الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التاريخ كما يجب أن يكون


بين الحين والآخر تطالعنا كتابات تاريخية مختلفة عن السائد من معارفنا التاريخية لدرجة اننا بدأنا نشك فى الثوابت التاريخية القديمة والحديثة، فهناك من يريد زعزعة التاريخ بإدخال تفاصيل ورؤى جديدة لتشتيت أفكارنا التاريخية التى ترسخت داخلنا , وبالتالى ستكون أمامنا تفاصيل كثيرة مغلوطة للتناقض الذى طالها سواء من المؤرخين القدامى أو الذين نتعايش معهم الان.

وحينما كنت أقرأ مشاهد فى كتب التاريخ القديم , وجدت تناقضا لا محدود بين كل كاتب لنفس المشاهد , وحيث إن كل كاتب ومؤرخ نقل الصورة من وجهة نظره بتصرف وفقا لأهوائه وميوله ورغباته .. فمشاهد التاريخ القديم والحديث بها مغالطات كثيرة ولا أحد يستطيع تصحيحها للأسف لأنه لا أحد يمتلك المرجع الحقيقى المكتوب بعيدا عن الأهواء والميول والرغبات.

ولأن النفس أمارة بالسوء فكان للمؤرخين وكتاب التاريخ وأصدقائهم الذين شجعوهم نصيب من سوء نفوسهم حينما إبتعدوا عن الحق واقتربوا من تأليف الباطل وسرحوا بخيالهم المريض فى جنبات الفكر فأبدعوا فى الخيال , ولم يكن مطوبا منهم إلا الحقيقة المجردة من الخيال حتى لا يختلط الحابل بالنابل وحتى يعطى لكل ذى حق حقه.

ولأن المؤرخ يمتلك هواية الكتابة والتأليف والسرد فقام بكتابة التاريخ , ولأنه أيضا لا يمتلك معايير النقل المهنى فقد شرد بخياله ليصنع حبكة درامية لكل حدث بعيدا عن الحقيقة وكأنه يقوم بكتابة سيناريو لقصة حقيقية ويضع فيها بصمته بميوله وأفكاره ومعتقداته التى يريد أن يروجها بشكل غير مباشر.

ليصل إيحاء الى قراء التاريخ مثلى الذين يقرأونه من مصادر متعددة أن التناقض والتعدد فى الأراء يجعلنى أؤكد أن المعلومات التى قدمت إلينا لم تكن موثقة بالقدر الكافى وليس لها علاقة ربط بالتاريخ الحقيقى الذى يستند الى معلومات أكثر توثيقا وأكثر قيمة ولها إشارات مرجعية حقيقية يجب الإستناد عليها فى لحظة الخلاف الذى قد ينشب بسبب حادث تاريخى معين , ولهذا يجب نقل التاريخ من خلال شرفاء وليسوا مبدعين بالضرورة.

وما أريد التأكيد عليه أن هناك كُتابا للتاريخ ينقلون الإيجابيات ويهملون السلبيات على إعتبار أن السلبيات لا يجب الإقتراب منها أو التصوير ولا يجب أن تنقل لأن الكتابة عن أصحابها شرف سينالوه .. والحقيقى أن التاريخ لابد أن يكتب كما هو وكما ينبغى أن يكون بحلوه ومره , بإيجابياته وسلبياته , ببعيده وقريبه , بفوقه وتحته وبكل جوانبه , دون تمييز جانب عن أخر أو إغفاله.

والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة علينا فى مصر , ما الجهات المنوط بها حفظ التاريخ الحقيقى ؟ فمكتباتنا للأسف لا تحتوى على مخطوطات تاريخية حقيقية بقدر إحتوائها على المراجع العلمية والفلسفية , فمثلا مكتبة الاسكندرية بالرغم ضخامة المحتوى الموجود بها إلا أن الباحثين فى التاريخ لا يلجأون إليها لأن المخطوطات الموجودة بها عادية للغاية , ويلجأ الباحثون للأسف للمكتبات البريطانية لأنها تحتوى على وثائق تاريخية مرتبطة بالمنطقة العربية والعالم كله , ولا تجد هذه الوثائق فى مكتباتنا العربية , وإذا اعتبرنا أن المكتبات المصرية تحتوى على ما يفيد إلا أن الباحث فى التاريخ يلجأ الى جهات أخرى غير مصر او غير عربية ليتسنى له إتمام بحثه التاريخى واستقاء المعلومة.

ولهذا أدعو كافة الجهات الرسمية بالإفراج عن كافة الوثائق التاريخية مثل وثائق حرب اكتوبر ووثائق ثورة 1952 فلا يوجد عندنا ما هو مرتبط بثورة 1952 غير مذكرات الضباط الأحرار الذين شاركوا فى هذه الثورة ... والإفراج عن الوثائق التاريخية لن يكون عيبا وخاصة ان العالم اصبح قرية صغيرة ولا يوجد سر فى ظل موقع وثائقى مثل ويكيليس الذى قام بفضح كل دول العالم أمام بعضها البعض.

ياسادة ... أدعو القائمين على الثقافة والكتابة والـتأريخ فى مصر عمل لجنة جديدة حيادية مشهود لها بالنزاهة وعدم الميل ناحية الهوى لكتابة التاريخ من جديد وتوثيق المرحلة لحظة بلحظة وجمع الوثائق العالمية المرتبطة بمصر ووضعها فى مكان أمن وجعلها مرجع للطلبة والباحثين الذين يلجأون الى دول الغرب للإستفادة من الوثائق التى تخصنا والموجودة عندهم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط