الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أهو مشي يا ولاد‎


كل ما يأتي في يوم ما سيذهب في يومًا ما، أو ستذهب أنت تاركًا إياه في يومًا حاله هو "ما"... حقيقة مرعبة هي ما تدفعنا دائمًا للتوجس والترقب مع كل ما نودعه ويكون لسان حالنا أيها الراحل هل ستعاود الكرة وتأتي !! وإذ أتيت أنت هل سأبقي أنا!! وإذ وجدتني فماذا ستكون حالتي!! وهذا يبرر المشاعر المختلطة الملونة بالحنين إلى من لم يتركنا بعد ، والشوق إلي من يستعد بالرحيل.

هذا هو حالنا دائمًا عندما نودع الشهر الكريم فبالرغم من المعاناة "المتفاوتة " اللتي يشعر بها كل منا في صراعه مع نفسه لظبطها ومع أعصابه لربطها علي امتداد نهاره ولياليه إلا إننا لا نستطيع أن نتخلص من القلق خشية أنه مفارق والخوف خشية أن نكون نحن المفارقين... وتمرق ليالي رمضان سريعة مليءة بتفاصيل ألفناها ومفاجآت اعتدناها... فرمضان هو شهر الحكايات التي لا تكف شاشات التلفزيون عن روايتها أناء الليل وأثناء النهار.

ولكن فيما يبدو أن العدوى انتقلت للجرائد والمواقع الإخبارية لملاحقة اللهاث السياسي لما يحدث في مصر والوطن العربي والمجتمع الدولي، وربما تفوقت حواديت الأخبار علي حواديت الدراما في سرعة الأحداث حتى لا يصاب المشاهد (الغلبان )بالملل فيكفيه نصيبه منها في الدراما، وإن عيب علي كلاهما ضعف ( الحبكة ) فالأحداث تبدو غير منطقية ولا تشابه بينها وبين الواقع ( الذي نتمناه )!! 

ولكن أحد أهم مزايا الشهر الكريم أنه يجعل عقلك يبلع ( الزلط) فكثرة الحكايات وتعدد الروايات تؤثر سلبًا في قدراتك على الفهم والتحليل والتركيز وهذا ما يركن إليه صُنَّاع الدراما قديمًا وصُنّاع السياسة حديثًا!! رمضان شهر الفوازير منذ أختراع موجات الأثير ووصولًا إلي الشاشة ، الفزورة كانت داءمًا أحد أهم أركان الشهر الكريم وكنا جميعًا كبارًا وصغارًا نتسابق لحلها أصبنا أم أخفقنا لا يعنينا ما يهم أنه داءمًا ما كان لدينا إجابة ( منطقية) للفزورة ، ومع مرور الوقت اختفت الفزورة اللتي نحيا معها دقائق معدودة كل ليلة من ليالي رمضان لتظهر فزورة نحياها في كل دقيقة من أيامه وبالرغم من ذلك لن تجد الحل ( المنطقي )!! 

أي تجمُّع حتي وإن كان لشخصين فقطعًا كان ثالثهما هو الشكوي من الغلاء وكثرة الأعباء وفي نفس الجلسة ستجد الشكوي بسبب الأحراج الذي تعرض له البعض من نفاذ الحلويات والمشهيات اللتي وصل سعر بعضها ل ٨٠٠ جنيه للطبق في المحلات قبل موعد الأفطار !! و ستجد (النبيه )في تلك الجلسة ينصحك بضرورة عمل ( أوردر) في اليوم السابق حتي تلحق بركاب (آكلي الحلو ) وقطعًا يجب أن تستفيد من درس ( النصاحة ) إذا أردت أن تتناول إفطارًا أو سحورًا خارج البيت ولكن أنتبه هنا الحجز علي أقل تقدير قبلها بثلاث أيام وإلا لا تلومن إلا نفسك!! فكل الأماكن شديدة الزحام حتي تعتقد لوهلة أن هذا أمتداد لمواءد الرحمن ولكن عندما تسعفك ذاكرتك بعدد المءات اللتي دفعتها للحصول علي تلك الوجبة اللتي عادة ما تكون ( سيئة) ستيقن إنها ليست امتداد لموائدالرحمن فغالبًا لم تري منها الكثير في طريقك!! ولن تنتهي الجلسة إلا مع التأكيد علي أمرين ، الأول حجز رحلات العيد (بدري )حيث أن معظم فنادق مصر كامل العدد !! والثاني أن الغلاء فاحش!!!! كم أنت سريع يا رمضان كنّا بالأمس القريب نشدو ( أهو جه يا ولاد) وها نحن اليوم نتأسف ( أنه مشِي يا ولاد) ... رحلتك قصيرة الأجل ولكنها ممتدة الأثر سواء النفسي أو الجسدي والروحي... أنتهي الشهر ولم تنتهي حكاياته ، ذلك الزاءر السريع كما أزاح عن أرواحنا همومها ألقي فيها تساؤلات وزرع فيها أمنيات كانت أكبرها أن ندرك العيد نجد كعكة علي حاله ولا يطوله التشويه الذي أصاب الكنافة فلا نفاجأ بكحك بالمانجو أو بالشيكولاتة و ربما بالكنافة نفسها!! ولكن لأن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فجاء العيد ومعه كحك ( بالريد ڤيلڤت) والبقية تأتي.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط