الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مؤتمر الإسلام "الأمريكاني" لرعاة الإرهاب !!!


حتى هذه اللحظة لم أفهم لماذا سمي المؤتمر الذي حضره ترامب رئيس مجلس إدارة العالم هو وابنته والحاجة الكبيرة زوجته بالمؤتمر الإسلامي .. وما هي الأمور الإسلامية التي تمت مناقشتها في المؤتمر بين قادة العالم الإسلامي وبحضور سماحة المرشد العام الأمريكي ؟؟ وهل مثلا تمت مناقشة الإشكالية والعداوة التاريخية والأزلية بين السنة والشيعة ؟؟ أو تم عرض جوانب أزمة الثقة بين الدول الإسلامية أو على الأصح بين حكام الدول الإسلامية والتي تنتهي دائما وأبدا في صالح ماما أمريكا ودلوعتها وحيلتها الننوسة إسرائيل ؟؟ أو مثلا كانت هناك مشاورات عن تأسيس جيش عربي - ولامؤاخذة – موحد لمواجهة الأخطار المحيطة بالعرب والمنطقة العربية كلها بلا استثناء ؟؟ أو مثلا يعني مثلا عرض أحد الحالمين لمشروع العملة العربية الموحدة كما فعلت أوروبا واستقرت على عملتها الموحدة " اليورو" ؟؟ أو مثلا تمت مناقشة اتفاقية الدفاع العربي المشرك التي مازالت حتى الآن مجرد حبر على ورق ؟.

ولو تركنا لأنفسنا العنان لطرح أفكار وأحلام عربية تخص المنطقة كلها ومستقبلها ومستقبل حكامها أيضا لطال بنا الوقت والمقام ولم ننته من رصد المطالب والقضايا والموضوعات الحساسة التي تحتاج لحسم عربي .. ولم يكن أنسب من قمة إسلامية تجمع قادة الدول العربية والإسلامية من خمسين دولة للاتحاد ومواجهة التحديات والعواصف التي تنتظر العرب أجمعين في القريب العاجل !

والحق أني لم أجد أي معنى لكلمة " إسلامية " التي تم إقحامها على اسم المؤتمر إلا لتأخذ الشكل الشرعي لمؤتمر تنظمه وتدعو له دولة إسلامية هي السعودية .. أما مولانا ترامب فقد كان هو نجم المؤتمر وصاحب الحضور الطاغي والذي ذهب للسعودية وهو يضع أمامه هدفا واحدا ووحيدا وهو تنفيذ وعوده الانتخابية بالاستيلاء على أموال العرب وقد فعلها حقا وعاد محملا بأكياس الدولارات الأمريكاني في أكبر صفقة سلاح لن يجرؤ من اشتراها على استعمالها ..

لم يقنعني في المؤتمر الأحضان والقبلات بين الزعماء العرب الذين يسعى كل منهم للإطاحة بالآخر .. ولم تقنعني ابتسامات وضحكات ترامب الصفراء عمال على بطال .. ولم يقنعني الرقص المشترك بالسيوف بين ترامب وسلمان.. ولم تقنعني كلمات ترامب الودودة والمحبة للعرب وللسلام ولا حتى ابتسامات الزوجة والابنة .

الإيجابية الوحيدة التي أطلت علينا من هذا المؤتمر المسمى زورا وبهتانا بالإسلامي ولا يحمل أيا من صفات أي اجتماع لمناقشة قضايا الأمة الإسلامية أو العربية .. تلك الإيجابية الوحيدة هي كلمة الرئيس السيسي التي أشهد أنها كتبت بحرفية عالية وبأسلوب مخابراتي عالي المستوى ..

فأولا أكد السيسي في كلمته على الهدف من المؤتمر عندما قال "إن اجتماعنا اليوم فضلًا عن أهميته السياسية، يحمل قيمة رمزية غير خافية على أحد .. إذ يعكس عزمنا الأكيد على تجديد الشراكة بين الدول العربية والإسلامية.. والولايات المتحدة الأمريكية"، فالمؤتمر تم تنظيمه فعلا للتأكيد على التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وليس لمناقشة قضايا الدول الإسلامية والعربية .. وهذه الحقيقة الأولى التي وضعها السيسي أمام الحضور بالمؤتمر كلاعب سياسي محترف .

ثم اتجه السيسي للنقطة الأهم في خطابه متحدثا عن الإرهاب فأكد على أنه يحتاج لمواجهة شاملة تحتاج لعناصر محددة لنجاح هذه المواجهة أولها "مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز، فلا مجال لاختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين، فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم تشمل الأيديولوجية.. والتمويل .. والتنسيق العسكري والمعلوماتي والأمني.. ومن هنا فلا مجال لاختصار المواجهة في مسرح عمليات واحد دون آخر وإنما يقتضي النجاح في استئصال خطر الإرهاب أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن على جميع الجبهات."

وكانت تلك هي اللقطة الأهم .. فمواجهة الإرهاب لابد أن تشمل كل التنظيمات الإرهابية في كل مكان وليس في مصر فقط التي تحارب وحدها تنظيمات مدعومة من دول كانت حاضرة ومشاركة بكل بجاحة في المؤتمر الذي يناقش كيفية مكافحة الإرهاب .

أما الأمر الثاني الذي ذكره السيسي فهو " أن المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة مواجهة جميع أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والأيديولوجي، فالإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح، وإنما أيضًا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسي والأيديولوجي. "

نعم فالأمر ليس مجرد مواجهة نظرية بشعارات وكلمات رنانة ودعم معنوي من بعيد لبعيد بل بمواجهة من يقوم بالتمويل والدعم المادي والعسكري والسياسي والتسليح بأحدث الأسلحة ولمن يقوم بالتدريب لعناصر الإرهابيين ويدبر لهم المأوى والغطاء الفكري والسياسي والإعلامي ... بصراحة ضربة معلم من السيسي .. وهل يفعل كل هذه الموبقات من تدريب وتمويل وتسليح ودعم مالي وسياسي وإعلامي سوى امريكا وقطر وتركيا وهي على رأس الحاضرين لمناقشة خطر الإرهاب على العالم الإسلامي والعربي !!

والحق أن أحدا من الحاضرين سواء الممولين الداعمين للإرهاب أو من المتعاطفين معهم أو حتى من الساكتين خوفا وطمعا لم يجرؤ أحدهم على الرد أو على رفع رأسه في مواجهة رئيس يواجه الإرهاب بمفرده ودون دعم خارجي بل يواجه مؤامرة دولية تتزعمها أمريكا نفسها وتنفذها قطر وتركيا وتصمت على كل ذلك السعودية !

لم يجرؤ أحدهم على الرد خاصة عندما قال السيسي : " أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين، ومعالجة المصابين منهم، وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ مَن الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها كالبترول مثلًا؟ مَن الذي يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟ ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامي عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟

إن كل مَن يقوم بذلك هو شريكٌ أصيلٌ في الإرهاب، فهناك، بكل أسف، دول تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم، كما أن هناك دولًا تأبى أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب حتى مع الإنتربول". 

وبالطبع لم يجد السيسي ردا على أي من أسئلته .. فلم نجد إجابة عن الدول التي توفر التمويل والتدريب والتسليح.. ولم نجد ردا عن تلك الدول التي توفر الملاذ الآمن للإرهابيين .. ولم يرد تميم عن الدول التي توفر الغطاء الإعلامي للإرهاب !

والحق أني كنت من الرافضين لحضور الرئيس السيسي لمؤتمر يسمى بالباطل المؤتمر الإسلامي الأمريكي حتى لو كانت السعودية هي من ينظمه .. وخاصة أن نجم المؤتمر هو الرئيس الأمريكي ترامب .. ولكن للحق أثبت السيسي أنه صاحب فكر ورؤية سياسية ثاقبة عندما شارك في المؤتمر بكل ثقة وثبات ليضع الجميع أمام الحقيقة التي يعلمها العالم كله ويتعامي عنها ويتجاهلها .. وهي أن الإرهاب صناعة دولية تشارك في صنعه قوى عالمية على رأسها أمريكا نفسها صانعة داعش والقاعدة وطالبان .. وتحت قيادتها دول أخرى عربية وإسلامية تنفذ المخطط القذر لإعادة تقسيم المنطقة والبحث عن دور لها !

تحية احترام وتقدير للرئيس السيسي الذي وضع رعاة الإرهاب أمام أنفسهم في مواجهة صريحة مباشرة لا تقبل النفي أو الإنكار .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط