الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

53 عامًا على تحويل مجرى نهر النيل بالسد العالي.. بناة السد يروون قصصًا من الملحمة الوطنية الخالدة المتجسدة في أسوان.. «صور»

صدى البلد

  • 35 ألف مهندس وفني وعامل من المصريين والخبراء الروس شاركوا في بناء السد العالي
  • السد حمى مصر 9 سنوات خلال السنوات العجاف
  • "السد العالي" جسم ركامي تصل سعته التخزينية إلى 162 مليار متر مكعب

في 14 مايو 1964 شهدت محافظة أسوان حدثًا تاريخيًا وخالدا أبد الدهر، بقيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بإعطاء إشارة تحويل مجرى نهر النيل بحضور ومشاركة من الزعيم الروسي الراحل نيكيتا خروشوف، وسط صيحات وفرح العاملين من المصريين والروس، وهذا اليوم هو الذي يتواكب مع انتهاء العمل بالمرحلة الأولى بأعظم المشروعات الهندسية في القرن العشرين، وهو السد العالي هرم مصر الرابع.

ورغم مرور 53 عامًا على هذا الحدث الذي سطره المصريون في ملحمة وطنية عظيمة يظل السد العالي شامخًا شاهدًا على مراحل الكفاح التي سطرتها سواعد الرجال، وتؤكد قدرة الشعب المصري على اجتياز الصعاب والتحديات، واحتفلت مصر وأسوان في 14 مايو 2014 باليوبيل الذهبي.

قدامى بناة السد العالي يؤكدون لـ"صدى البلد" أن حب مصر وانتماءهم الشديد للوطن كان هو الدافع الرئيسي الذي دفعهم إلي بذل الجهد والعرق والتضحية بأرواحهم لتحقيق هذا المشروع القومي العملاق.

وأكدوا على أنهم كانوا يشعرون ومازالوا بأن السد العالي مشروعهم الشخصي لذلك تناسوا جميع الآلام والمخاطر التي واجهتهم أثناء العمل من أجل تحقيق حلم الشعب المصري ليروا علي أرض الواقع إنشاء سد يحميهم من مخاطر الفيضانات المدمرة ويكفيهم شر الجفاف في السنوات العجاف، وأشاروا إلي أن مصر الآن في أشد الحاجة إلى عودة روح السد العالي حتى تعلو مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.

ومن جانبه يوضح أحمد النوبي، فني هيدروليكا في السد العالي بالمعاش 63 سنة أنه في يوم الاحتفالية تم ردم هذه الفتحة بالكامل وتحويل مجرى النيل عقب تفجير السد الرملى أمام وخلف السد العالي.

وقال "النوبي" إن تحويل مجرى نهر النيل بدأ في الساعة الثانية إلا الثلث ظهرًا حيث تم إغلاق المجرى نهائيًا وتحويل المياه إلى القناة الأمامية للسد العالي بطول 1950 مترا مرورًا بستة أنفاق رئيسية بطول 282 مترًا وقطر 15 مترًا للنفق الواحد ليتم بذلك تغيير مجرى نهر النيل، ولتنتهي المرحلة الأولى من إنشاء السد العالي والتي بدأت في 9 يناير 1960 حتى 15 مايو 1964.

وأوضح شوقي علي - سائق بلدوزر بالمعاش- أن محافظة أسوان غنية برمالها الذهبية وصخورها الماسية، وأن المهندسين اتجهوا شرقًا وغربًا وصولًا إلى المكان الأفضل لموقع السد العالي، وكانوا ينقلون الرمال والصخور التي يتم من خلالها ردم المجرى القديم ليبدأ العمل بالمجرى الجديد للسد، وكانت الأرواح تزهق أسفل هذه الصخور العملاقة وأثناء عمليات التفجير.

وذكر علي تركي، فني تركيبات بالمعاش، أنه من أجمل اللقطات في الذكرى تسابق العمال من الجهتين الشرقية والغربية لنهر النيل أثناء عملية ردم المجرى القديم وقبل تفجير المجرى الجديد حتى يكون أحدهم أول شخص يعبر على جسم السد، وتحول شكل الصخور إلى غمامة من العمال الذين تسابقوا لنيل هذا الشرف العظيم.

وتابع أنه عقب تحويل مجرى النيل تم تمهيد الطريق ليعبر موكب الرؤساء والملوك من شرق النيل إلى الغرب في يوم مشهود، لأنه كان يعكس مدى قدرة المصريين على تحدي الصعاب.

فيما قال عبده محمود يوسف من بناة السد العالي إن الرئيس جمال عبد الناصر منح العاملين في مشروع السد العالي العديد من الأنواط والميداليات والشهادات بمناسبة مشاركتهم في تحويل مجرى نهر النيل وإنجاز المرحلة الأولى من السد العالي، ومازال العاملون في المشروع محتفظين بهذه الشهادات والميداليات حتى الآن.

وأضاف أن السد غيّر وجه الحياة في مصر اقتصاديًا وجغرافيًا وسياسيًا، كما حمي البلاد من خطر الفيضانات المدمرة حيث إن العاملين في المشروع كانوا يشعرون بحماس شديد منذ بداية المرحلة الأولي التي تم فيها التجهيز للقناة الأمامية والخلفية، موضحًا أنه تم تحويل مجرى النيل في مايو 1964 والتي تم فيها التعامل مع جسم السد الرئيسي وغلق المجري القديم لنهر النيل.

وتابع أن بناء السد العالي شارك فيه حوالي 35 ألف مهندس وفني وعامل من المصريين والخبراء الروس، وكان بمثابة المدرسة التي تدربت فيها الكوادر المصرية، وكان من أهم ثمارها ظهور هذا المشروع للنور، ليخلق معه جيلًا من الفنيين والعاملين على أعلى مستوى من الكفاءة، علي الرغم من أن معظمهم كان لا يعرف سوى مهنة الزراعة قبل التحاقهم بالعمل به وأن شعار جميع العاملين كان الإخلاص والتفاني في العمل من أجل مصر ورفعتها.

وذكر أن المشروع شهد العديد من الحوادث التي راح ضحيتها الكثيرون منها علي سبيل المثال مصرع وردية كاملة تضم 130 شخصًا سقطت عليهم الصخور في المرحلة الأولي من بناء السد، ورغم ذلك كان العمل يستمر بدون توقف.

وفي السياق ذاته أكد المهندس عبد اللاه عبد الله الهمشري، مدير عام بالهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان علي أن شهداء السد العالي الذين قدموا أرواحهم فداء لإنجاز هذا المشروع يستحقون التحية والرحمة لأنهم ضحوا بأنفسهم وسجلوا أروع ملحمة في تاريخ مصر المعاصر وحققوا حلمًا طال انتظاره، وخاصة أن السد العالي يعتبر من أعظم المشروعات الهندسية العملاقة في القرن العشرين ويكفي فخرًا بأن السد العالي بني بأيد وإرادة مصرية خالصة.

وأوضح أن السد العالي يعتبر صرحًا شامخًا حيث تتساوى قمته -منسوب 196 فوق سطح الأرض- مع هضبة المقطم في القاهرة ويعتبر بمثابة خط الدفاع الأول لحماية مصر من غوائل الفيضانات المدمرة، مشيرًا إلي أن السد العالي حمي مصر أيضًا لمدة 9 سنوات خلال السنوات العجاف من عام 1979 حتى 1988، حينما تعرضت القارة الأفريقية للجفاف ومات بسببه العديد من أبناء الدول الأفريقية.

وأشار إلى أن السعة التخزينية للسد العالي تعتبر الأكبر علي الإطلاق بدليل أن السعة التخزينية لأضخم سد في العالم والذي بني في الصين عام 2010 لا تتجاوز ثلث السعة التخزينية للسد العالي التي تقدر بحوالي 162 مليار متر مكعب والفارق أن السد العالي هو سد ركامي من كتل الجرانيت وليس سدًا خرسانيًا من الأسمنت.