الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أكشاك الفتوى‎


تابعت التعليقات على أكشاك الفتوى ، ولم أعلق على هذا الموضوع أبدا ، وإليكم رأيى المخالف للكثير.

أرى أن معظم الشعب المصرى أصبح هو نفسه كشك فتوى متنقل تارة على الفيس بوك وتارة على تويتر وأخرى على الإنستجرام وسناب شات فهذه جميعا فتاوى السوشيال ميديا غير فتاوى الكافيهات والعمل وجلسات السمر ووقفة الكورنيش ... الخ.

فلماذا تستغربون من أكشاك الفتوى؟ على أقل تقدير فهؤلاء متخصصون ودارسون ومعهم إجازة رسمية وشرعية بالفتوى .

أصبح كل قرار تتخذه الدولة لإصلاح أى نقاط ضعف بها محل تريقة واتهام وإسفاف .

والمشكلة الحقيقية أنه أصبح هناك أباطرة رأى تكن مع آرائهم أو تكن ضدهم ، لا يؤمنون بالرأى والرأى الأخر
وإن كنت ضدهم حلت عليك لعنة الأباطرة .

لماذا لم نفكر بإيجابية أم خلقنا لنعترض فقط ؟
لماذا لم نحسن النية ؟

لعلها بداية جديدة لتجديد الخطاب الدينى ، وبناء قاعدة جماهيرية عريضة من بسطاء الناس ، فمصر ليست كلها وزراء أو مهندسين أو أطباء أو مستشارين أو سفراء .

لماذا لم نفكر أن هذا الفكر الجديد طريقة جديدة متطوره وسهلة للوصول إلى عامة الشعب، رجل الشارع البسيط الذى لم يصل إلى شيوخ الإفتاء عن طريق الخط الساخن أو عن طريق برنامج فى التليفزيون أو للشيوخ بدار الإفتاء ، هم يسهلون على البسطاء فلماذا تصعبونها عليهم يرحمكم الله ؟.

هل فكرنا بطريقة إيجابية بأن وجود مثل هذه الأكشاك المتواجده فى أماكن كثيرة تقطع الطريق على مثل شيوخ الفتن غير المؤهلين علميا الذين يفتون دون أن يكون معهم إجازة فتوى ، فيطلقون ويرجعون ويحكمون ويحللون ويحرمون وهم غير مؤهلين ، وتجدهم بسهولة فى زاوية تحت منزل أو جلسات علم منزلية ...الخ .

شيوخ الإفتاء قرروا أن ينزلوا للبسطاء ونحن حكمنا عليهم من أول قراءة الخبر لم نرهم أو لم نحكم على التجربة ، ما هذا الهراء ، أصبح كلام العامة فى أمور الخاصة ، نعم هم من الخاصة فعلمهم علم تخصصى لا أنت ولا أنا نستطيع أن نقول ونجيز ونحلل فى شئونهم .

ولكن أعجبنى رأى واحد فقط من رجل مستنير فكريا كتب أن الكشك وضع خلف لوحة جدارية للفن التشكيلى فى المترو فماذا أنتم فاعلون بالثقافة ، ورأى آخر يقول لن تتقدم مصر إلا إذا حل التشريع مكان الفتوى، وهنا وجدت الرأيين لهما معنى ومغزى فكرى وليس اعتراضا لمجرد الاعتراض.

فكان الأوجب على دار الإفتاء عند اتخاذها للقرار أن تدرسه وتدرس أهدافه التى تريد الوصول إليها ، وما هى الإستراتيجيات التى ستتبعها لتحقيق هذه الأهداف ، ومنها المكان فالتوزيع يجب أن يكون مدروسا وغير عشوائى، أما طريقة "سمك لبن تمر هندى" فلا تليق بوقار هؤلاء الشيوخ ، وأتمنى أن يكون انتقاؤهم بشكل معيارى ، بجانب معيار الفتوى بالطبع ، فهم الآن سيتعاملون مع الجمهور بشكل مباشر كخدمة عملاء .

ظاهرة رفض المجتمع لأى قرار تتخذه الدولة أصبح شيئا لافتا للنظر وأصبح غير صحى على الأجيال الحديثة المتمردة بطبيعتها.

متى سيتسع أفقنا لمعنى الإدراك ، فالعالم قرية صغيرة أصبح مصطلحا قديما، فالعالم أصبح جيرانا من الدرجة الأولى هل ندرك حقا ما نحن فيه ، لقد ظهر أو عاد للظهور العنصريون والإرهابيون والقبليون وعصابات الاتحادات المنظمة للمجرمين وعصابات المخدرات والسياسيون المتسلطون فى عدد كبير من البلدان .

واستجد علينا الناشطون السياسيون شغلة من لا شغلة له.

فإذا كان هناك بداية أمل من أكشاك الفتوى فلمَ لا ، ويجب معها تجديد الخطاب الدينى ، ووضع تشريعات جديدة تناسب المستجدات وما نحن فيه ، وعلى كل هيئة ووزارة فى البلد أن تقوم بخطة تطوير وتتواصل مع البسطاء ملح هذا البلد ، فمثلا وزارة الثقافة ميزانيتها كبيرة ولكنها كمعظم الوزارات متكدسة بالعمالة الزائدة التى تأكل هذه الميزانية مابين المكافآت والحوافز والبدلات...الخ .

فلماذا لم تُفعل البروتوكولات بينها وبين وزارة التربية والتعليم مثلا كى تنتج لنا أجيالا ، مثقفين ومدركين لحقيقة الوضع الراهن فهى المنوطة بالثقافة .

لماذا إلى الآن الثقافة للمثقفين فقط؟.

لماذا لم "تنزلوا" لأرض الواقع ، للناس بأكشاك ثقافية وفعاليات ثقافية لن تكلف الوزارة غير الأكشاك وبعض الادوات والكادر موجود وبكثرة ، كأكشاك الموسيقى التى قامت بها الثقافة الجماهيرية "هيئة قصور الثقافة" من قبل ولاقت نجاحا مبهرا لبسطاء الناس وكأتوبيس الفن الجميل ، هذه هى الأنشطة سهلة الوصول إلى الشعب البسيط، الشعب الذى يفرح أبناؤه ببالونة تقدم له، ومعها يأخذ معلومة ثقافية .

بدلا من انتقاد فكرة أكشاك الفتوى "ونسف"عليها ، قدموا اقتراحات أنتم ، لكيفية وصول الخطاب الدينى الصحيح المتطور إلى الشعب .

والغريب أن معظم المواطنين أصبحوا يتحدثون فى كلام المتخصصين وكأنهم يعلمون كل الخلفيات ودارسون ، فلو تحدثت فى تخصصك أنت ومهنتك بدلا من الحديث فى تخصصات الأخرين ، ولو طورت من مهاراتك الشخصية والعملية لتفيد به عملك، لكان المردود على بلادنا عظيما حال البلدان المتقدمة .

يا سادة البلد تشبعت من الكلام فهى تحتاج إلى العمل والكفاح فهيا على الفلاح .

وكفانا مركزية ، القاهرة متشبعة بالثقافة والأنشطة الثقافية ، فبؤر الإرهاب لا يخرج معظمها إلا من أبناء القرى والمحافظات لأزماتهم المالية والفكرية ، "انزلوا" من أبراجكم العالية واسمعوهم واحتووهم ، وائتوا برجال الأعمال وابدأوا ، بالصناعات الصغيرة وأهلوهم لآليات سوق العمل الجديدة .

فكما أن هناك دورا على المواطن، هناك أيضا أدوار على الدولة فهكذا تبنى الأوطان حكومة حاسمة منفذة للقانون تطبقها بأيد من حديد وعلى الجميع .

فالمجتمع لن ينهض من غفوته قبل أن نكثف التطورات الفكرية وقبلها التطورات الإنسانية لشعب أصبح جافا، فمصرنا تحتاج شعبًا واعيًا يجتهد فى تأهيل نفسه ويتقى الله فى كل حرف ، ويعمل فالعمل عبادة وهو من أصل ديننا وليس شعبا متواكلا وكل "شغلته" الرغى على السوشيال ميديا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط