الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تأملات طبية إسلامية (3)


نواصل شرح المزيد من الإعجاز والسبق العلمي في القرآن الكريم والحديث الشريف.

1- كسوة العظام باللحم: تقول الآية 14 من سورة المؤمنون "فكسونا العظام لحما".. ثلاث كلمات فقط إنما وراءها قصة طويلة أشبه بالخيال، وبتوفيق من الله، وصلت إلى فهمها وتوثيقها، لأنها من صميم اختصاصي في التشريح والأجنة.

في الأسبوع السادس من عمر الجنين تبدأ العظام بالظهور في كل مناطق الجسم ووسط براعم الأطراف، أولا في شكل نماذج غضروفية تتكلس ببطء مع مرور الوقت، لكن لا توجد حولها عضلات.. العضلات يبدأ تكوينها في مكان آخر عند خط الظهر في هيئة كتل تصطف في صفين على جانبي الحبل الشوكي بطوله من قاع الجمجمة إلى العصعص، 35 كتلة "مرقمة" على كل جانب.. تنمو هذه الكتل العضلية وتهاجر وتغزو الجذع وبراعم الأطراف لتحيط أو تتصل بالعظام أينما وجدت، وكل عضلة تجر معها العصب الخاص بها من الحبل الشوكي الملاصق لها، مع رقعة من الجلد لتصل بهما إلى مستقرها، والحجاب الحاجز بين الصدر والبطن مثال واضح لهذه العملية، فهو يجر عصبه من الرقبة لآنه نشأ عندها وتحرك إلى الأسفل، وهكذا كل العضلات.. وللجسم البالغ خارطة مهمة بأرقام هذه الكتل تدرس في مناهج الطب وتساهم في تحديد الأمراض، فسبحان الله، من كان يتصور أن العضلات تأتي من مكان بعيد لتكسو العظام، وأن سبقا وكنزا علميا مدهشا ورد في ثلاث كلمات فقط من آية؟

2- مدة الحمل أجل مسمى وقدر معلوم: جاء في الآية "ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى" (الحج 5)، وفي سورة المرسلات "فجعلناه في قرار مكين * إلى قدر معلوم" (21-22): فترة الحمل عند المرأة أربعين أسبوعا محسوبة من أول يوم لآخر طمث، ولو حسبت من يوم الإخصاب تقل أسبوعين أي 38 أسبوعا.. وفيما يلي فترات حمل بعض الحيوانات بالأيام: البقرة 286 (والعجيب أنه نفس عدد آيات سورة البقرة!) - الناقة 390 – الحمارة 365 – الفيلة 645 – القطط 64 – الكلاب 61 - الفئران 22.

3- السمع يسبق البصر: هذه المعلومة سبق تداولها. كثيرا ما يتقدم ذكر السمع على البصر في الآيات مثل: "وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة" (الأحقاف 26)، "فجعلناه سميعا بصيرا" (الإنسان 2) وغيرها، وسبب ذلك أن الجنين يسمع وهو في بطن أمه ويتفاعل مع صوتها ومع الموسيقى، بينما عينه لا تبصر إلا بعد أن يخرج إلى الدنيا، وحتى في أيامه وشهوره الأولى لا يجيد استخدام عينه ويحتاج تدريبا طويلا ليتعلم التركيز وربط حركات العينين معا، كما لوحظ أن فاقد البصر يبدع أكثر من فاقد السمع.

4- ما تنقص الأرض منهم: تقول الآية "قد علمنا ما تنقص الآرض منهم وعندنا كتاب حفيظ" (ق 4). كيف تنقص الأرض من البشر؟ ذكرنا سابقا أن جسم الإنسان في حركة تبادل مستمرة بينه وبين الأرض. لو عاش شخص 75 عاما، فإنه يأكل 35 طن من الطعام، ويطرد 13 طن براز، ويشرب 87 ألف لتر مياه ويطرد أقل من نصفها بول، ويتبدل جسمه من الأرض كل عام.. وهذا هو المفهوم العلمي للآية. الناس يأكلون ويشربون من الأرض ثم تعود أجزاؤهم وتختلط وتتفرق بها مرة أخرى، وعنده سبحانه وتعالى كتاب يحفظ تفاصيل كل هذه الأحداث.

5- تركيب الصورة: تقول الآية "في أي صورة ما شاء ركبك" (الانفطار 8): معلوم أن كل ولادة تأتي بإنسان جديد وبوجه جديد لا يتكرر، حتى التوائم لا تتطابق. لقد وضع الخالق سبحانه نظاما دقيقا لتركيب الصور لتكون دائما مختلفة، فما هو هذا النظام؟ إنه في خيط الحمض النووي اللولبي الطويل جدا، فعند إنتاج كل من الحيوان المنوي والبويضة يحدث تبادل لقطع من هذه الخيوط عندما تقترب وتنقسم، ولأنها مكونة من وحدات بالمليارات وكل تبادل بالقطع الوراثية لا يشبه الآخر، فالمحصلة ألا يوجد وجه يتطابق مع آخر إلى يوم القيامة!.

6- ضعف الإنسان: جاء في الآية "وخلق الإنسان ضعيفا" (النساء 28). قال المفسرون القدامى أن الإنسان ضعيف أمام النساء والشهوات، لكن علميا، يمكننا القول أنه رغم جبروته وامتلاكه كل أسلحة الدمار، فإن الإنسان ضعيف أمام جميع المخلوقات الأخرى وليس النساء فقط.. حشرات صغيرة كثيرة تخترق جلده وتمتص دمه كالبعوض والبرغوث والبق والقمل، والديدان تغزو جسمه، وقدر عالم عدد الديدان الموجودة في أجسام البشر وقال أنها لو قسمت على أهل الأرض جميعا لكفت دودتان لكل فرد، وفي كتب الطب شخص ابيضت عيناه وفقد بصره بسبب امتلاء كرتا عينيه بالدود! وإحصاءات أواخر القرن العشرين أشارت إلى إصابة مليار شخص بديدان الأكسيورس و850 مليون بالإسكارس ونصف مليار بالإنكلستوما ومثله بالفيلاريا و300 مليون بالبلهارسيا، ناهيك عن قتله بأصغر مخلوقات الله وهي الفيروسات.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط