الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سالم عبد الجليل.. بنكهة التطرف الداعشي ...!


لا يوجد على وجه الأرض دين أصبح ضحية حقيقية لمعتنقيه إلا هذا الدين الإسلامي الذى يرفع رجاله الأسنة على أطراف الرماح بغية اصطياد العالم أو زجه إلى المصيدة ....!!

لم يخسر دين بسبب أتباعه بقدر ما خسر الإسلام بسبب طبقات المشايخ الذين رفضوا التطور به والالتقاء مع المشتركات الإنسانية من خلال البحث في سطور تشير إلى ذلك وتسعى له ...!

جمدوا النص وتجمدت حوله العقول وغابت النظرة النقدية لأحداث التاريخ والفهم النفسي والروحي لمفاهيم الشريعة ومالت العقول الكاسدة ناحية تقليد العصور البائدة فأصبح الإسلام عمره فقط قرابة مئة سنة أموية يتم تكرارها في كل العصور التي مضت ولازالت حولنا تقدم لنا الفهم الأموي الذى سرق الدين لخدمة المنظومة الغارقة بقيم القبلية وبكل أبعادها الجاهلية ثم يعرض هذا الفهم الأموي للعالم وللشعوب المسلمة على أنه دين ...!!

ومضينا في هذا الطريق الطويل المؤلم حتى أصبحنا أمام سالم عبد الجليل وأمثاله وجها لوجه لا يختلف عن وجه بسر بن أرطاة ولا وجه الحجاج أو الحويني أو أسامة بن لادن وهم يكفرون الناس ويجرونهم بالتكفير إلى حتفهم النهائي دون نذير ...!

غاب المفكرون وحضر المحدثون .... غاب النقاد والباحثون وحضر القصاصون والكذابون ... غاب المتبتلون وجاء إلينا المتفيقهون ... غابت المحاريب وحضرت الخزائن والدواليب ... مالت السطور وانتصب الساطور ...!!

أغلقت الأبواب المشروعة للوصول إلى عمق المدينة فتسور اللصوص والهراطقة أسوار الشريعة ..!!

ولنسمع من خلف هذا الأنين صوت أمثال سالم عبد الجليل من داخل مؤسسة الأزهر ( الوسطية ) وهو يقول على قناة فضائية جماهيرية إن المسيحية الطيبة عقيدة فاسدة وأن أتباعها إلى جهنم بلا ريب ....!!

يقول ذلك متبرعا بموقف متطرف تكفيري جهول عن العقيدة التي لم يرق أتباعها محجنه من دم ... وباركت في تاريخها عصر الشهداء فلم ترفع سلاحا وكانت سلاما وانصاع المؤمنون بها انصياعا لموعظة الجبل التي تركها المسيح كأحد معالم المحبة والسلام والتسامح والغفران القادر على تحويل أعتى الأعداء إلى خدام للحقيقة التي ينشدها هذا النوع من الإيمان ...!

ومع ذلك وقف الكثير من المفكرين والعباقرة والنقاد ليقولوا لبعض الهفوات والفجوات والمخالفات التاريخية التي وقعت زورا باسم المسيحية لا كي تتجدد في عروقها مسيرة الخير ولا تموت ..

بينما أمثال سالم عبد الجليل يعيد لنا كل يوم كربلاء بتكفير خصومه العقائديين من داخل الملة ... ويعيد لنا حروب داحس والغبراء على يد دواعشه من أهل مذهب غلاة الحنابلة ... ويعيد لنا محنة عصور التكفير من خلال ازدراء دين الآخر وتكفيره دون أن يتم عقابه بقانون ازدراء الأديان ..!!

فهل يفلت سالم من عقاب القانون لنعلن حينها أن القانون يعاقب فقط مزدرى شيوخ الإسلام من أصحاب المذاهب أو الفتاوي التي حولتها داعش دينا تطبقه اليوم بحز الرؤوس عملا بأقوال ابن تيمية الذى يلقبونه في أزهرنا الوسطي الشريف بشيخ الإسلام ...؟!!

كيف جاز لسالم عبد الجليل أن يعلن هذا الموقف التكفيري من قناة فضائية للعالم وأمام شعب مختلط تتجاور كنائسه مع مساجده ليمنح الدهماء والجهلاء سلاحا من نار يهدم ما بقي في بلادنا من عناصر الأمان ..؟

هل اطلع على الغيب أم أوحي إليه ..؟

هل مال به الزيغ أم الشيطان قد انتصر عليه ...؟

إلى أين يأخذنا هذا التطرف ... ؟

وما هي السبل الكفيلة بزجره إذا كان هذا موقف رجل الأزهر الوسطي وفتواه التي يتكاثر حولها الجهلة كالدود فتفتح الطريق لتدمير بيوت الكافرين على حد قوله بيد جيل خصب التطرف مروي بماء التزلف الرخيص للباطل...!!

علينا جميعا أن نواجه هذه الرعونة التي لا يمكن لها أن تخدم المستقبل بحال وبكل الوسائل ... بعدما أهدرت عناصر الأمان وأصبحت مثل هذه الفتاوي لا تضيف للسلام الاجتماعي سطرا ...!

قديما قال برنارد شو عن وضع الزنوج في الولايات المتحدة ونظرة الرجل الأبيض إليهم " الرجل الأمريكي الأبيض يهبط بالزنجي إلى مستوى ماسح الأحذية ، ثم يستنتج من ذلك أن الزنجي لا يصلح إلا لمسح الأحذية".

وقد هبطنا بالنصوص الجلية والجليلة من أفق التسامح إلى مستوى خدمة التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم.... لكي يستنتج العالم من حولنا بسبب عقول تشبه عقل سالم عبد الجليل أن هذه النصوص لا تصلح إلا لخدمة التطرف وحمايته ...!!

إن المسيحية الطيبة في مسالكها المسالمة والخادمة للإنسانية مثلها مثل كل دين يرتقي سلم الفضائل ليبقى مرجع كل الأديان إلى الله يحكم بين أتباعها فيما كانوا فيه مختلفين.

ولن يحرم الله أحدا من فضله ما دام كل صاحب دين بذل في سبيل الارتقاء بإنسانيته سلم القيم الحاضنة للفضيلة قدر استطاعته .

"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".

وعلى أمثال سالم عبد الجليل وبالقانون أن يخرسوا ... ويخرسوا إلى الأبد إن كان لنا في المستقبل من حاجة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط