الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الوﻻيات المتحدة الإفريقية


كانت الأحلام تلامس عنان السماء عشية اﻻستقلال عن اﻻستعمار التقليدى الذى مزق كيانات القارة وتركها على حالة التجزئة التى يراها تخدم مصالحه حتى بعد رحيله، حيث تعمد وجود تداخل اثني بين الحدود التى رسمها اﻻستعمار على مختلف المستويات السياسية والثقافية واﻻقتصادية، فقد عمد اﻻستعمار على خلق عدم توازن فى الناحية الثقافية والسياسية، واﻻعتماد على خلق نموذج مكرر فى معظم الدول على الرغم من اختلاف الرؤى اﻻستعمارية والأصل لهذا اﻻستعمار.

كان اﻻعتماد على اثنية دون أخرى وإعطاء المزايا النسبية لتلك اﻻثنةه حتى وإن كانت أقلية مع خلق سياسات من شأنها تعميق الخلافات من خلال التكريس للتمايز لتلك اﻻثنية فى كافة المجاﻻت، وخاصة التعليم وخلق الوﻻء الذي يحعلك تشعر بأن الأفارقة يعشقون التراب اأوروبى الذى خلق لهم وضعا اجتماعيا وسياسيا، ﻻيمكن انكاره حتى أن تلك النخب أصبحت ملكية أكثر من الملك، والقصد عمق الوﻻء للمستعمر واإيمان بكل سهولة بكل وﻻءاته وحلوله التي لم تؤد إﻻ إلى المزيد من العوز والتخلف والدليل بقاء القارة على حالها بعد كل هذه السنوات التى مرت عقب اﻻستقلال الشكلى الذى تحقق فى النصف الثانى من القرن الماضي.

وبدأت ظهور أفكار الوحدة التى بدأت مع رؤية الجامعة الإفريقية ومؤتمراتها التى تعددت منذ بدايات القرن الماضى وانتهت الى اجتماع اكرا فى غانا عام 1958 الذى كان بمثابة الضوء اأخضر بالداخل اﻻفريقى لتحقيق تلك الأفكار الوحدوية وبعدها ظهرت الوحدة الإفريقية من خلال التكتلات الفرعية التى قامت على أساس التقارب الجغرافى مثل اتحاد غانا وغينيا واتحاد ساحل العاج والنيحر وفولتا العليا(بوركينا فاسو)، وأصبح اﻻستقلال مرادفا ﻻحاديث الوحدة مع اختلاف الرؤى التى ترى الوحدة والفلسفة والسياسات التى تقوم عليها.

وأتعرض هنا لرؤية نكروما التي أراها كانت تحمل رؤى للمستقبل الذى نعيشه اآن ....

فقد كان يرى أن الوحدة هى سبيل القارة للتغلب على اﻻستعمار الذى تتعدد أدواته وأساليبه التي كلها تؤدي إلى المزيد من التبعية والمزيد من التخلف، ودعا إلى الوحدة الفورية من خلال حكومة فيدرالية لمواجهة غول الصراعات البينية بسبب الحدود التى هى من صنيعة اﻻستعمار الذى يريد التكريس للصراعات وتكون تلك الوحدة على أساس فيدرالي بدون التفريط فى السيادة الوطنية للدول مع إنهاء عمل التكتلات الإقليمية وإلغاء الحدود بين الدول وطرح نكروما الشكل السياسى لهذا اﻻتحاد من خلال مجلس للشيوخ وآخر للنواب وعملة موحدة وبنك مركزى واحد وهيئة عسكرية ودفاعية مشتركة.

كل تلك الأفكار وأكثر لم تلق القبول على قاعدة أساسية قوامها أن إفريقيا قارة التعددية فى كل شئ وقد تؤدى الوحدة إلى المزيد من الصراعات، وكان البديل القبول بالتجمعات اﻻقليمية الفرعية مع تبنى النهج التدريجى لتحقيق الوحدة. 

وظهرت منظمة الوحدة اﻻفريقية التى كانت تبحث عن التحرر من اﻻستعمار ثم اﻻتحاد اﻻفريقى الذى يحمل هموم القارة وفاعلية اﻻتحاد وسياساته موضع انتقاد دائم لأن الأحلام شئ والواقع شئ آخر. 

كانت الأحلام في كل مكان في القارة تلامس السماء فى وجود رغبة لتحقيق الوحدة من أجل الوصول للتنمية التى غابت ومازالت، وقد كانت فكرة الوﻻيات المتحدة الإفريقية وعلى واقع الخلافات وتباين الرؤى، ولكن ستظل الفكرة قائمة، وأن كانت مستحيلة ولكنها الإرادة التى أن وجدت ستكون أفريقيا الموحدة فعليا إرادة دولية تنطلق من تلك الوحدة الى تحقيق الفاعلية والتنمية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط