الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«الصحة العالمية» ترفع شعار «التبغ - خطر يهدد التنمية» في اليوم العالمي للامتناع عن التبغ

صدى البلد

  • منظمة الصحة العالمية تحذر من العواقب الصحة والاجتماعية لتعاطي التبغ
  • 7.2 مليون شخص سنويًا يموتون نتيجة التعاطي
  • دعوة الحكومات لمكافحة التبع استرشادا باتفاقية المنظمة الإطارية

تحيي منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في 31 مايو من كل عام اليوم العالمي للامتناع عن التبغ، بتسليط الضوء على المخاطر الصحية والمخاطر الأخرى المرتبطة بتعاطي التبغ وبالدعوة إلى وضع السياسات الفعالة للحد من استهلاك التبغ.

ويتمثل موضوع اليوم العالمي للامتناع عن التبغ 2017 في "التبغ - خطر يهدد التنمية"، حيث يحذر الاحتفال من أن تعاطي التبغ له عواقب صحية، واجتماعية، وبيئية، واقتصادية مدمرة، كما يمثل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق التنمية المستدامة، حيث يؤثر تعاطي التبغ على الصحة، والفقر، والجوع في العالم، والتعليم، والنمو الاقتصادي، والمساواة بين الجنسين، والبيئة، والشئون المالية ، والحوكمة.

ويموت نحو 7.2 مليون شخص سنويًا نتيجة لتعاطي التبغ، ومن هؤلاء يموت 900 ألف شخص من غير المدخنين نتيجة تعرضهم لدخان التبغ الصادر عن المدخنين، وهذا الوباء سيؤدي إلى وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنويا بحلول عام 2030. وتقع أكثر من 80% من حالات الوفيات في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل، وتتحمل هذه البلدان حوالي 40% من التكلفة الاقتصادية العالمية للتدخين من حيث النفقات الصحية والخسائر الإنتاجية، بما يقدر بحوالي 1.4 تريليون دولار أمريكي.

وتدعو منظمة الصحة العالمية جميع البلدان إلى إعطاء الأولوية للجهود الرامية إلى مكافحة التبغ وتسريع هذه الجهود كجزء من استجابتها لخطة التنمية المستدامة لعام 2030.

ويحتفل باليوم العالمي لمكافحة التدخين حول العالم في 31 مايو في كل عام، وقد صادقت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية على اليوم العالمي لمكافحة التبغ (WNTD) في عام 1987.

ويسعى هذا اليوم بشكل أكبر لجذب الاهتمام العالمي حول السيطرة بشكل واسع على استخدام التبغ وإلى التأثيرات الصحية السلبية له، التي باتت تؤدي حاليا إلى الموت سنويا في أرجاء العالم؛ كما يعنى من خلاله التشجيع على الامتناع عن استهلاك جميع أشكال التبغ مدة 24 ساعة في جميع أنحاء العالم.

وخلال السنوات الـ 20 المنصرمة، قوبل هذا اليوم بالحماسة والمعارضة حول العالم من قبل الحكومات ومنظمات الصحة العامة والمدخنين والمزارعين إضافة إلى صناعة التبغ.

وقال الدكتور محمود فكري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، في رسالته بهذه المناسبة: "إننا نحتفل في مثل هذا اليوم 31 مايو من كل عام باليوم العالمي لمكافحة التبغ، وتسلط حملة هذا العام الضوء على مخاطر التبغ وما له من آثار مدمرة علينا جميعًا وعلى تنمية مجتمعاتنا ونهضتها في إقليم شرق المتوسط، فخطر التبغ لم يعد يقتصر على الصحة وحسب، وإنما يمتد ليؤثر على البيئة والاقتصاد وغيرهما من مناحي الحياة".

وأضاف فكري أن التقديرات تشير إلى أن التبغ يودي بحياة أكثر من 7 ملايين شخص سنويًا؛ يعيش أكثر من 80% منهم في البلدان الفقيرة والأكثر فقرًا، ويعيق تعاطي التبغ تحقيق التنمية المستدامة التي ينص الهدف الثالث من أهدافها في إحدى غاياته على "تعزيز تنفيذ الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ في جميع البلدان".

ودعا الحكومات إلى مضاعفة جهودها في مكافحة التبغ، مسترشدة باتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية والتدابير الستة المعروفة باسم   ( MPOWER)، ومنها زيادة الضرائب المفروضة على منتجات التبغ، وفرض حظر شامل على جميع أنشطة الدعاية للتبغ ومنتجاته والإعلان عنها والترويج لها، ورعايتها.

وذكر أن مكافحة التبغ تسهِم في كسر دائرة الفقر والقضاء على الجوع، وتعزيز الزراعة المستدامة والنمو الاقتصادي، ومكافحة تغير المناخ. وتستطيع الحكومات الاستفادة من زيادة الضرائب على منتجات التبغ لتمويل التغطية الصحية الشاملة والإنفاق على التعليم والبرامج الإنمائية الأخرى.

وتابع: "لكل منا دوره؛ فالأفراد أيضًا لهم دور في إيجاد عالم مستدام خالٍ من التبغ متى التزموا بعدم تعاطي منتجاته. بل وفي وسع من أَسرتهم هذه العادة أن يقلعوا عنها، أو أن يلتمسوا المساعدة في ذلك. وعلى المجتمع أن يحمي أبناءه، لا سيما الأطفال والناشئة من التدخين السلبي ، بحظر التدخين في الأماكن العامة حفظًا للصحة وصونًا للبيئة في آن واحد".

ويعود أصل التبغ أو التوباجو Tobacco إلى أمريكا الوسطى ، وهي اسم الأداة التي كان الهنود يستخدمونها للتدخين، وفي القرن 15 نقل بحارة كولمبوس التبغ إلى أوروبا، و في القرنين 16، و17 ساد الاعتقاد أن التدخين يمكن أن يكون مفيدًا في خفض الوزن، وفي عام 1945 مع نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح حوالي نصف السكان البالغين في العالم مدخنين.

ولم تتم الإشارة إلى أضرار التدخين إلا في عام 1958؛ حيث حذرت وزارة الصحة الأمريكية من التدخين، واعتبرته ضارًا بالصحة، ومنذ ذلك الوقت توالت الدراسات التي تحذر من الأضرار الجسيمة له، وبدأت حملات توعية الناس بمخاطره.

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن التبغ يحتوي على ما يزيد على 4 آلاف مادة كيميائية، منها 100 مادة مصنفَّة عالميًا كسموم، و63 مادة مسرطنة، ومن هذه المواد: النيكوتين، وأول أكسيد الكربون، والزرنيخ، والسيانيد، وبروميد الأمونيوم الذي يدخل في تركيب منظفات المراحيض، والفورمالديهايد الذي يستخدم لتحنيط الجثث. ويمكن استنتاج مدى الأضرار التي يسببها التدخين من خلال معرفة عدد حالات الوفاة التي تنتج عن التدخين سنويًا، كما أنه يسبب العديد من الأمراض، ومنها: اضطراب في توزيع الدم الغني بالأكسجين إلى أجزاء الجسم، وخطر الإصابة بمرض الأوعية الدموية المحيطية؛ خطر حدوث الإجهاض، والولادة المبكرة، وصغر حجم المواليد، والتشوهات الخلقية، كما يزيد من احتمال وفاة المواليد أثناء الولادة، بالإضافة إلى زيادة خطر إصابة الوليد بارتفاع ضغط الدم ، والسكري؛ يقلل من القدرة على الانتصاب ويزيد من خطر الإصابة بالعقم؛ يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام لدى النساء، وذلك لأن التدخين يجعل النساء أكثر عرضة لانقطاع الطمث المبكر، والنحافة، وكلاهما من عوامل الخطر للإصابة بهشاشة العظام؛ يسبب رائحة الفم الكريهة، وتلون الأسنان، واصفرار الأظافر، وتجعد الجلد؛ يزيد من خطر الإصابة بمرض إعتام عدسة العين، ومرض الضمور البقعي وكلاهما من الأسباب الرئيسية لفقدان البصر عند كبار السن؛ يزيد من خطر الإصابة بقرحة المعدة؛ يسبب حدوث طفرات جينية (تغيرات جينية) في أعضاء مختلفة في الجسم.

وحسب دراسة نشرت في المجلة العلمية "ساينس"، فإن تدخين علبة من السجائر يوميًا يسبب حدوث 6 طفرات في كل خلية من الكبد، و(18) طفرة في كل خلية من المثانة، و23 طفرة في كل خلية من الفم، و39 طفرة في كل خلية من البلعوم، و97 طفرة في كل خلية في الحنجرة كل عام، الأمر الذي يفسر ارتفاع خطر إصابة المدخنين بـ 17 نوعًا مختلف من السرطان، من بينها سرطان الرئة، والفم، والمريء والحنجرة، والكلية، والمثانة؛ كما يسبب تكسر ألياف الكولاجين في جلد الوجه، ما يؤدي إلى فقد الجلد لصلابته، وزيادة تجاعيد الوجه، وشيخوخته المبكرة، كما أن التدخين يعيق تدفق الدم إلى خلايا الجلد فيبدو بمظهر شاحب.

وقد ورد في تقرير صادر عن وزارة الصحة البريطانية أن بشرة وجه المدخن قد تكون أكبر سنًا بـ10 إلى 20 عامًا بالمقارنة مع جلد الشخص الذي لا يدخن في العمر نفسه؛ التواجد في أماكن التدخين والتعرض لمخلفات دخان "التدخين السلبي" يسبب ضررًا في الحمض النووي، والدهون، والبروتينات في الجسم، ما يسبب ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم والمقاومة للأنسولين، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وذلك حسب دراسة نشرت في المجلة العلمية ساينس؛ يزيد من كمية المخاط التي ينتجها الجسم، ما يوفر بيئة مناسبة لنمو البكتيريا والفيروسات، ويزيد من خطر الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية، والبرد، والإنفلونزا؛ يزيد نبضات القلب بمقدار "10- 25" نبضة في الدقيقة الواحدة، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بنوبات القلب المميتة، والسكتات الدماغية بنسبة 15%؛ يسبب ضعف التركيز ونقص النشاط؛ ويسبب العديد من الأمراض لأعضاء الجهاز الهضمي مثل: القرحة الهضمية، وحصى المرارة، وحرقة المعدة، ومرض كرون (أحد أمراض الأمعاء الالتهابية)، وأخيرًا سرطان المعدة؛ يزيد من ترقق الشعر وتعرضه للتقصف، والشيب المبكر.

وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2017، إلى أنه يموت حوالى 7.2 مليون إنسان كل عام نتيجة لتعاطي التبغ، بمن فيهم 900 ألف إنسان يموتون نتيجة للتعرض لتدخين الآخرين. وتقع نحو 80% من الوفيات المبكرة الناجمة عن التبغ في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل التي تواجه تحديات متزايدة أمام تحقيق أهدافها الإنمائية. وفي بعض بلدان إقليم شرق المتوسط، يصل معدل التدخين إلى 52% بين الرجال و22% بين النساء.

كما أن البيانات الخاصة بالصغار من الجنسين مثيرة للقلق على حد سواء، ‏ويمكن أن تصل معدلات تدخين التبغ إلى 42% بين الفتيان، وإلى 31% بين الفتيات.

وتذكر الإحصائيات أن تعاطي التبغ يجلب المعاناة والمرض والموت وإفقار الأسر والاقتصادات الوطنية. ويكلف تعاطي التبغ الاقتصادات الوطنية خسائر جسيمة نتيجة لزيادة تكاليف الرعاية الصحية وانخفاض الإنتاجية. ويزيد حدة التفاوتات الصحية ويفاقم الفقر، حيث يقلل تعاطي التبغ من الإنفاق لدى أفقر الناس على الضروريات مثل الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، وتتحمل هذه البلدان حوالي 40% من التكلفة الاقتصادية العالمية للتدخين من حيث النفقات الصحية وخسارة الإنتاجية، بما يقدر بحوالي 1.4 تريليون دولار أمريكي.

وتتطلب زراعة التبغ كميات كبيرة من المبيدات والأسمدة، والتي قد تكون سامة وتلوث إمدادات المياه. وفي كل عام، تستهلك زراعة التبغ 4.3 مليون هكتار من الأراضي، ما يؤدي إلى إزالة الغابات العالمية بنسبة 2% إلى 4%، وتنتج صناعة التبغ أيضًا أكثر من مليوني طن من النفايات الصلبة.

وتعد الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ أقوى أداة متاحة لمواجهة الآثار السلبية للتبغ على التنمية. وتشتمل على تدابير للحد من الطلب على التبغ وخفض الإمدادات منه. خاصة المادة 6 من الاتفاقية الإطارية التي تشجع على اتخاذ التدابير السعرية والضريبية التي تحد من الطلب على التبغ.

وتشمل هذه التدابير زيادة الضرائب المفروضة لتزداد أسعار البيع لمنتجات التبغ، والحظر أو التقييد لمبيعات منتجات التبغ المعفاة من الضرائب والرسوم الجمركية. وتماشيًا مع الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية، أدرجت منظمة الصحة العالمية التدابير الخاصة ببرنامج السياسات الـ 6 في عام 2008، وهي مجموعة من 6 تدابير لها تأثير فعال ومردود عال وتساعد البلدان على الحد من الطلب على التبغ. ‫ويمكن أن تشمل هذه التدابير ما يلي:‬ رصد تعاطي التبغ وسياسات الوقاية من تعاطي التبغ‬ ؛ حماية الناس من التعرض لدخان التبغ؛ المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ؛ التحذير من أخطار التبغ‬؛ حظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته‬؛ زيادة الضرائب المفروضة على التبغ.

ولقد ثبت أن زيادة الأسعار والضريبة المفروضة على منتجات التبغ هي واحدة من أكثر التدابير فعالية في مكافحة التبغ، ومع ذلك فهي أقل التدابير التي تستفيد منها البلدان في معالجة قضايا التنمية المختلفة. ومن شأن الزيادة في إيرادات الضرائب المفروضة على التبغ أن تعزز تعبئة الموارد المحلية، وأن تخلق الحيز المالي اللازم للبلدان، حتى تستجيب لأولويات التنمية في إطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

ومن الضروري أن تفيد تدابير مكافحة التبغ الأشخاص الأكثر تضررًا. ومن خلال زيادة الأسعار، ستحمي الضرائب الفقراء من التعرض لمنتج يقتلهم ويصيبهم بالأمراض.

إن الضرائب هي في الواقع الوسيلة الأكثر فعالية لتحفيز متعاطي التبغ الحاليين على الإقلاع عنه، ولا سيما في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل، كما أن الضرائب المفروضة على التبغ تقلل من تعرض غير المدخنين لدخان التبغ، ومن ضمنهم الأطفال والنساء.

وتوجد تدابير أيضًا لمراقبة إمدادات التبغ، فالبروتوكول الخاص بالقضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ هو الأداة السياسية الرئيسية للحدِ من تعاطي التبغ والتقليل من عواقبه الصحية والاقتصادية، وهناك تدابير أخرى، مثل دعم بدائل لإنتاج التبغ تكون قابلة للتطبيق، مع تقييد وصول الأطفال والشباب لمنتجات التبغ، وهي تدابير فعالة، خاصة كجزء من استراتيجية شاملة للحدِّ من تعاطي التبغ.

وقد نفذ حاليا أكثر من نصف بلدان العالم، وهو ما يمثل نحو 40% من سكان العالم (2.8 مليار نسمة)، تدبيرًا واحدًا على الأقل من معظم التدابير الفعالة لقاء التكلفة التي حددتها الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية.

وينشئ عدد متزايد من البلدان جدران للحماية، ولدرء التدخلات من دوائر صناعة التبغ في السياسات الحكومية الخاصة بمكافحة التبغ، كما سيؤدي التنفيذ الشامل في إقليم شرق المتوسط للاتفاقية الإطارية للمنظمة، والتدابير الخاصة ببرنامج السياسات الـ 6 إلى الحد من تعاطي التبغ بمقدار 20% إلى 40% في 5 سنوات، وفي بعض البلدان قد تصل النسبة إلى 36% في 5 سنوات، و56% في 15 عامًا.

ومن خلال زيادة الضرائب المفروضة على السجائر في جميع أنحاء العالم بمقدار دولار أمريكي واحد، سيمكن جمع مبلغ إضافي قدره 190 مليار دولار يستفاد منها في التنمية، وتساهم الضرائب المرتفعة المفروضة على التبغ في إدرار دخل للحكومات، والحدّ من الطلب على التبغ، وتوفر تدفقًا مهمًا للإيرادات لتمويل الأنشطة الإنمائية.