الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترامب من الرياض .. والتأسيس لصراع جديد


من الممكن أن نقول إن أكبر درس نأخذه من التاريخ .. هو أننا لا نأخذ عبرة من التاريخ .. شعوبا ودولا ... بل لا يلتفت الساسة للسطور العريضة التي يعمل عليها الآخر .. ونستمر بالمرور من نفس فوهة المؤامرة التي تسحقنا ونحن نعلن الصياح منها ووجوب التصدي لها ...!

فهل هناك ضلال أكثر مما يقع .. وعته أكبر مما نرى ... ونفاق ودمار أعظم مما يحدث وبأيدينا ..؟

وكيف تشتبك الحروف لتصف هذه المأساة المروعة التي نصنعها بأنفسنا ..؟

من الآن وقبل عدة أسابيع وأثناء سباق الانتخابات الأمريكية وقف الإعلام الخليجي والآخر المُشترى بمال خليجي خلف السيدة هيلاري كلينتون في مواجهة ترامب ... وراح يكيل له التهم ويشكل في مواجهته الرسوم الساخرة وراحت الشعوب في الزفة تعلن مواقفها المتوافقة مع مواقف من يحكمونها ..!

جاءت النتائج .. فاكفهرت الوجوه ... صعد ترامب .. وأخفقت كلينتون ... صمت الإعلام ... والدافعون والمدافعون يترقبون ... ليبدأ على أثرها موسم الزيارات إلى واشنطن مع مراسيم التأبين لمواقفهم القديمة ..!

من يدفع جهز عربونا ... ومن يركع ألف طقسا .. والسيد ترامب يراقب المشهد ويصنع أيقونته الخاصة بالابتزاز مدركا بشكل جيد كيف يتعامل مع هذا المستوى الرديء من السخف ..!!

وحول الطاولات المستديرة التي جهزها ترامب طفت أجندته المحكمة والمعدة بأدواتها لسحل القوم وتصفية مدخراتهم..!!
 
وقد كان .. وعلى الفور تغيرت لهجة الساسة ولغة الإعلام ..! ودارت حول قادتها والدافعين دورة كاملة وهي تؤدي هي الأخرى مراسيم التمام ..

واليوم وفي أول زيارة خارجية يركب فيها ترامب الطائرة الرئاسية مُصرا على أن تكون وجهته ناحية الرياض ليكمل من هناك مهمته.
 
فقد أصبحت الأمور غير ما كانت عليه إبان السباق الرئاسي والرجل كما يعرف أصدقاءه يعرف أيضا أعداءه ..

وكما يراود الآخر لمصالحه كتاجر .. يعرف جيدا كيف يخضع خصومه ويحلبهم بما يُرضى شرع أمريكا ومصالحها..!

وفي سابقة غير مفهومة أكاديميا ولا سياسيا .. تم تدشين مؤتمر تحت عنوان القمة العربية الإسلامية الأمريكية ..

وكما نلاحظ فالعنوان مضطرب فاقد للهوية .. لا يلوي على شيء غير وضع حجر الفتنة لصراع جديد سيطول في المنطقة تحت قيادة أمريكا بشكل أسقط هذه المرة كل الأقنعة ..!

ليأتي عنوانه متمما للجزء الأخير من مخطط الفوضى الخلاقة بتأسيس حرب دينية في الشرق ذات ابعاد مذهبية سنيه شيعيه أو دينيه يقضى فيها على كل الكيانات والأقليات في المنطقة ليستلقي وجه الجغرافيا أمام السكين الأمريكية بأياد عربيه ومذاهب عربيه وفتن عربيه كونها الأمة الفريدة في صناعة الفتنة واحتضانها بطول كوكبنا وعرضه ..!

لم نستفد ولا سطر مما حدث لنا وبفعل غبائنا حتى سقطت ليبيا وسوريا والعراق واليمن والحبل على أكتاف القادة السياسيين مستمر في الدوران لعله يصطاد رقبه عاصمة هنا أو عاصمة هناك.

غير أن الغريب في الأمر أن السيد الأمريكي المتخرج من حلبات الصراع قد تلا على أسماع أمة العرب من البلد التي نزل فيها الوحي وعلى مقربة من غار حراء وثور .. خطابا دسما تحدث فيه عن تصوره للإسلام الذى يراه ويجب أن يسود العالم بهداه ... بعدما فشلنا في التعامل مع النص فكانت النتائج إخراج أجيال من الدواعش لا تجيد إلا فن التدليس وفقه التنصيص .

غاب التاريخ عن الذاكرة .. فحضرت من جديد المكيدة الطازجة التي تسعى لتأسيس سياسة جديدة للمحاور في المنطقة ينشأ على أثرها صراع جديد ذو هوية مختلفة تختفي بجواره كل الصراعات التقليدية القديمة وعلى رأسها الصراح العربي الصهيوني ...!!!

يقع هذا وكأننا غافلون حتى عن فهم ما نقرأ عندما وضعها كسطر يلخص المشهد الذى ندشنه اليوم بأيدينا وبقيادة أمريكية ذلك العجوز المشتبك مع عناكب السياسة الدولية وزير الخارجية الامريكية الاسبق هنري كيسنجر يوم صرح بأنه لن ينتهي الصراع العربي الاسرائيلي الا بظهور صراع جديد .

نعرف ذلك ... وإن كنا نجهله ... فها هو السيد كيسنجر يشير إليه بأدبياته السياسية المعروفة لنعلمه ومع ذلك نحن من نضع حجر اساسه ... ولا عزاء للغباء عندما يكون في مقدمة الركب يقود هذه الأوطان بمنظومة النفاق إلى الهاوية ...!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط