الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. عادل عامر يكتب: ضريبة الأثرياء

صدى البلد

إن الأغنياء في مصر مطالبون بدعم الدولة عن طريق الاستثمار وتوفير فرص العمل ومراعاة البعد الاجتماعي، وأيضًا دعم موازنة الدولة عن طريق سداد الضرائب المستحقة والمفروضة عليهم.

ومن الضروري اعتماد الحكمة في توزيع أموال التحويلات الاجتماعية، واتخاذ بعض الإجراءات التي يعتقد أنها ضرورية.

أزمة التضخم وارتفاع الأسعار تتعلق في الأساس بزيادة شريحة الأثرياء القادرة على شراء السلع بأي أسعار، وفي المقابل ثبات حجم المعروض، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع التي تلتهم الفقراء ومحدودي الدخل أنه طالما أن الضريبة لن تمس المواطن البسيط فإن فرضها يكون حتميًا على الحكومة في ظل ما تعانيه البلاد من تراجعات حادة في جميع المؤشرات الاقتصادية.

وفي حال فرض ضريبة على الأثرياء، فإنه سوف ينخفض الطلب ويظل المعروض كما هو، وبالتالي تتراجع الأسعار، وهذا غير منطقي وغير مقبول، وهذا ما تُتهم به الحكومة والنظام الضريبي أنه يحابى الأغنياء، حيث أيضًا قرر النظام القائم إعفاء جميع الأرباح الرأسمالية والأسهم والسندات وأي شكل من أشكال رأس المال، هذا ما يجب أن نعيد النظر فيه أمام برامج انكماشية للحكومة المصرية في ظل موازنة عامة تئن من الأورام و الصداع وسوء الهضم.

إن تحقيق العدالة الاجتماعية ضروري لكل سياسة تستهدف تحقيق السلم الاجتماعي في ربوع المجتمع، كما أن الحياة الكريمة للشعب تتطلب نوعا من المساواة في التوزيع، فالتوزيع العادل للدخول بين فئات المجتمع من أبرز عناصر العدالة الاجتماعية، وترجع فكرة العدالة الاجتماعية إلى أصول تاريخية بعيدة، كما نجد في النظريات الحديثة من يتبنى فكرة الضريبة كشكل من أشكال إعادة توزيع الدخل القومي، فنجد "كينز" يحبذ الضرائب التصاعدية المصحوبة بإجراءات إعادة التوزيع، وذلك من خلال توجيه حصيلتها إلى الإنفاق العام عن طريق تقديم الدعم النقدي أو العيني لمحدودي الدخل والإعانات للعاطلين عن العمل والتأمينات الصحية والاجتماعية للمواطنين، وكذلك من خلال توفير الخدمات العامة كالتعليم والصحة والإسكان الاقتصادي وغيرها، الأمر الذي يساعد على إعادة توزيع الدخل والتخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية.

كما أنه من منظور اقتصادي، تقوم الضرائب التضامنية بنقل وحدات أو أجزاء من دخول الأغنياء إلى الفقراء، فالأغنياء يزيد عندهم الميل الحدي للادخار، بعكس الفقراء الذي يزيد عندهم الميل الحدي للاستهلاك، وهذا يؤدي إلى الطلب على سلع الاستهلاك، ما يؤدي إلى رواج السلع الاستهلاكية وزيادة الإنتاج، وأخيرا تزيد تبعا لذلك فرص عمل جديدة.

إن تأثير الضرائب بصفة عامة في إعادة توزيع الدخل وتحقيق العدالة الاجتماعية هو تأثير نسبي لا محال، فقد تفرض ضريبة تحدث آثارا معينة على توزيع الدخل، بينما تفرض ضريبة أخرى تترك آثارا مخالفة للأولى، كالضرائب غير المباشرة التي تفرض على الاستهلاك، فهي تعتبر أشد عبئا على الطبقات ذات الدخول المنخفضة، وعلى ذلك فإن التوسع في فرضها يعيد توزيع الدخل القومي في غير صالح الفقراء.

لذلك فان تطبيق ضريبة تضامنية، وجعلها ضمن مكونات النظام الضريبي المغربي، يفتح آفاقا كبرى لتقليص الفوارق وتعزيز مقومات التضامن الاجتماعي، لأنها تملك المقومات اللازمة لتمويل جانب مهم من السياسة الاجتماعية ببلادنا، كتعميم التغطية الصحية وإصلاح نظام التقاعد وصندوق المقاصة.