الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زوجتي الحبيبة.. أرجوكِ "أنتخي" قليلا



الفجوة بين الأجيال مصطلح شعبي مستخدم لوصف الاختلافات بين الناس من جيل الشباب والمتقدمين في السن ووصف الفروق الثقافية بين الشباب وبين الأكبر سنا منهم بسبب سرعة التغير الثقافي في العصر الحديث وخاصة فيما يتعلق بأمور مثل الأذواق الموسيقية والأزياء والسياسة والثقافة.. مع الوقت تأكد لي بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك فرق سرعات رهيب بين جيلي من مواليد مطلع الستينيات وبين الأجيال اللاحقة علينا ومنهم مواليد السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، أعترف أن جيلنا جيل بطيء ويرفع شعار ليس في الإمكان أبدع مما كان، وقد تكون مهنة الصحافة التي أفنينا فيها عمرنا بلا طائل وبلا مقابل هي السبب، ولم نعد قادرين على ملاحقة الأحداث من فرط سرعتها ودورانها وضخامتها وتغير الثوابت في السياسة والجغرافيا والتاريخ، باختصار إحنا جيل (مش فارقة) و(مفيش فايدة) و(غطيني يا صفية على رأي زعيم الأمة سعد باشا زغلول) مفيش في تاريخ مصر كله عجبنا غير العبارة دي (مفيش فايدة.. غطيني يا صفية)، وقد تكون عبارة مختلقة لم تصدر عن سعد زغلول من أساسه،

ويظهر الفارق كبير في كافة المهن والمجالات بينها أساتذة الجامعات والصحفيين والكتاب والأطباء والمهندسين.. الخ وفيما يخص أساتذة الجامعات الذين تخرجوا في بداية الثمانينيات وما قبلها فهم في غاية الارتباك، وتراجع لديهم المستوى الاكاديمي ولا يهتمون كثيرا بمصلحة طلابهم، وليس لديهم الحرص الكافي لمساعدة طلابهم في التحصيل أو الترقي الاكاديمي، بل على العكس كثير منهم يتعنتوا مع طلابهم ويتعمدون تعطيل مسيرتهم بدلا من مساعدتهم.

ومن رحمة ربنا بمصر أن هناك أجيالا أفضل وأداؤها أفضل وغاية في الجدية ولديها من الأدوات ما تستطيع به التغيير، والقدرة على تنشئة أجيال جديدة وتعليمهم في الجامعات الحكومية المجانية، وبسبب ضعف إمكانيات أهاليهم لا يستطيعون حتى شراء الكتب أو تصويرها.

وتجد أساتذة في الجامعات الحكومية، ولكن ليسوا من جيلنا وإنما من جيل أصغر بسبع سنوات وأكثر يعملون بالنموذج الغربي الحديث ويجتهدون غاية الاجتهاد للحصول للطلبة المصريين غير القادرين من المتفوقين على منح أوروبية، واستقدام أساتذة من كبريات الجامعات الأوروبية للتدريس لطلابنا في جامعة القاهرة وباقي الجامعات الحكومية، وخاصة في أقسام اللغات، ومنهم زوجتي الغالية الدكتورة عبير عبد الحافظ بجامعة القاهرة.. لديها طاقة إيجابية كبيرة جدا، وطول الوقت تنتصر لطلابها وتعمل على حل مشاكلهم وتيسير حصولهم على البعثات والمنح للجامعات الإسبانية والأوروبية، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة أمام الطلاب المتفوقين وغير القادرين، وفي نفس الوقت تريد أن تصلح كل شيء فيه عطب في مجتمعنا المكمكم، وتريد محو الأمية ومكافحة الجهل والفقر والمرض وإصلاح التعليم الجامعي وما قبل الجامعي، ونقل التجربة الأوروبية والإسبانية في النهضة إلى مصر، من خلال التعليم، وهو شأن عظيم.

هي تستطيع أن تقرأ كتابا من 400 صفحة في 4 ساعات في حين أننى أقرأ كتابا من 40 صفحة في 40 يوما (نعم هناك فرق سرعات رهيب) والطموح العلمي كبير لدى هذا الجيل ومفيش "أنتخة" زي ما عملنا منذ أن خرجنا للحياة العملية بدون وعي حقيقي لما هو آت، وما هو الهدف من الدراسة الجامعية وبدون خطط للمستقبل وبدون رغبة في استكمال الدراسات العليا والاستزادة في الأبحاث، واكتفينا بالشهادة الجامعية وخرجنا بعدها للحياة العملية بدون التدريب الكافي لسوق العمل واحتياجاته، وكانت كلها تجارب فردية واجتهادات منها ما أصاب ومنها ما خاب ومازلنا، ولكن الأمل في الأجيال اللاحقة علينا في مواكبة العصر والإصرار على الإصلاح.

 وأتمنى أن يفلح هذا الجيل فيما فشل فيه جيلنا البطيء الذي يصعب عليه أداء أكثر من مهمة في وقت واحد لم نشارك في الحياة السياسية، ولم نحاول إصلاح عيوب مجتمعاتنا "المكمكمة" و"العنكبوت" "معشش" في الأدمغة بسبب التدين الزائف البعيد كل البعد عن أخلاقيات الإخلاص في العمل وإتقانه، وأصبح الاستسهال سمة من سمات جيلنا واستسغنا الواسطة، واستسغنا القبح من حولنا في كل شيء والتلوث البصري والسمعي، ناهيك عن التلوث البيئي، ورفعنا شعار (يعني هو أنا هأصلح الكون لوحدي)، وكانت النتيجة يا سادة أننا جيل جاء للحياة وسيذهب بدون أن يترك ورائه سوى السلبيات، التي أتمنى أن تنجح الأجيال اللاحقة في إصلاحها وتصحيح مسار المجتمع والتخلص من الموروث الثقافي الرديء.

أناشد الأجيال الشابة والفتية ألا يأخذوا عنا أو من تجربتنا شيء وعليهم الإصرار على الإصلاح، ولعل اتجاه القيادة السياسية والرئيس السيسي نحو الشباب من خلال مؤتمرات الشباب التي تنعقد بشكل دوري، وشهدنا منها حوالي أربعة مؤتمرات أو أكثر، يكون مجرد بداية لترك الدفة والقيادة للشباب على الأرض وليس مجرد شعارات.. وأناشدهم أن يتحملونا -احنا جيل الستينات ومن سبقنا من جيل الخمسينيات- حتى نرحل في هدوء بدون تأثير يذكر أو إيجابيات يستطيعون البناء عليها أو إصلاحها.. ورفقا بنا.. والله المستعان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط