الشوكولا السوداء

نكهة بطعم الحياة ، مزيج من المرارة مصحوب بحلو المذاق ، وكأنك تُلخص الحياة في قطعة من الشوكولا السوداء. إذا تناولت قطعة منها وأسرعت في مضغها لا تشعر سوا بطعم المرارة ، وإذا تناولت قطعة منها وتركتها لتذوب ببطء دون أن تسارع في التهامها فإذا بالمرارة تتحول إلي مذاق ممتع يأخذك بعيدًا لتبحر في قصة الحياة... حياة علمنا فيها المولي عز وجل أن نصبر علي كل ما هو مُر حتى ننال ثواب الصبر وتتحول حينها مرارة الحياة إلي سعادة وسرور.

حياة مكتوبة رفعت من بعدها الأقلام وجفت الصحف قبل أن نحياها ، نتعلم فيها الحكمة والموعظة الحسنة. يسرد فيها المولي عز وجل روايات مُرة وروايات سعيدة ، وطرق مرسومة نختار منها الأصلح ونحاسب علي اختياراتنا ... لكل منا مصير محسوم فاصبر علي كتابك وامضي فيه ببطء وكأنك تتذوق مرارة الشوكولا السوداء. وتعلم كيف تصبر علي ما يحدث لك وتشهد عليه روحك من مر الأيام ... أحيانا تأتي عجاف صعبة وأحيانا تكون مملوءة بالخير واليسر والبركات.

من أكثر الأوقات التي استمتع فيها وأتذكر حكمة الحياة حينما يستوقفني طعم القهوة الجميل في قطعة صغيرة من الشوكولا السوداء ،أتذكر حينها شريط الذكريات وما علمتني الحياة ، حكمة بالغه ، طفولة فشباب فكهولة ثم كبر وختام ، رحلة شاقة قد تأخذ العديد من السنوات وقد تنتهي في منتصفها أو أولها. الجميع علي رحيل وفي انتظار الموعد المنتظر .. يأتي فيه قطار الموت ليعيدك من حيث أتيت ، جنة أو نار وأنت من يختار ... يا الله يا بديع الكون هوّن علي عبادك واجعل الحياة صغيرة كقطعة الشوكولا السوداء ، تذوب فتنتهي معها الفتن ونعود إلي جنة الخلد وتنتهي حكاية الحرب التي جئنا من أجلها ،حرب مُرة بين الخير والشر وطريق محسوم ، ونعود من حيث أتينا وتنتهي المعاناة.

قالوا عنها داء ودواء ، تشتاق روحك لها دون أن تشعر إذا اكثرت منها أدمنتها ، قد تطيل العمر وقد تصيبك بالمرض وأنت من يختار... فالشوكولا حياة تحيا فيها ومعها فإذا اندمجت معها كثيرا أصابك شرها وإذا استمتعت بالقليل منها تركت لك حكمتها في الحياة.فكن علي حذر وأنت تتناول الشوكولا السوداء وتعامل معها كما تتعامل مع فتن الحياة .

تعلم دائمًا أن لا تفرح كل الفرح ولا تحزن كل الحزن ، فالتوازن بين المُر والحلو هو كل ما نحتاج إليه لكي نعبر بأمان من فتن هذا الزمان، تذكر قول المولي عز وجل وأنت تتناول قطعة من الشوكولا السوداء

اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ۖ وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ ۚ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)