الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ارتفاع سعر الدولار وعصر الصناعة المصرية


نزل خبر إفتقار مصر لتكنولوجيا تصنيع الاستيكة والقلم الرصاص كالصاعقة على رءوس المصريين ، فلم يكن أحد يتخيل على أرض المحروسة ، أننا تستورد من الخارج الأستيكة التي يستخدمها طلبة مدارسنا لرفض الشركات الأجنبية المنتجة نقل هذه التكنولوجيا إلى مصر.

فأعلنت سلسلة مكتبات "سمير وعلي" أنها توصلت إلى إتفاق مع إحدى الشركات العالمية لإنتاج الاستيكة والقلم الرصاص في مصر، بعد أن إرتفعت أسعار المستورد منهما بنسبة تراوحت بين 150 الى 220 في المائة ليخرج ثمنهما عن قدرات نسبة كبيرة من أبناء الشعب المصري.

ولا شك أن دخول تكنولوجيا تصنيع الاستيكة والقلم الرصاص في مصر رغم تأخر ذلك لسنوات طويلة يعد بمثابة إحدى ثمار تعويم الجنيه المصري أمام الدولار، ليجد القطاع الخاص نفسه مجبرا على المساهمة في إنجاح إستراتيجية الرئيس عبد الفتاح السيسي الرامية لتحويل الإقتصاد المصري من إقتصاد تجاري يعتمد على الاستيراد من الخارج إلى إقتصاد صناعي يدير عجلة الإنتاج في مصر ويساهم في حل مشكلة البطالة خاصة بين الشباب.

فمن منا يمكن أن ينكر بعد الكشف عن إفتقادنا لتكنولوجيا الأستيكة عبارة الرئيس السيسي الشهيرة" إحنا عايشين في شبه دولة و ليس في دولة ولن نقبل أن نعيش بعد اليوم على المعونات" ، و يرى إقتصاديون أن تحرير سعر صرف الجنيه سيجبر كثيرا ممن يطلقون على أنفسهم رجال أعمال على تغيير مفهومهم المغلوط القائم على منطق في التجارة تسعة أعشار الرزق إلى واقع في الصناعة و التكنولوجيا الحديثة عشرة أعشار الرزق.

فلولا رفع سعر الدولار من 7 جنيهات إلى 18 جنيها ما استطعنا دخول عصر تكنولوجيا الاستيكة، يقول وليد شتلة رئيس مجلس إدارة مكتبات سمير وعلي  " إن مصنع الأستيكة والقلم الرصاص سيقام على مساحة 15 ألف متر مربع و سيساهم في إحلال المنتجات المحلية محل المستوردة ، و هو ما ينعكس إيجابا في خفض العجز في الميزان التجاري لمصر".

وأضاف أن مكتبات سمير وعلي ظلت تستورد الأستيكة والقلم الرصاص من الخارج لمدة تقترب من 50 عاما . و لن نجد تفسيرا لذلك سوى أن المكتبة وجدت نفسها مجبرة على تصنيعهما في مصر كنتيجة لإرتفاع سعر الدولار.

وإذا كان أسامة جعفر ، عضو مجلس إدارة شعبة الأدوات المكتبية باتحاد الغرف التجارية قد أرجع سبب إعتمادنا على الإستيراد من الخارج إلى رفض الشركات الأجنبية نقل صناعة تكنولوجيا الأستيكة إلى مصر، فإن الواقع يقول أن رجال الأعمال كانوا يستسهلون المكسب من خلال الاستيراد من الخارج مستغلين إنخفاض سعر الدولار أمام الجنيه بدلا من إقامة صناعات في مصر و خوض غمار التصنيع الذي يتطلب جهدا أكبر و إنتظار مدة أطول لتحقيق الربح الوفير.

ولذا ينبغي على الدولة فورا أن تصنف رجل الأعمال أو البيزنس مان على أنه الرجل الذي يصنع و يزرع في مصر و يدير عجلة الإنتاج فيساهم في مكافحة البطالة و توفير العملة الصعبة . و في المقابل ينبغي غليها أن تطلق على كل من يستورد من الخارج لقب " سمسار" لأنه يدير عجلة الإنتاج في مصانع الصين و الهند و تركيا و إسرائيل و أمريكا و فرنسا و غيرها من الدول الصناعية و يساهم في تنمية هذه الدول إقتصاديا.

فمصر الزاخرة بالكفاءات في كل المجالات و لا ينقصها شيئا لتصنع و تتحول لدولة تكنولوجية سوى التخلي عن الإستسهال بالاستيراد من الخارج ، و لذلك يعد رفع سعر الدولار بمثابة مفتاح تحول مصر لدولة صناعية و نمر إقتصادي.

وفي النهاية لا يسع كل وطني مخلص إلا أن يرحب بالمعلومات التي تقول أن الرئيس السيسي يتعمد في الوقت الحالي عدم تخفيض سعر الدولار في مصر برغم توافره في البنوك و لدى شركات الصرافة حتى يتمكن من مواصلة إستراتيجيته القائمة على " صنع في مصر " .فهل يتحمل المصريون إرتفاع أسعار المستورد لفترة قصيرة من الزمن حتى نرتدي و نتنقل و نأكل مما تصنعه أيدينا أعتقد أن المصريين قادرون على ذلك و التاريخ يقول باللغة العامية "المصري تلاقيه وقت الشدائد".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط