الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العلماء أيضا يتحسرون على الزمن الجميل


كما يحن الكثير منا إلى أيام "الزمن الجميل" لما كان فيها من موسيقى راقية وطرب أصيل، وعادات وقيم نبيلة وثمار طبيعية وهواء نقي، يحن العلماء أيضا إلى هذا الزمن الجميل ويتحسرون ويشتكون مر الشكوى، لكن من وجهة نظر تختلف.

انزعج علماء البيئة وعلماء الطب لما حدث في القرن الأخير من تغيرات أضرت كثيرا بالبيئة وبصحة الإنسان.. تتآكل الغابات بمعدل 130 ألف كيلومتر سنويا، وتقلصت مساحتها من 16 مليون كيلومتر مربع في الماضي إلى ستة ملايين كيلومتر مربع حاليا، مع العلم أنها تضم 80 % من الكائنات الحية على الأرض وتنتج 40 % من أوكسجين العالم.. أزيلت الأشجار وحل محلها طرق وزراعات وبيوت، وتراجعت كمية الأكسجين التي كانت تنبعث منها، وارتفعت حرارة الأرض وانتشر التصحر.. كثرت السموم والمسرطنات في البيئة من انبعاثات المصانع والسيارات وتفجيرات الحروب، وباتت الحياة البرية مهددة في بيئتها وغذائها، آلاف الحيوانات انقرضت واختفت وزاد معدل انقراضها ألف مرة عن المعدل الطبيعي، وأصبح 17 ألف نوع من المخلوقات مهدد بالانقراض بحلول عام 2050 منها وحيد القرن والغوريللا والفيلة والزراف وبعض أنواع الدببة والنمور والنسور.

وماذا عن سلوك البشر وعاداتهم؟ هل تغيرت هي الأخرى؟ نعم.. استجدت عادات سيئة كثيرة في القرن الأخير انعكست سلبا على صحة الإنسان وساهمت في ظهور وزيادة ما يسمى بـ "أمراض العصر" وقصر العمر، عادات ضارة كالجلوس لوقت طويل، ووضع رجل على رجل، وقلة المشي، وكثافة الماكياج والكعب العالي عند السيدات، وأخيرا وليس آخرا، المرحاض الحديث "الكرسي".

الجلوس لفترات طويلة 8 ساعات في العمل يضاف إليها ساعات أخرى في المنزل مع الكمبيوتر وأمام التلفزيون تسبب في زيادة معدلات السمنة وضغط الدم والسكري، وهبطت معه معدلات الأعمار بمقدار 15 سنة.. الجلوس الطويل يعاكس عمل الإنسيولين ويوقف حرق الدهون.. ووضع رجل على الأخرى يحبس الدم فيرتفع الضغط للتعويض، وإعاقة عودته في الأوردة يؤدي إلى انتفاخها، زد على ذلك انضغاط الأعصاب وألام الظهر الناتجة من هذا الوضع.

ورغم فوائد المشي الكثيرة، إلا أن ممارسته تراجعت في السنوات الأخيرة مع توفر وسائل النقل وأصبح كل من لديه سيارة لا يفكر في المشي، حتى تحول المشي مؤخرا إلى "نصيحة طبيب"، المشي يحرق الدهون الضارة ويقلل أمراض القلب بنسبة 40%، ينشط دورة المخ ويقوي الذاكرة ويمنع داء السكري وهشاشة العظام والتهاب البروستاتا، وأثناءه يفرز هرمون السعادة المزيل للتوتر ويجعل النوم أفضل. أحد الأبحاث أشار إلى أن المشي نصف ساعة يوميا أيام الصحة والشباب، يوفر 300 دولار سنويا من علاج أمراض الشيخوخة!.

وكانت زينة المرأة عبر التاريخ تتم بمواد طبيعية لا تضر، لكن في العقود الأخيرة تعددت المواد المستخدمة فيها وأصبحت صناعة أدوات الزينة تجارة مربحة تدر 70 مليار دولار سنويا على أصحابها، ولأنها لا تخضع لقانون الرقابة الدوائية، دخلت فيها مكونات غريبة كالقار وبراز الطيور ولبن الحمير والبول وأملاح الألومنيوم، وكم من سيدة فقدت بصرها بسبب كحل العين.. وتقول الأبحاث أن مواد التجميل تنفذ بسرعة إلى الدم، وأن بها أكثر من 600 مادة مسرطنة وضارة بالمخ وتسبب التشوه الخلقي للأجنة.. صحيح أن المكياج يفيد أحيانا، لكن المرأة بدونه قد تكون أجمل وأأمن.


أما أحذية الكعب العالي ففي ظاهرها الأناقة وفي باطنها مخاطر كثيرة.. لقد صمم الخالق سبحانه وتعالى القدم ليمشي حافيا أو على نعل منبسط، وهو الأصح طبيا، إلا أن ابتكار الكعب العالي في القرن الماضي لدواعي الوجاهة وزيادة الطول أوجد مشاكل كثيرة للأقدام مما تطلب افتتاح كليات طب جديدة في أمريكا باسم "كلية طب القدم" لحل مشاكل الكعب العالي ومشاكل الرياضيين معها، فإضافة إلى مخاطر السقوط، فأن المشي على كعب عال يدفع مركز ثقل الجسم إلى الأمام مما يضيف عبئا ثقيلا على الركبة والعمود الفقري وعظام القدم وأصابعه، فتتورم وتتقرح، مع قصر دائم في عضلات الساق الخلفية وانحناء دائم في الأصابع، إضافة إلى ما يسمى بـ "الكسر الإجهادي" الخطر.

وأخيرا، يقول العلماء أن قضاء الحاجة في وضع القرفصاء كان الأفضل منذ آدم حتى القرن الثامن عشر واختراع المرحاض من نوع الكرسي.. ففي حالة القرفصاء يكون المستقيم والشرج مفتوحان والعملية كلها تنتهي في دقيقة واحدة، أما الجلوس على ما يشبه الكرسي، فيجعل المستقيم مغلقا ولا تتم العملية بالشكل الصحيح وتستغرق وقتا أطول وتسبب الإمساك وانسداد الأمعاء والبواسير، وغالبا ما يشعر الشخص بعدها بعدم الإفراغ الكامل، وفي وجود الإمساك تطول فترة الجلوس أكثر، حتى أن البعض يأخذ معه جريدة يتصفحها أو كتاب، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل الحال إلى تزويد بعض الحمامات بشاشات عرض تلفزيوني لقضاء وقت أمتع !.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط