأ على رفض فكرة "إسرائيل".. ويجب إعادة النظر في "التطبيع"
  • دعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني "شجاعة"
عصامي التكوين ، فريد المنهج ، نقل الرواية من غياهب التقليد والتقييد إلى منارات الانطلاق والحرية، نسج لنفسه عالما خاصا في الأدب المطلي بأصالة التراث وكلاسيكية الموسيقى وجمال الرواية وفن التركيب.

جالسا بين جدران مكتبه العتيق بـ"أخبار اليوم" .. مقلبا في ذكرياته المصورة.. مسترسلا في الحكي، ووسط نظرات لم تنقطع لصورة "نجيب محفوظ" المعلقة على حائطه والمرسومة بأحداقه، استفاض في الحديث إلى "صدى البلد" قائلا: "انتو بتطلعوا أجمل ما فينا"، الكاتب والأديب جمال الغيطاني، الذي رحل عن عالمنا، كان لنا معه هذا الحوار معه في عيد ميلاده السبعين.

كيف ترى احتفال وزارة الثقافة بعيد ميلادك؟
أميل للانطواء أكثر ولا أحب الاحتفالات ، لكن نزلت على رغبة الأصدقاء والمحبين، وهناك تقليد بدأه هيكل منذ عام 1961 ، عندما احتفل بالأديب الراحل نجيب محفوظ وسأله "أجيبلك مين؟" ، فقال محفوظ: ياريت أشوف أم كلثوم، وكان نجيب محفوظ مولعا بأم كلثوم حتى أنه سمى إحدى بناته على اسمها، ولم يكن يراها سوى من خلال المسرح في حفلاتها الشهرية.
وبالفعل حقق هيكل لنجيب محفوظ أمنيته وجمعه بأم كلثوم في عيد ميلاده، واحتفظ على هاتفي بصورة نادرة تجمعهما في هذا اليوم.

متى كان أول احتفال عام بعيد ميلادك كأديب وروائي مصري؟
عندما أكملت الستين عاما، احتفل بي الأديب نجيب محفوظ والأستاذ محمد حسنين هيكل احتفالا خاصا في مركب "فرح بوت" وأحضرا لي "تورتة" ضخمة أكاد أتذكرها حتى اليوم.

وكيف ترى الاحتفالات الرسمية بالمبدعين والمفكرين في حياتهم ؟
لدي وجهة نظر خاصة في ذلك ، فالاحتفال لا يجب أن يأخذ طابعا اجتماعيا، كدعوة وزراء وفنانين ونجوم مجتمع ليسوا على علاقة بالشخص نفسه لإيحاء مدى أهميته، وهذا مرفوض عندي تماما ، ورأيي أن بلوغ كاتب ما زال ينتج ومازال قادرا على العطاء فرصة لتقييمه ، فتكون المناسبة أو الحفل فرصة لإمعان النظر في إنتاج الكاتب وتقييمه ، وأظن أنه من الرائع للكاتب أن يسمع في حياته كلمات الإشادة أو النقد لأحد كتاباته، وعندما فوجئت بملف خاص عني بجريدة "أخبار الأدب" قلت للزملاء "طيب لما أموت هتعملو ايه".

وما جديد "الغيطاني" لقرائه في عيد ميلاده ؟
لدي مشروع روائي طويل بدأ سنة 1996 وعلى مدى 14 سنة نشر منه 7 أجزاء منها جزء في أخبار اليوم، وجزء في أهرام الجمعة لهذا الأسبوع ، وهناك عمل آخر بعنوان "حكايات هائمة" وتم نشره منذ شهر في أخبار اليوم أيضا ، وكذلك "حكايات قاهرية" ، والفكرة هنا أنك لا تزال تنتج، والاحتفال يجب أن يكون تقييما لهذه الرحلة، خاصة أن رموزا كثيرة اختفت ، وعلى سبيل المثال رحيل الأبنودي ، اعتبرها مصيبة لأنه ليس لدينا شاعر بحجمه على الساحة الآن.

لماذا أصبح المجتمع الثقافي غير قادر على تعويض مثل هذه القامات ؟
للأسف ظاهرة الظهور والاختفاء السريع انتشرت جدا ، ومن واقع تجربتي مع أخبار الدب ،أحيانا كانت تأتينا قصيدة غاية في الروعة وبالبحث عن صاحبها لا نجده ، كذلك أكذوبة "الأكثر مبيعا" التي صنعها بعض الناشرين وخلقوا من خلالها كتابا على مستوى ضعيف ، مثلا "أجاثا كريستي" أشهر من شكسبير ولا يعتبرها أحد أديبة ، ولذلك أي ندوة أو اجتماع أحضره أشترط أمرين ، ألا يصفني أحد بالأديب الكبير أو العالمي ، وليس كل من ترجم له عمل أو اثنان أصبح عالميا ، ورأيي أنه لا يوجد أديب عالمي في مصر سوى "نجيب محفوظ".

حضرت اجتماع السيسي بالمثقفين والمبدعين.. حدثنا عن ذلك ؟
حضرت الاجتماع بصفتي الأدبية ولكنني كنت أعلم أن ورائي رئيس تحرير "شاطر" بالأخبار سيطلب مني تقريرا بما حدث ، فشرعت بكتابة كل ما حدث بالاجتماع على مدار 5 ساعات مناقشات ، وما نشر بجريدة الأخبار خرج من القاعة إلى المطبعة مباشرة ، وفي نهاية الاجتماع سألني الرئيس السيسي: انت بتكتب ايه؟ ، قلت له : ما حضرتك ياريس عارف "ياسر رزق".

تحتفظ بصور خاصة للمنزل الذي ولدت فيه بسوهاج، هل لا تزال تذهب إلى هناك ؟
بالطبع.. وكما تعرفون أنه بقرى الصعيد كل المنازل تحولت إلى خرسانية ما عدا ذلك البيت ، الذي صفيت موقفه القانون واحتفظ به على طرازه القديم كما هو بالطوب اللبن.

اختفاء حركة النقد هل أثرت على الأدب في مصر ؟
بالتأكيد ، قديما عندما بدأت الكتابة كانت تحكم الحياة الثقافية مقاييس صارمة، ومن المستحيل أن تتصنع الموهبة ، وقد يحدث ذلك لأسباب منها أن تقف قوة سياسية خلف أديب ، أو يكون مقتدرا ماديا فيفرض نفسه على المجتمع ككاتب، فالموهبة قد تتعطل لكنها في الأخير ستفرض نفسها ،وعندما بدأت كان هناك نقاد في مصر لهم مصداقية ، وقصة دخولي مؤسسة الأخبار شاهدة على ذلك، عندما تناول محمود أمين العالم رئيس المؤسسة مقالا عن أول كتاب لي دون أن يعرفني ، ومن أعطى له الكتاب كانت زوجته المذيعة سميرة الكيلاني ، وعندما قابلته لأشكره – وكنت وقتها أعمل مصمما للسجاد ومديرا للجمعية التعاونية لخان الخليلي – عرض علي العمل في أخبار اليوم ، فوافقت دون تفكير، وبدأت العمل بها كموظف في قسم المعلومات "الأرشيف".

فحديث النقاد قديما كان تأشيرة أو طابع بوسطة لولادة شرعية لكاتب جديد ، خصوصا عندما يكتب عن كتاب "أوراق شاب عمره ألف عام" سنة 1968 قامات كبيرة مثل لويس عوض وعلي الراعي ورئيفة الزيات.

كيف كتبت "أوراق شاب" وكنت في مجال بعيد جدا عن الكتابة؟

لم أكن مطلقا بعيدا عن الكتابة فأنا مولود كاتب ، وقيمة العلم في بيتنا كانت عظيمة برغم أننا عائلة فقيرة ، وجدي لأمي كان منشدا ويحتفظ بدواوين الشعر في البيت ، وأذكر انني عندما كنت صغيرا كنت أحب تسلية والدتي بحكايات من وحي خيالي وهي تقوم بالأعمال المنزلية وأؤلف لها حكايات وهمية عن كائنات فضائية تريد اختطافي وما شابه ذلك ، إلى أن قرأت كتاب "البؤساء" لفيكتور هوجو وهو أول كتاب قرأته في حياتي وكنت قد اشتريته بالـ"العيدية" ، وكان أبي يظن أن القراءة كانت تعطلني عن الدراسة ، فكانت والدتي تعطيني الأموال سرا لشراء الكتب.

وبدأت الكتابة في الثامنة من عمري ، ودخلت كلية الفنون التطبيقية ، ثم اعتقلت لممارستي نشاطا سياسيا سريا ضمن تنظيم شيوعي متطرف يضم مجموعة من ألمع كتاب الستينيات مثل الأبنودي وصلاح عيسى وسيد حجاب ، وكتب كثيرا عن تلك الفترة التي سجنت فيها بسجن القلعة 40 يوما ، وكنا قبلها تركنا التنظيم بعد علمنا بوهميته أنها "مدرسة لتعليم الماركسية بأجر" كما كان يقول عنها الأبنودي.

لكن "أنا مدين لتلك الفترة لأنها عرفتني الفكر الذي أصبح يشكل وجهة نظري فيما بعد وانحيازي للعدالة الاجتماعية والفقراء وبداية انطلاقي لدراسة الفلسفة".

وماذا تغير في حياة "الغيطاني" بعد السجن؟
وأنا في محبسي قررت عدم الانضمام لأي تيار سياسي مطلقا ، فأنا ككاتب أشكل حزبا برأيي وفكري ، فالأديب الراحل "توفيق الحكيم" كان حساسا في علاقته بالسلطة على الرغم من تعلق عبد الناصر الشديد به وإرساله لليونسكو سفيرا حتى يحصل على "نوبل" ، إلا أنه كان يقول " أي حاكم مهما كان عظيما إلا أنه يريد تأييدك قبل أي شيء" ، وكسرت ذلك مرة عندما وقعت استمارة الانضمام لتيار اليسار عندما كان يرأسه خالد محيي الدين ، ولكنني سرعان ما انسحبت عندما اكتشفت أن حزب التجمع أصبح ضدنا كأدباء أكثر من السلطة نفسها.

كذلك تعلمت من هذه الفترة أن لا أرتبط بدراسة أكاديمية ممنهجة ، وأن أبدأ في تكوين ذاتي بذاتي ، والحديث عن تكويني قصة تحتاج إلى كتاب.

كيف كانت علاقتك برؤساء مصر؟
كنت ضد عبد الناصر وسجنت في عهده ، ولكني أحببته بعد وفاته وذلك كراهية فيمن أتى من بعده.

قلت عن فترة "السادات" أنها أسوأ فترات مصر .. لماذا؟
لأنها هي الفترة التي نعاني آثارها حتى الآن ، وأتعجب من تسمية "السادات" لنفسه "الرئيس المؤمن" ، فهل كان عبد الناصر كافرا ! ، أما "مبارك" فلم يكن في الحقيقة مؤذيا ، لكن المشكلة في أسلوب حكمه التي أدت إلى كارثة يناير ، و"يناير" أنا لا أدينها كثورة فأنا رأيت خروج الناس إلى الشوارع والميادين ، ولكن ما وراء الثورة هو ما اكتشفنا أنه "كارثة" فيما بعد.

ومنذ البداية كان لدي شك في وجوه تثير الريبة ، مثل البرادعي ، وقبل تلك الفترة كانت تدخل مصر وجوها غريبة من الخارج وتم تلميعهم حتى أصبحو زعماء سياسيين ومن ثم مقدمي برامج وكأنه قمة الحلم لديهم أن يكونو مذيعين ، كذلك بعض الجواسيس الذين عملو كمذيعين ، ومنهم شخصية مشهورة جدا جاءت خصيصا لتشويه الجيش ، وأخير نشر كتابا كفيل بتقديمه للمحاكمة بتهمة التجسس ، وكان من ألمع المذيعين حتى اختفى بعد تأدية مهمته.

ما سر تأثرك بالعمارة والتراث ؟
من الأشياء التي أثرت في مؤخرا ، كلمة المعماري العالمي المعروف علي رأفت حينما قابلته مؤخرا فقال لي " أنا بتعلم العمارة منك" ، وكثيرا ما كان يدعوني في مؤتمرات المعماريين لإلقاء المحاضرات الافتتاحية ، ويقول لي" انت اللي بتفهمنا ايه اللي ورا الحجر .. روح الحجر، وكان ذلك الاهتمام بفعل التثقيف الذاتي الذي اتبعته لتكوين نفسي.

وماذا بجانب الأدب والعمارة ؟
الموسيقى ، أنا من خبراء الموسيقى التركية والإيرانية في العالم ، وكذلك العربية الكلاسيكية ، وكان اهتمامي بالموسيقى والعمارة لأسباب أدبية ، فالعمارة لأن الرواية تركيب ، والموسيقى لأن الرواية إيقاع ، فالمفتاح الأساسي للحياة كلها بالنسبة لي "الرواية".

هل جربت العزف من قبل؟
عزفت على القانون حبا في نجيب محفوظ ، لأنه كان عازفا رائعا عليه ، ودخل معهد الموسيقى العربية لدراسة الموسيقى.

لماذا تمسكت بالعمل في أخبار اليوم ولم تتفرغ للأدب؟
دعني أقول لك أن نجيب محفوظ قبل "نوبل" ظل يكتب مقالا في الأهرام لتحسين دخله ، فالكتابة وحدها ليست كافية ماديا ، وهذا قدرنا في الوطن العربي ، وما يحقق التوازن المادي هو الكتب المترجمة ، وذلك يفتح بابا لمراجعة العلاقة بين الكاتب والناشر في مصر، وأريد أن اقول أيضا أني تعلقت كثيرا بأخبار اليوم رغم ما عرض علي من مغريات للعمل بأماكن أخرى ، فأنا بطبعي ترعبني فكرة التغيير ، وأشعر أن هذه الجدران هي حياتي وأشم فيها عرقي وتاريخي.

هل كان لتعلقك بالأدب والكتابة تأثيرا على حياتك الأسرية؟
أخلصت للأدب كثيرا على حساب أسرتي وأولادي ، ولكنهم بعدما كبرو تفهمو ذلك ، وأبنائي يعشقون الكتابة، حتى ان كبيرهم برغم تخرجه من الهندسة ترك العمل بها واتجه للعمل في الخارجية حتى يصبح له دور عام في المجتمع كأبيه وأمه.

لو عاد بك الزمان، ماذا تحب أن تغير في مسارك؟
لو عاد بي الزمان سأختار نفس الطريق والمهن التي عملت بها كرسام ومصمم سجاد وصحفي ، أعتبر نفسي محظوظ جدا ، وكل مهنة عملتها أو شيء مر في حياتي استفدت منه كثيرا في حياتي حتى صباغة السجاد التي اعتبرها فنا أصيلا أفادني في الكتابة وعلمني الصبر.

بماذا تنصح الكتاب الجدد ؟
أكثر شيء يرعبني في الكتابة أو الرواية كلمة "مقرر" ، لذلك كنت أدعو دائما أن لا يقرروا أي رواية على الطلبة حتى لا يكرهوها ، وأذكر أن حصة المطالعة الحرة قديما كانت لها عامل كبير في حب جيلي للقراءة ، لذلك أقول لمن يريد الكتابة أن يخلق منهجه بنفسه ، وأن يكتب على طريقته بعيدا عن التقليد والتقيد ، وأنصح كل من يكتب أن يبتعد عن الكتب التي تعلم كتابة القصة والرواية 
فهي موهبة في الأساس.

من أكثر من أثر في حياتك ؟
بالتأكيد نجيب محفوظ أولا، ثم الشيخ أمين الخولي وهو أحد تلاميذ الإمام محمد عبده ، ويقال أنه لم يترك كتبا كثيرة لكنه استطاع تربية رجال كثيرين وأظن أنني واحد منهم ، ليس عن طريق الجامعة وانما عن طريق محاضراته وندواته.

حدثنا أكثر عن علاقتك بنجيب محفوظ ؟
كنت من أكثر المخلصين له وتعلقت به تعلقي بأبي ، بل ان هناك أشياء كنت لا استطيع ان اصارح بها أبي بينما أحكيها لمحفوظ ، فقد كان حاملا سري وأن أحمل أسرارا كثيرة عنه استأمنني عليها وسأموت وهي معي، أنه أهم كاتب عربي على الإطلاق ، وعلى المستوى الإنساني تعلمت منه أمورا كثيرة منذ قابلته أول مرة بالشارع صدفة وعمري 13 سنة ، وقُدر لي أن أكون آخر من يراه قبل موته ، وكانت زوجته تركت المستشفى يوم وفاته ، واستيقظت فجرا على اتصالات من المستشفى الذي كان به فهرعت إليه لأجالسه في آخر لحظات حياته.

هل لديك طقوس معينة في الكتابة ؟
بالطبع في الصباح أعمل بالصحافة كما ترون وهو ما أسميه "أكل العيش" ، وأقوم به على أكمل وجه، والكتابة الأدبية تكون ليلا بعد ترتيب المكتب ، والتسخين بالموسيقى وخصوصا المقطوعات الكلاسيكية مثل صبا للقصبجي وعبد الوهاب وحورية حسن والموسيقى التركية التي ارتبطت بها قديما عبر اذاعة اسطنبول وكان قد نصحني بها يحيى حقي ، وكذلك الموسيقى الإيرانية والأندلسية.

رأيك في التطبيع الثقافي مع إسرائيل؟
نحن جيل نشأنا على رفض فكرة "اسرائيل" ورفعنا شعار لا للتطبيع ردا على ما فعله السادات في كامب ديفيد ، باختصار "السادات" أجهض حرب أكتوبر ، أنا عشت الحرب كمحرر عسكري من يوم 6 أكتوبر 7 الصبح على الجبهة ، فقد كنت مقيما في الجبهة ، وكان ممكنا للجيش المصري أن يحرر سيناء بالكامل وهذا ما أثبتته الوثائق الاسرائيلية فيما بعد ، الحالة في 6 أكتوبر كانت تشبه حماس المصريين في 30 يونيو ، التي شاركت فيها برغم مرضي متعكزا على صديق لي بعد خروجي من العناية المركزة مباشرة ، لقد كانت نفس الحالة عند الجنود في 6 أكتوبر ، والسادات كانت أمامه الفرصة ليصل لنتائج أكثر من ذلك في ساحة الحرب.

وما تأثير معاهدة كامب ديفيد على مصر من وجهة نظرك ؟
الارهاب الذي تربى في سينا وهاجمنا الآن كان بسبب عدم تواجد قوات الجيش المصري في الخط "أ" ، وأتعجب من مجاهرة جيهان السادات وفخرها بدعمها السادات في إبرام المعاهدة ، أقول لها أن تصمت أفضل ، وكفاية أنها من أسست لمصيبة "السيدة الأولى".

عودة إلى "التطبيع".. هل تجده ممكنا مع تغير الظروف ؟
حاليا ، أدعو لإعادة النظر فيه لأن الظروف تغيرت ، وتوجد الآن دويلة فلسطينية لا استطيع زيارتها بدون المرور على اسرائيل ، شيء آخر أتحدث عنه للمرة الأولى وهو توحد موقفنا ومصلحتنا مع إسرائيل في المعركة ضد الإرهاب في سيناء ، وهو موقف ايجابي لاسرائيل لأن السياسة ليس بها ثوابت وهم أيضا خائفون من تغول الإرهاب في سيناء ، فالمصلحة مشتركة.

لكن الموقف الذي يدهشني هو أنه على الرغم من تضحية مصر بـ 150 الف شهيد من أجل فلسطين ، لازالت مجموعة فلسطينية تختطف غزة وتقتل ضباط وجنود الجيش المصري ، وأنا لا أنادي بالتطبيع بمعنى أن أذهب غدا لإسرائيل ، لكن على الأقل أن أتمكن من التواصل مع الفلسطينيين برام الله ، أما موضوع اسرائيل فاتركوه للزمن ، والخطر على مصر الآن ليس من إسرائيل ولكن من التطرف.

ما السبب في تضخم الجماعات الإرهابية بالمجتمعات العربية؟
عهد السادات ، الذي شهد تواطؤا بين النظام والجماعات الإسلامية ، وأتعجب ممن يقول إن الإخوان جماعة معتدلة ، فهل من ينسف إبراج الكهرباء أو يقتل ضباطا وجنودا معتدلا.

أنت من مؤيدي فصل الدين عن الدولة؟
دين في الدولة لأ .. أوروبا قديما عانت من ذلك ودفعت الثمن وخاضت حروبا مات فيها الملايين حتى فصلت الدين عن الدولة ، يجب أن يفصل الدين عن الدولة ويعاد النظر في الفقه الإسلامي ، لابد من إعادة النظر في المراجع الإسلامية القديمة التي يأخذ عنها داعش أحكامهم ، وهنا تبرز شجاعة السيسي الذي نادى بتجديد الخطاب الديني منذ حملته الانتخابية وللأسف واجهوه بالتفاهات ، وبالطبع لا يستطيع أحد أن يشكك في إيمان السيسي ، أما الأزهر فعلى رأسه شيخ عظيم من أفضل من تولى المهمة لكن البنية الحالية لا تساعده.