الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كلنا كافرون


الأصل في الدين، أن لكل إنسان دينه، وكل إنسان بالنسبة للآخر كافر، دون أن يترتب على ذلك أي حق في التعرض للآخر بسبب إختلاف الدين.

من البديهيات أن كل صاحب دين مقتنع بدينه، ولا يقبل الطعن فيه، أو التعرض له، ولكن البعض يتخيل عكس ذلك، وينسى "لكم دينكم ولي دين" ، و "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"

وكثيرا ما كنا نسمع، "كل واحد على دين أبوه"، بما يعني أنه لا شأن لي بدين الآخر، وإن كنا نتعايش ونتعامل وربما أيضا نتصاهر ونتزاوج.

فتح باب التعرض للآخر، على أساس إختلاف الدين يفتح أبواب جهنم على البشرية.

فإذا أعطيت لنفسي الحق في التعرض للكافر بديني، فمن حقه هو أيضا أن يتعرض لي بسبب كفري بدينه، وهذا المبدأ إن تم تفعيله فمعناه أن تتحارب كل الإنسانية.

هناك مفاهيم خاطئة لدى كثيرين، وربما يسعى البعض لهذا فعلا، ويتخيل أن الدين يُملي عليه أن يشعل الحرب وحينها سينصره الله، وهكذا رأينا داعش مثلا، وحتى لا نكذب على أنفسنا، ولا ندفن رؤوسنا في الرمال ، فهذا حقيقي، وموجود ونشاهده ونعاينه.

فكم مرة نسمع من البعض، أقوال مثل هذا كافر، وهذا نجس، وهذا لا يحق له الحياة في البلد، وهذا لا يجوز له أن يتمتع بكامل حقوقه.

وهذا يتعارض مع العبقرية التي جسدها الشعب في فترة من الفترات بمقولة "الدين لله والوطن للجميع" ، ولكن آفة الزمان هي الرغبة في نشر كل منا معتقداته وأفكاره بالقوة، وهذا على مختلف المشارب، ولا يتوقف الأمر على جماعات بعينها، تلك الجماعات غرها وهم القوة وصور لها أنها تستطيع فرض معتقداتها ومذهبها بالقوة.

فهناك تيارات أخرى نجد عندها نفس الأسلوب، من خلال رفضها لكل من يختلف معها فكريا و أيديولوجيا، حتى قيل إن الإلحاد نفسه تحول لدين، يتعصب له المؤمنون به، ولدرجة أنك تتخيل من غلظتهم وشدتهم في إتهامهم ورفضهم للآخر أنهم لو استطاعوا لقاتلوا الناس من أجل إلحاقهم بدينهم دين الإلحاد.

المشكلة الحالية هي عدم القدرة على الاختلاف وقبول المختلف معك فكرا ولونا ودينا ومذهبا.

هذه الحالة لم تنشأ من فراغ، وإنما تغزيها جماعات وجماعات مضادة، ولا شك أن هناك من يستفيد من نشر تلك الفوضى العقائدية التي ينتج عنها حروب هدامة.

ولا أرى مُغذيا لهذه الحالة، ولا أجد لها سببا كما أرى و أجد الجهل وعدم القراءة.

في النهاية كل البشر بالنسبة لبعضهم البعض كافرين، فأنا كافر بما يؤمن به غيري، وغيري كافر بما أؤمن به أنا، و إما أن نعيش على هذا الأساس، أو يقتل بعضنا بعضا على هذا الاختلاف.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط