الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة يوضح حكم القنوت في صلاة الفجر

صدى البلد

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الفقهاء اتفقوا على مشروعية القنوت -الدعاء- واستحبابه في صلاة الفجر في النوازل -الشدائد-، واختلفوا في مشروعيته فيما عدا ذلك.

وأكد «جمعة» في إجابته عن سؤال: «ما حكم قنوت الفجر؟» أن الناظر في واقع الأمة الإسلامية الحالي يجد أن الأمم قد تداعت عليها من كل جانب، مما يجعلها في أمس الحاجة إلى الدعاء والتضرع إلى الله تعالى بالقنوت وغيره.

وأشار المفتي السابق، إلى أن القنوت في صلاة الفجر سنة نبوية ماضية قال بها أكثر السلف الصالح من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم مِن علماء الأمصار، وجاء فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَنَتَ شَهرًا يَدعُو على أحياءٍ من العرب، ثُم تَرَكَه، وأمّا في الصُّبحِ فلم يَزَل يَقنُتُ حتى فارَقَ الدُّنيا». وهو حديث صحيح رواه جماعة من الحفاظ كالدارقطني في «سننه» وأحمد في "مسنده" والبيهقي في "السنن الكبرى" وصححوه كما قال الإمام النووي وغيره.

وأضاف: وبه أخذ الشافعية والمالكية في المشهور عنهم، فيستحب عندهم القنوت في الفجر مطلقًا، وحملوا ما رُوي في نسخ القنوت أو النهي عنه على أن المتروك منه هو الدعاء على أقوام بأعيانهم، لا مطلق القنوت.

وألمح إلى أن الفريق الآخر من العلماء يرى أن القنوت في صلاة الفجر إنما يكون في النوازل التي تقع بالمسلمين، فإذا لم تكن هناك نازلة تستدعي القنوت فإنه لا يكون حينئذٍ مشروعًا، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة.

وأوضح: فإذا أَلَمَّت بالمسلمين نازلة فلا خلاف في مشروعية القنوت في الفجر، وإنما الخلاف في غير الفجر من الصلوات المكتوبة، فمِن العلماء مَن رأى الاقتصار في القنوت على صلاة الفجر كالمالكية، ومنهم مَن عَدّى ذلك إلى بقية الصلوات الجهرية وهم الحنفية، والصحيح عند الشافعية تعميم القنوت حينئذٍ في جميع الصلوات المكتوبة، ومثَّلوا النازلة بوباءٍ أو قحطٍ أو مطرٍ يَضُرُّ بالعمران أو الزرع أو خوف عدوٍّ أو أَسرِ عالِمٍ.

وبيّن أن العلماء إنما اختلفوا في مشروعية القنوت في صلاة الفجر في غير النوازل، أما في النوازل فقد اتفق العلماء على مشروعية القنوت واستحبابه في صلاة الفجر، واختلفوا في غيرها من الصلوات المكتوبة.

وأفاد بأن قنوت صلاة الفجر مشروع في واقع الأمة الحالي؛ بالنظر إلى ما تعيشه من النوازل والنكبات والأوبئة وتداعي الأمم عليها من كل جانب، وما يستوجبه ذلك من كثرة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى عسى الله أن يرفع أيديَ الأمم عنا ويَرُدّ علينا أرضنا وأن يُقِرَّ عين نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بنصر أمته ورد مقدساتها، إنه قريب مجيب، هذا إذا أخذنا في الاعتبار تواصل النوازل وعدم محدوديتها.

واختتم: وأما مَن قال بمحدودية النازلة ووقّتها بما لا يزيد عن شهر أو أربعين يومًا، فالأمر مبني على أن مَن قَنَتَ فقد قلّد مذهب أحد الأئمة المجتهدين المتبوعين الذين أُمرنا باتباعهم في قوله تعالى:«فَسْأَلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ» (النحل: 43) ومَن كان مقلدًا لمذهب إمام آخر يرى صوابه في هذه المسألة فلا يحق له الإنكار على مَن يقنت؛ لأنه "لا يُنكَر المختلف فيه"، ولأنه "لا يُنقَض الاجتهاد بالاجتهاد".