الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كارثة .. مشروع لتحويل حدائق المتحف الزراعي التراثية لموقف سيارات .. «الوطنية للمتاحف»: المادة 51 من الدستور تجرم التعدي على المساحات الخضراء .. وسلماوي يطالب المسئولين بالرد

صدى البلد

  • مشروع لتحويل حدائق المتحف الزراعي التراثية لموقف سيارات 
  • اللجنة الوطنية للمتاحف تستنكر تحويل جزء من حديقة المتحف لموقف سيارات 
  • عزب: المادة 51 من الدستور تجرم التعدي على المساحات الخضراء 
  • المتحف الزراعي يضم "مجمع متاحف" تعتبر من المتاحف الفريدة فى العالم
  • الزراعة رصدت 22 مليون جنيه لتطوير المتحف الزراعى وتجديد 7 مبانٍ أثرية داخله
  • مشروع التطوير تضمن تطوير الحدائق وإنشاء موقف سيارات وكافتيريات

جريمة متكاملة الأركان بدت تلوح معالمها في الأفق ضمن مخطط حكومي بتحويل الحدائق التراثية بالمتحف الزراعي إلى موقف سيارات ضمن ما أسماه نائب وزير الزراعة في تصريحات صحفية له " مشروع تطوير المتحف الزراعي".

المشروع الذي يحمل في ظاهرة تطوير المتحف والحدائق التراثية بتكلفة 22 مليون جنيها يطعن بسهام عشوائية الخطط تاريخ المتحف الزراعي، أقدم متاحف مصر وأغناها بالقطع الأثرية والنباتات والأشجار النادرة، إذ تضمن المشروع الذي أعلن عنه الدكتور صفوت الحداد، نائب وزير الزراعة لشؤون الخدمات الزراعية، إنشاء موقف سيارات وكافتيريات داخل حدائق المتحف.

من ناحيتها، استنكرت اللجنة الوطنية المصرية للمجلس الدولي للمتاحف، الأخبار المتداولة بخصوص اعتزام وزارة الزراعة المصرية تحويل الحدائق والمساحات الخضراء بالمتحف الزراعي بالدقي إلى موقف سيارات وكافتريات ومحال تجارية.

وذكر الدكتور خالد عزب - رئيس مجلس إدارة اللجنة - أن المادة 45 من الدستور المصري تجرم التعدي على المساحات الخضراء، خاصة أن حدائق المتحف الزراعي هي حدائق تراثية. 

وأوضح الدكتور خالد عزب أن اللجنة تثمن جهود الدولة الحالية واهتمامها بالمتاحف خاصة بعد موافقة رئيس الجمهورية على ترأس مجلس أمناء المتحف المصري الكبير، ثم نرى هذا الإهدار فى الرصيد الحضاري من قبل وزارة الزراعة، فالمتحف الزراعي يضم "مجمع متاحف" تعتبر من المتاحف الفريدة فى العالم، لكنه من المتاحف المنسية فى مصر التي يجب أن تقوم الدولة على تطويرها، مع الأخذ فى الاعتبار المواصفات الدولية لتنمية المتاحف والتراث الطبيعي.

ودعا دكتور خالد عزب، الدولة إلى نقل وزارة الزراعة إلى العاصمة الإدارية الجديدة وضم مبانيها الحاليّه للمتحف الزراعي ونقل تبعية المتحف إلى وزارة الآثار أو الثقافة أو تحويله لمؤسسة خاصة تدار من خلال مجلس أمناء.

وانتقد الكاتب محمد سلماوي أمين عام اتحاد كُتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ما تردد حول نية وزارة الزراعة تحويل المتحف الزراعي لموقف سيارات، وقال في مقاله بجريدة الأهرام " ما مدى صحة هذه الأخبار المقلقة التى يتداولها سكان المنطقة المحيطة بالمتحف الزراعى المصرى بالدقى؟ هل صحيح أن وزارة الزراعة أعلنت عن مشروع ميزانيته 22 مليون جنيه لتحويل الأراضى الزراعية التى تقع داخل حرم المتحف الى موقف سيارات وكافتيريات وأماكن للترفيه ومحال تجارية؟ لو صحت هذه الأنباء فإننا نتحدث عن جريمة كبرى فى حق الطبيعة، وفى حق التاريخ الحضارى المصرى، وفى حق المال العام."

وأضاف سلماوي : " لقد حققت الدولة أخيرا إنجازا كبيرا باستعادة الآلاف من أراضى الدولة التى تم الاعتداء عليها من بعض المواطنين، رغم عدد من التجاوزات التى وقعت والتى سعدنا باعتراف الرئيس بها، مما يعنى أنه سيتم تداركها، ولكن ماذا عن الدولة حين تكون هى المعتدية على المال العام؟!".

وتابع : " إن المتحف الزراعى المصرى هو أقدم متحف زراعى فى العالم، وفى العام المقبل تحل الذكرى الثمانون لإنشائه، ولا عجب فى هذا، فمصر هى الدولة التى اخترعت الزراعة وهى التى استأنست الأرض المحيطة بمجرى النيل، وأقامت أحد أقدم المجتمعات الزراعية فى تاريخ الإنسانية، وقد تنبهت مصر فى عصر الملكية الى تلك القيمة الفريدة لتاريخها الزراعى فشرعت فى إقامة هذا المتحف، وتبرعت الأميرة فاطمة ابنة الخديو اسماعيل بالسراى الخاص بها لهذا الغرض، وتم استقدام مدير المجمع الزراعى المجرى فى بودابست (وهو ليس متحفا) للإشراف على إقامة المتحف وفق أحدث الوسائل العالمية فى ذلك العصر، وكان هو ايڤون ناجى الذى أصبح بعد ذلك أول مدير للمتحف عند افتتاحه عام 1938".

واستكمل قائلا : " يقع هذا المتحف الفريد وسط حدائق تبلغ مساحتها 30 فدانا، أى 126 ألف متر مربع، وكما يحلو فى عين مغتصبى أراضى الدولة أن يستولوا على المساحات التى تسمح لهم بالتكسب من ورائها بالبيع لمن يحيلوا الأراضي الزراعية الخضراء إلى أبنية أسمنتية قبيحة، فإن تلك المساحة الشاسعة التى هى ملك للشعب، أغرت الوزارة بالاعتداء عليها لبناء «الكافتيريات والأماكن الترفيهية.. مع طرح مبادرة على رجال الأعمال بتحويل المساحات الفضاء الى مطاعم ومحال للتسوق على غرار ما يحدث فى أوروبا»، حسب ما صرح به أحد مسئولى الوزارة للصحف". 

واستطرد "لا يا سادة هذا ليس على غرار ما يحدث فى أوروبا، ولو أنكم عرفتم ما يحدث فى أوروبا لعرفتم كيف يكون الحفاظ على الطبيعة الخضراء من الاعتداء عليها بالأسمنت المسلح، وكيف يكون الحفاظ على التاريخ ممن يعملون على محوه وطمس معالمه، وكيف يكون الحفاظ على المال العام ممن يغتصبون متنفس السكان من الساحات الخضراء ليقيموا عليها مشروعات تجاريه تدر عليهم الأرباح".

وتابع سلماوي : " إن ما نطلق عليه اسم المتحف الزراعى هو فى الحقيقة سبعة متاحف تتوزع على عدة أبنية، فسراى الأميرة فاطمة إسماعيل وهى المبنى الرئيسي، قد تحولت الى متحف للثروة الحيوانية المصرية على مر التاريخ، وهى تزخر بعدد هائل من الحيوانات المحنطة التى انقرض بعضها على مر السنين، ثم هناك متحف الثروة النباتية، ومتحف آخر مخصص للقطن الذى اشتهرت به مصر والذى يبدو أنه فى طريقه الى الانقراض هو الآخر، بل إن هناك ضمن هذا المجمع الفريد من المتاحف متحفا مخصصا للأعمال الفنية التى صورت البيئة الريفية، وبعضها لبعض أكبر الفنانين العالميين".

وكانت وزارة الزراعة أعلنت عن اعتماد الحكومة للمرة الأولى 22 مليون جنيه لتطوير المتحف الزراعى، وتجديد 7 مبانٍ أثرية داخله، وتطوير المسطحات الخضراء وتركيب كاميرات مراقبة، إذ تم إسناد أعمال التطوير لشركة e.finance التى تنفذ أعمال التطوير حاليا.

وأكد الدكتور صفوت الحداد، نائب وزير الزراعة لشؤون الخدمات الزراعية، أن آثار مصر الفرعونية فى مجال الزراعة تضم 7 متاحف أثرية داخل المتحف الزراعى، تمثل حقبة تاريخية مهمة فى حياة الفلاح والزراعة المصرية، ولا بد من الاهتمام بها وتطويرها، إذ كان هدف إنشاء المتحف هو التوثيق لذاكرة مصر الزراعية، وخلق نافذة تطل منها كل الأجيال على حضارتنا فى الزراعة، فضلًا عن كون المتحف مركزا للثقافة الزراعية.

جدير بالذكر أن مساحة المتحف الزراعى تبلغ 30 فدانا (125 ألف متر مربع)، تشغل منها المبانى التى تضم المقتنيات الأثرية حوالى 20 ألف متر مربع، وباقى مساحة المتحف حديقة تضم أنواعا متعددة من الأشجار والنباتات النادرة، ويضم المتحف آلاف المعروضات والمقتنيات التى تقدم فى مجملها قراءة تاريخية للزراعة وتطورها فى مصر منذ عصر الفراعنة، ويمثل المتحف قبلة للعلماء والباحثين فى مجال الأبحاث والدراسات الزراعية والبيطرية والتاريخية.