الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مكبرات الصوت ... وبدع تؤدي إلى الموت !!


دعونا نتفحص المشهد من جوانب عدة ونحن في رمضان شهر المظاهر التي تتجهز في شوارعنا بعيدا عن النفع الذى يعود علينا سلوكا وعملا..! 

دار حوار ساخن أمسك بأطرافه المظهريون والسطحيون والبسطاء لعلهم يستطيعون أن يجذبوا به العامة والدهماء في حربهم ضد قرار وزارة الأوقاف بمنع مكبرات الصوت في المساجد خلال تراويح شهر رمضان... التراويح التي لا أصل للصورة التي تُؤدى بها الآن على عهد رسول الله.

وركب الموجه من تربوا في أحضان الملاعب بصياح بنادي الكره الثائرة من كل جانب...

فأعطى رأيا في القضية لاعب الكرة أحمد حسن الذى لا يفقه في علم الدين أو فلسفة الحياه سطرين نافعين تستند إليهما بظهرها أي قضية..

العجيب أن السلفية الشمطاء التي تدعوا دائما للعودة إلى الأصول التي كان عليها الرسول في الزي والمأكل والمشرب وطبيعة السير في الطرقات وركوب الدابة بعدما داهمتنا فتاوي جماعات البلاليين في أمريكا المنتسبة إلى عروق الفكر السلفي وهم يحرمون حتى استخدام دورات المياه ويفضلون عليها الذهاب إلى الخلاء لتدني نسائهم على مؤخراتهن الجلابيب وهن جلوس حتى لا يُعرفن فلا يؤذين بنظره تستعر فيها شهوة محرمة.

هذه السلفية تشتبك اليوم برأيها مع القضية لتنتصر لبدعة مكبرات الصوت التي لم تعرفها مساجدنا إلا قبل سبعين عاما أو أقل.

وقد حدث من قبل في بلاد نجد بمنتصف القرن العشرين اشتباك فقهي مال فيه القوم إلى تبديع مكبرات الصوت كونها عمل الألة وليست هي الصوت البشري الذى يصح به الأذان والصلاة والتلاوة.

ولكن على هذا الرأي قد انتصر أهل الحناجر البكائية الذين اشتهروا فيما بعد ببيع الأصوات وقد جاءتنا نتائجها مره بحرارة الأسواط لتصبح هذه الأمة المريضة معلقه بين اثنتين ... الحناجر والخناجر.

ومن يفر من طرف فهو في مواجهة الطرف الآخر وكلاهما يفضي به إلى نهاية تفقده العيش الروحي الكريم في أحضان تنغيم يرضى الله به ... ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا. 

فإذا بنا نعلنها في رمضان وغير رمضان حربا تشتبك فيها أصوات المآذن التي لا يبتعد بعضها عن بعض في الكثير من الأحيان مئات الأمتار.

وكل مئذنة تحمل فوقها عدد لا بأس به من مكبرات الصوت تتوجه بها في كل الاتجاهات وتشتبك الأصوات هنا وهناك لتنتصر للضوضاء الذى يسقط بينها صريعا صوت الخشوع وصوت التضرع ولحظات الهمس والمناجاة..

وقد اصبح التظاهر بجمال الحناجر إلفا نعرفه فقدنا حوله قلبا كنا على الفضيلة نؤلفه .. ونسى الجميع ممن جعلوا مكبرات الصوت من أصول الشريعة وأسباب نشر الروحانيات في شهور الفرج العظيمة أنهم جعلوا إختراع العالم الألماني إرنس ويرمر عام 1877م .الغربي الكافر بعقيدتهم .. جزءا أصيلا من منظومتهم .. لتضيع معها ملامح الصوت الهادي الأول الذى كان يقول للحبشي ... أرحنا بها يا بلال.

ليصبح المشهد في شهر الصوم زلزلا يقربنا بما تصوره الآيات من نفخ في السور استعدادا للقيام من بين الأموات وهم ينفخون في مكبرات الصوت ليهتز الطفل الرضيع في فراشه .. والشيخ العليل بين أدوائه .. المرأة الكبيرة برأس موجوع تحت عصابته ... وبجار يشاركنا الوطن لا يعينه ما تصنعه الضوضاء حوله من زلزال وألم .؟

لقد تركوا حقيقة التدين المربوط بالخشوع ... والمطلوب منه أن يؤدي شعائره بسكينه .. حيث تألف الأرواح وتتطهر من المظاهر الكارثية التي نحيط بها كل عباداتنا ... حتى أصبحت نتائجها فحشاء ومنكر.

فيصلون حول مكبرات الصوت ثم يمارسون كل الموبقات من غير حياء دونما دراسة لهذه الظاهرة وتلك المظاهر التي يتقدمها انفلات الأخلاق وجشع التجار في الأسواق ...!!

اليوم يناضلون من أجل مكبرات الصوت التي هي بدعة غربيه مستحدثه في مواجهة السكينة التي هي طلب إلهي حثيث حين يكره الضوضاء فيصفها بأصوات الحمير النباحة .. وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ.

ويذهبون في ضرب الاستقرار بالمشاغبة على الدولة وكأنها تمنعهم من فريضه محكمه .. والمشهد برمته ليس أكثر من بدع استحدثوها في الدين فلم يحدث أن صلى النبي صلاة التراويح جماعة ولا رفع الصوت فيها حتى أصبح لجاره المريض ألما.

فكيف تبدلت المشاهد .. واصبحت الحقائق المستقرة بمثابة منابت مستحدثة مضلة .... فيما يحولون هواهم دينا يصارع الهواء بخبائثه ويلوث الأجواء بنفخاته وصرخاته التي ليست سطرا في دين الله ولا مسلك نبيه.

فمتى نكف عن هذا الهراء ونتراجع وقوفا خلف الفضيلة التي تربي بهدوء سلوكا تزدهر به القيم ويتحرر فيه العقل من سوء التقاليد الموروثة وسوءات الذمم.؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط