الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لو أنها حقا خيرية!!


من قناة إلى قناة، ومن تردد إلى تردد، وفى شهر رمضان الكريم، الذى يجب أن يختلف عند القائمين على شئون الفضائيات عن غيره من الشهور، بزيادة جرعة الروحانيات، والبعد عن السفه الإعلامى والأخلاقى والثقافى، تطاردك سفاهات من نوع آخر، هى بالأساس تجارة، لا تقل عن غيرها من التجارة بالقيم المجتمعية، غير أن مروجيها يرون أنها الأنسب للنصب فى شهر الصيام، لندور فى النهاية فى دائرة التجارة ، باسم نشر الثقافة أحيانا، وتوعية المجتمع فى أحيان أخرى، ودعم الدولة فى أغلب الأحيان.

والتجارة فى شهر رمضان ليست مع الله سبحانه وتعالى، كما حثنا الدين الإسلامى الحنيف، وأوصانا رسولنا الكريم صلوات الله وتسليماته عليه، ولكنها للأسف تجارة يتصور البعض خطأ أنها على المولى جل فى علاه، وعلى البسطاء من المطحونين فى الأرض.

فتصور البعض أن كثرة إعلانات الجمعيات الخيرية، وفى شهر الخيرات والبركات رمضان الكريم، من شأنها أن تصنع عائدا كبيرا لهذه الجمعية أو لتلك، حتى تخرج من رمضان بأكبر حصيلة نقدية ممكنة، تدعى أغلب تلك الجمعيات أنها تستثمرها فى أعمال الخير ورفع المعاناة عن الناس، فى حين أنها تستثمر فى معاناتهم ومشاكلهم لتعظيم الأرباح.

فلو أن تلك الجمعيات حقا خيرية، ما ضحت بأموال كثيرة نظير نشر الإعلانات، فى أغلب الفضائيات، وعلى فترات متقاربة، ولما اختارت وقت تحقيق أعلى نسبة مشاهدة لنشر الإعلان وتكراره لمرات عديدة، سواء على ذات الفضائية أو على غيرها من الفضائيات.

تلك الجمعيات التى تدعى عمل الخير، والتى تضحى بملايين الجنيهات ثمنا للإعلانات باهضة التكاليف، تعى جيدا أنها سوف تحقق من ورائها ملايين مضاعفة من المكاسب، وهذا يعنى – على الأقل عندى – أنها تفكر بعقلية الاستثمار وتعظيم الأرباح، وليس تقديم الأعمل الخيرية للناس.

لست هنا بصدد إنكار دور بعض الجمعيات فى النهوض بالمواطنين وتقديم الخدمات والرعاية الصحية لهم، وهذه قليلة من حيث العدد، وتكاد تكون معدومة الإعلانات مقارنة بغيرها من الجمعيات، التى تتردد أسماؤها على مسامع الكثيرين، ولا تقدم خدمة تتناسب مع حجم ما تعلنه عن نفسها.

نحن إذن أمام عملية نصب كبيرة، تضاف إلى عمليات نصب تمارسها فضائيات أخرى على مدار السنة، ليكون المواطن فى النهاية هو ضحية سطوة رأس المال الخاص، وشره السعى وراء الريح ولو كان بأى طريقة أو ثمن.

يبقى التساؤل الهام وهو: هل تخضع إعلانات ما تسمى نفسها جمعيات خيرية لضوابط الإعلان؟ وهل يتم التحقق من مصادر أموالها؟ أم أن الفضائيات ورأس المال الخاص يعمل بلا ضوابط، وكله من أجل استغلال حاجات الناس واللعب على أوتار مشاعرهم الدينية فى شهر رمضان وفى غيره من شهور العام؟

وإذا كان الشهر الفضيل قد انتهى، فإن النصب على المواطنين باسم العمل الخيرى مستمر طوال العام!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط