الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تأملات طبية إسلامية «2»


نواصل شرح المزيد من الإعجاز والسبق العلمي في القرآن الكريم والحديث الشريف.

1- ولد أو بنت؟ في حديث من صحيح مسلم "ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا منى الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنث بإذن الله" وفي رواية الإمام أحمد "فأيهما سبق أو علا أشبه الولد".. فكرت كثيرًا في المقصود بكلمتي "سبق" و"علا"، هل هو سبق زمني أم العلو يعني القوة والغلبة، وراجعت آخر أبحاث الإخصاب لأعرف منها كيف يغلب جنس على آخر.. يقول العلماء إن الحيوانات المنوية المذكرة أصغر حجمًا وأسرع حركة وأقصر عمرًا من تلك المؤنثة، فلو حصل الجماع في نفس يوم التبويض ستصل الحيوانات المنوية المذكرة أولاً ويكون الجنين ذكرًا، أما لو حصل الجماع قبل وصول البويضة بيوم أو يومين ستكون المنويات المذكرة قد ماتت ويخلو الجو للمؤنث منها فقط، ولو حصل الجماع بعد نزول البويضة بيوم أو يومين، فإن الحموضة تزيد في المهبل بعد نزولها وتقتل المنويات المذكرة لضعفها، كما أشارت أبحاث أخرى إلى احتمال علاقة بين جنس الجنين ونوع الأكل لكن غير موثوقة.. ويمكن للطبيب حاليًا تحديد يوم التبويض بسهولة والمساعدة في تحديد جنس الجنين، وسبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا..

2- الحافظ: تقول الآيات: "والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين" (يوسف 64)، "إن كل نفس لما عليها حافظ" (الطارق 4). يدرك العلماء والأطباء وحتى عامة الناس أن للجسم حافظا يحميه، ويتجلى هذا الحفظ في مجموعة من الظواهر بالغة الإعجاز كلها تتم بلا تفكير ولا تحتاج إلى انتباه مسبق (Reflexes)، على سبيل المثال: غلق جفن العين وإبعاد الرأس من جسم غريب اقترب منها، سحب أحد الأطراف بسرعة إذا لامس شيئًا ساخنًا على غير توقع، وميل الجسم عند السقوط بعكس الاتجاه.. إلخ.

3- قال تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" (الأعراف 31): نهانا سبحانه وتعالى عن الإسراف في الأكل والشرب، فالإسراف له مخاطر كثيرة صحية وبيئية واقتصادية.. كثرة الأكل تؤدي إلى الإصابة بالسمنة والخمول وتصلب الشرايين وداء السكري، وإعداد أطعمة أكثر من الحاجة في الفنادق والأفراح فيه تبذير، ويزيد النفايات ولا يراعي البعد الاجتماعي والديني، والصحيح أن يذهب الفائض إلى الفقراء والمحتاجين وله أجر عظيم، وورد في أحاديث صحيحة أن طعام الاثنين يكفي ثلاثة، وأن المسلم يمكنه اتقاء النار ولو "بشق تمرة"..

4- نطفة الأمشاج: قال تعالى "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج" (الإنسان 2)، والممشوج في اللغة: المخلوط، ويقصد بها البويصة المخصبة بخلط النطفتين التي يبدأ بها خلق الإنسان، وهي صغيرة يصعب رؤيتها بالعين المجردة، لكن لديها "برنامج" مخزون مع خطة عمل كاملة "لتسليم طفل" بعد تسعة أشهر، بعيدًا عن الأنظار ودون تدخل من أحد.. وكل الفضل في هذا يعود إلى إبداع الخالق في صنع الحمض النووي العجيب (DNA) منفذ البرنامج.. ونطف أمشاج الكائنات الأخرى لديها برامج لتسليم فيل أو جمل أو قرد أو خنفساء، وهكذا..

5- ما هو الصبر وكيف يدار في المخ ؟ الصبر هو كبت الشكوى والغضب في انتظار إنجاز أو مكافأة، وهو صفة محمودة في كل الأديان، فقد ورد في الآيات: "وبشر الصابرين" (البقرة 155)، "والله يحب الصابرين" (آل عمران 146).. وقد كان الناس في الماضي أكثر صبرًا، لكن صبرهم الآن قل مع تعقيدات الحياة.. في الصبر عنصر وراثي وعنصر يتحقق بالتدريب و الوازع الديني، وتقوم بإدارة الصبر هرمونات ومراكز معلومة في المخ. عندما يكون الإنسان أو الحيوان في انتظار جائزة أو مكافأة، يفرز مخه هرمون الدوبامين المختص بالصبر، لكن قياسا بغيرة، خلق الإنسان عجولا، والعديد من المخلوقات أكثر صبرا منه، فبعض الطيور يظل يحفر بمنقاره بيتا في جذع شجرة صلب لمدة عامين دون كلل أو ملل ..

6- الفرق بين "النظر والبصر والرؤية": معجزة قرآنية جديدة لأول مرة أتوصل إلى فهمها. النظر هو مجرد التحديق في الصور ولا يعني ذلك أن الرؤية قد تمت، كما في الآية "وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون" (الأعراف 198)"، أما البصر فهو وسيلة الرؤية أي إدراك "أشباح" الصور ونقلها إلى المخ فقط، ليكمل هو الرؤية، كما في الآية "فقد رأيتموه وانتم تنظرون" (آل عمران 143).. وهذا ما يقوله الطب الحديث: العين تبصر الأشياء مقلوبة (أشباح) وترسل الصور إلى المخ مقلوبة أيضا دون أن نشعر، لكن في المخ برنامج يقلبها مرة أخرى كما يفعل الكمبيوتر لنراها معتدلة (flip vertical)... بهذا يكون القرآن الكريم قد سبق وفرق بين النظر والبصر والرؤية، ليس لغويا فقط، بل علميا أيضا، بتأكيده "أن ما يحدث في العين شىء وما يحدث في المخ شىء آخر"..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط